قال أبو سليمان، وقد جرى كلام في النظم والنثر: النظم أدل على الطبيعة، لأن النظم من حيز التركيب. والنثر أدل على العقل، لأن النثر من حيز البساطة. وإنما تقبلنا المنظوم بأكثر مما تقلبنا المنثور لأنا للطبيعة أكثر منا بالعقل، والوزن معشوق للطبيعة والحس؛ ولذلك يفتقر له عند ما يعرض استكراه في اللفظ. والعقل يطلب المعنى، فلذلك لا حظ للفظ عنده وإن كان متشوقاً معشوقاً. والدليل على أن المعنى مطلوب النفس دون اللفظ الموشح بالوزن المحمول على الضرورة؛ أن المعنى متى صور بالسانح والخاطر وتوفي الحكم لم يبل بما يقويه من اللفظ الذي هو كاللباس والمعرض والإناء والظرف. لكن العقل مع هذا يتخير لفظاً بعد لفظ، ويعشق صورة دون صورة، ويأنس بوزن دون وزن، ولهذا شقق الكلام بين ضروب النثر وأصناف النظم. وليس هذا للطبيعة؟ بل الذي يستند إليها ما كان حلواً في السمع، خفيفاً على القلب، بينه وبين الحق صلة، وبين الصواب وبينه آصرة، وحكمها مخلوط بإملاء النفس، كما أن قبول النفس راجع إلى تصويب العقل.
ثم قال: ومع هذا ففي النثر ظل النظم، ولولا ذلك ما خف ولا حلا ولا طاب ولا تحلا، وفي النظم ظل من النثر، ولولا ذلك ما تميزت أشكاله، ولا عذبت موارده ومصادره، ولا بحوره وطرائقه، ولا ائتلفت وصائله وعلائقه.
وقال كلاماً أكثر من هذا وقد أخرته إن شاء الله لرسالة معدودة في الكلام على الكلام، ثمرة هذا بتمامه فيها مع سائر ما يكون له بشرح تام وعناية بالغة، إن ساق الله إلى غايتها، ورفع هذا الفساد الذي قد منع من كل ما تهم النفس به من الخير، وصد عن كل ما يكون سبباً للسعادة. ولا ملجأ إلا إلى الله في كشف هذه الضراء، وإماطة هذه الأواء، فهو أول كل خير، وميسر كل طالب وناصره.
ثم قال: ومع هذا ففي النثر ظل النظم، ولولا ذلك ما خف ولا حلا ولا طاب ولا تحلا، وفي النظم ظل من النثر، ولولا ذلك ما تميزت أشكاله، ولا عذبت موارده ومصادره، ولا بحوره وطرائقه، ولا ائتلفت وصائله وعلائقه.
وقال كلاماً أكثر من هذا وقد أخرته إن شاء الله لرسالة معدودة في الكلام على الكلام، ثمرة هذا بتمامه فيها مع سائر ما يكون له بشرح تام وعناية بالغة، إن ساق الله إلى غايتها، ورفع هذا الفساد الذي قد منع من كل ما تهم النفس به من الخير، وصد عن كل ما يكون سبباً للسعادة. ولا ملجأ إلا إلى الله في كشف هذه الضراء، وإماطة هذه الأواء، فهو أول كل خير، وميسر كل طالب وناصره.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق