قال الإمام أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة رحمه الله تعالى الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين وصلى الله على محمد خاتم النبيين وآله الطيبين الطاهرين أما بعد أسعدك الله تعالى بطاعته وحاطك بكلاءته ووفقك للحق برحمته وجعلك من أهله فإنك كتبت إلي تعلمني ما وقفت عليه من ثلب أهل الكلام أهل الحديث وامتهانهم وإسهابهم في الكتب بذمهم ورميهم بحمل الكذب ورواية المتناقض حتى وقع الاختلاف وكثرت النحل وتقطعت العصم وتعادى المسلمون وأكفر بعضهم بعضا وتعلق كل فريق منهم لمذهبه بجنس من الحديث فالخوارج تحتج بروايتهم ضعوا سيوفكم على عواتقكم ثم أبيدوا خضراءهم ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم خلاف من خالفهم ومن قتل دون ماله فهو شهيد والقاعد يحتج بروايتهم عليكم بالجماعة فإن يد الله عز وجل عليها ومن فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه واسمعوا وأطيعوا وإن تأمر عليكم عبد حبشي مجدع الأطراف وصلوا خلف كل بر وفاجر ولا بد من إمام بر أو فاجر وكن حلس بيتك فإن دخل عليك فادخل مخدعك فإن دخل عليك فقل بؤ بإثمي وإثمك وكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل والمرجئ يحتج بروايتهم من قال لا إله إلا الله فهو في الجنة قيل وإن زنى وإن سرق قال وإن زنى وإن سرق ومن قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة ولم تمسه النار و أعددت شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي والمخالف له يحتج بروايتهم لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن و لم يؤمن من لم يأمن جاره بوائقه ولم يؤمن من لم يأمن المسلمون من لسانه ويده ويخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره ويخرج من النار قوم قد امتحشوا فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل أو كما تنبت التغاريز والقدري يحتج بروايتهم كل مولود يولد على الفطرة حتى يكون أبواه يهودانه أو ينصرانه وبأن الله تعالى قال خلقت عبادي جميعا حنفاء فاجتالتهم الشياطين عن دينهم والمفوض يحتج بروايتهم اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من كان من أهل السعادة فهو يعمل للسعادة ومن كان من أهل الشقاء فيعمل للشقاء وإن الله تعالى مسح ظهر آدم فقبض قبضتين فأما القبضة اليمنى فقال إلى الجنة برحمتي والقبضة اليسرى فقال إلى النار ولا أبالي والسعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقي في بطن أمه هذا وما أشبهه والرافضة تتعلق في إكفارها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بروايتهم ليردن علي الحوض أقوام ثم ليختلجن دوني فأقول أي ربي أصيحابي أصيحابي فيقول إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ولا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ويحتجون في تقديم علي رضي الله تعالى عنه بروايتهم أنت مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي ومن كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وأنت وصي ومخالفوهم يحتجون في تقديم الشيخين رضي الله عنهما بروايتهم اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ويأبى الله ورسوله والمسلمون إلا أبا بكر وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ويتعلق مفضلو الغنى بروايتهم اللهم إني أسألك غناي وغنى مولاي اللهم إني أعوذ بك من فقر مرب أو ملب ويتعلق مفضلو الفقر بروايتهم اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين والفقر بالرجل المؤمن أحسن من العذار الحسن على خد الفرس ويتعلق القائلون بالبداء بروايتهم صلة الرحم تزيد في العمر والصدقة تدفع القضاء المبرم وبقول عمر اللهم إن كنت كتبتني في أهل الشقاء فامحني واكتبني في أهل السعادة هذا مع روايات كثيرة في الأحكام اختلف لها الفقهاء في الفتيا حتى افترق الحجازيون والعراقيون في أكثر أبواب الفقه وكل يبني على أصل من روايتهم قالوا ومع افترائهم على الله تعالى في أحاديث التشبيه كحديث عرق الخيل وزغب الصدر ونور الذراعين وعيادة الملائكة وقفص الذهب على جمل أورق عشية عرفة والشاب القطط ودونه فراش الذهب وكشف الساق يوم القيامة إذا كادوا يباطشونه وخلق آدم على صورته ووضع يده بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين ثندوتي وقلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الله تعالى ومع روايتهم كل سخافة تبعث على الإسلام الطاعنين وتضحك منه الملحدين وتزهد من الدخول فيه المرتدين وتزيد في شكوك المرتابين كروايتهم في عجيزة الحوراء إنها ميل في ميل وفيمن قرأ سورة كذا وكذا ومن فعل كذا كذا أسكن من الجنة سبعين ألف قصر في كل قصر سبعون ألف مقصورة في كل مقصورة سبعون ألف مهاد على كل مهاد سبعون ألف كذا وكروايتهم في الفأرة إنها يهودية وإنها لا تشرب ألبان الإبل كما أن اليهود لا تشربها وفي الغراب إنه فاسق وفي السنور إنها عطسة الأسد والخنزير إنه عطسة الفيل وفي الإربيانة أنها كانت خياطة تسرق الخيوط فمسخت وأن الضب كان يهوديا عاقا فمسخ وأن سهيلا كان عشارا باليمن وأن الزهرة كانت بغيا عرجت إلى السماء باسم الله الأكبر فمسخها الله شهابا وأن الوزغة كانت تنفخ النار على إبراهيم وأن العظاية تمج الماء عليه وأن الغول كانت تأتي مشربة أبي أيوب كل ليلة وأن عمر رضي الله عنه صارع الجني فصرعه وأن الأرض على ظهر حوت وأن أهل الجنة يأكلون من كبده أول ما يدخلون وأن ذئبا دخل الجنة لأنه أكل عشارا وإذا وقع الذباب في الإناء فامقلوه فإن في أحد جناحيه سما وفي الآخر شفاء وأنه يقدم السم ويؤخر الشفاء وأن الإبل خلقت من الشيطان مع أشياء كثيرة يطول استقصاؤها قالوا ومن عجيب شأنهم أنهم ينسبون الشيخ إلى الكذب ولا يكتبون عنه ما يوافقه عليه المحدثون بقدح يحيى بن معين وعلي بن المديني وأشباههما ويحتجون بحديث أبي هريرة فيما لا يوافقه عليه أحد من الصحابة وقد أكذبه عمر وعثمان وعائشة ويحتجون بقول فاطمة بنت قيس وقد أكذبها عمر وعائشة وقالوا لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة ويبهرجون الرجل بالقدر فلا يحملون عنه ك غيلان وعمرو بن عبيد ومعبد الجهني وعمرو بن فائد ويحملون عن أمثالهم من أهل مقالتهم ك قتادة وابن أبي عروبة وابن أبي نجيح ومحمد بن المنكدر وابن أبي ذئب ويقدحون في الشيخ يسوي بين علي وعثمان أو يقدم عليا عليه ويروون عن أبي الطفيل عامر بن واثلة صاحب راية المختار وعن جابر الجعفي وكلاهما يقول بالرجعة قالوا وهم مع هذا أجهل الناس بما يحملون وأبخس الناس حظا فيما يطلبون وقالوا في ذلك
زوامل للأشعار لا علم عندهم
بجيدها إلا كعلم الأباعر
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا
بأحماله أوراح ما في الغرائر
زوامل للأشعار لا علم عندهم
بجيدها إلا كعلم الأباعر
لعمرك ما يدري البعير إذا غدا
بأحماله أوراح ما في الغرائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق