الخميس، 1 أغسطس 2013

اللعب بالكلام ظاهرة طبيعية

اللعب بالكلام طبيعيّ، ليس الاّ الساذج من لا يلعب بالكلام، حتّى الغبي يلعب بالكلام. وليس هدف الكلام دائما تبيان الحقائق، ولو كان الامر كذلك لكانت الدنيا هي الجنّة. ولكن الكلام في وظائفه الأغلب لستر الحقيقة، لتوصيل فكرة. الكلام ضباب يغريك ليعرّيك. يلعب على الأضداد. نصناط، بهلوان متمرّس ومتمكن، يمشي على الحبال ، ويركض على حدّ السيف. كان بيار بورديو يتوقف كثيرا عند سلطان الكلام، وعند اللعب بالكلام، وا...لصورة، كتابه عن آليات التلفزيون وكواليس القول فيّاضة بالمعلومات.
لماذا نحكي؟ هل لنقول ما نريد قوله، ام لنخفي ما لا نريد قوله؟
يكفي ان نتوّقف عند عبارات تخرج تخرج من فم فتاة :" خدعني"، " ضحك عليّ"، غشني"، كذّب عليّ" ، " ما كان مبيّن عليه انّو كذّاب"....
ماذا تقول كلّ هذه التعابير؟
وتعبير آخر:" يتمسكن حتّى يتمكّن". يتظاهر، يدّعي، يوحي اليك، ولكنّه ليس مسكيناً، أذنك المسكينة، حواسك كلّها هي المسكينة، وليس فمه او سلوكه.
تحت لفّة الكلام قرون ملتفّة كثيرة ، قرون متشابكة كقرون بعض الأيائل، ولكنها قرون تحت لبدة الأسد.
ولقد صدق من قال ان ليس للكلمة معنى وانّما لها استخدامات.
الكلام ساحر، جذّاب، والسحر لعب على العيون والأسماع، والجذب هنا جذب بحبال من لايزر قد لا تراها العين، والحبال ليست مجازية كثيرا هنا، الا يقال:" جرجرني بالحديث؟"، والجرير من لحم الجرّ وهو يعني " الحبل"؟ وهذا يعني ان كلامه لم يكن كلاما وانما كان حبالاً وأسلاكا فـ" أسرني" بكلامه.
أذكر في الختام ان ثمة طائفة دينية في الهند لا تتكلم الا بما هو ضروريّ ومع الوقت تكاد الى ان تتحول الى فرقة خرساء، تصوم عن الكلام كما نصوم عن الطعام.
الإيمان بحيب هذه الفرقة لا يحبّ الثرثرة.
الا يقول العرب: ربّ قول اشدّ من صول؟
بلال عبد الهادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق