الثلاثاء، 7 مايو 2013

حكمة معاوية

وقال معاوية: آفةُ المروءة الكبر وإخوانُ السوء، وآفةُ العلم النسيان، وآفةُ الحلمِ الذُّل، وآفةُ الجودِ السرف، وآفةُ القصد البُخْلِ، وآفةُ المنطق الفُحشِ، وآفة الجلدِ الكسل، وآفةُ الرزانة الكبر، وآفةُ الصمتِ العيّ، وآفة اللبّ العجب، وآفة الظَّرف الصلف، وآفة الحياءِ الضَّعف. وقال: لا جَدَّ إلا ما أقعص عنك ما تكره. وقال: لا تعدنَّ شيئاً، وحسبك جوداً أن تُعْطِيَ إذا سُئِلْتَ. وقال لابنه يزيد: ما المروءة؟ فقال: إذا ابتليتَ صبرتَ، وإذا أعطيتَ شكرتَ، وإذا وعدتَ أنجزْتَ. قال: أنتَ منِّي، وأنا منك يا يزيد. وقال معاوية: المروءة مؤاخاةُ الأكفاء، ومداجاةُ الأعداء. وقال: ما وجدتُ لذةَ شيءٍ ألذَّ عندي غباًّ من غيظٍ أتجرعُهُ، ومن سفهٍ بالحلمِ أقمعُهُ. وقال له رجل: ما أشبه أستك بأستِ أمك فقال: ذاك الذي كان يُعْجِبُ أبا سفيان منها. وأغلظ له الرجل فاحتمله، وأفرط عليه فحلم عنه، فقيل له في ذلك. فقال: لا نَحولُ بين الناسِ وألسنتِهم ما لم يحولوا بيننا وبين ملكِنا. وقال لابنه: يابني، اتَّخِذ المعروف عندَ ذوي الأحسابِ تستمِل به قلوبهم، وتعظم به في أعينِهم، وتكفَّ به عنك عاديتهم. وقال: عليك بصديقك الأولِ، فإنك تلقاهُ على عهْدٍ واحدٍ، تقدَّم العهد أو شطَّتِ الدار. وإيَّاك وكلَّ مستَحدثٍ، فإنه يستَأْكِلُ كلَّ قوم، ويسعى مع كل ريح. ودعا يوماً بصبيٍّ له، فقبَّله، وضمّهُ إليهِ، وقال: من سرَّه الدهر أن يرى كبدهُ تمشي على وجه الأرض فلْيَرَ ولده. رُوي: أنه فُلَّت سرية لمعاوية، وكاد ينالُها الاصطلام، فوجم واغتمَّ غماَّ شديداَ. فقيل له في ذلك. فقالك ما اغْتمامي للسرية فقط، ولكن اغتمامي أن يكون حدث بالحرمين حدثٌ، فكان هذا لذاك، فكتب، ونظر، فإذا مولى لخالد بن أُسيدٍ قد عدا بسيفٍ في الحرمِ مشهورٍ، فكتبَ، فقطعت يده. كان عمر رضي الله عنه فرض للمهاجرين في خمسة آلافٍ، وفرض للناس بعدهم على اقدارهم عندة ففرض لأبي سفيان وضُربائه في ألفين، فلما صار الأمرُ إلى معاوية حطَّ العطاء إلى عطاء أبيه، فصار شرفُ العطاء في ألفينِ. قال معاويةُ يوماً: ما ولدتْ قرشيةٌ خيراً لقريشٍ مني، فقال ابن زُرارة: بل ما ولدَتْ شراً لهم منك فقال: كيف؟ قال: لأنك عوَّدتَهم عادةً يطلبونها من بعدك، فلا يجيبونهم إليها، فيحملون عليهم كحملهم عليك. فلا يحتمِلون وكأنيِّ بهم كالزِّقاق المنفوخةِ في طرقاتِ المدينة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق