هَل مِن طبيبٍ لِداءِ الحُبِّ ، أوراقِى ؟ | يَشفِى عَليلاً أخا حُزنٍ وإيراقِ |
قَدْ كَانَ أَبْقَى الْهَوَى مِنْ مُهْجَتِي رَمَقاً | حَتَّى جَرَى الْبَيْنُ، فَاسْتَوْلَى عَلَى الْبَاقِي |
حُزنٌ بَرانِى ، وأشواقٌ رَعَت كَبِدِى | يا ويحَ نَفسِى مِن حُزنٍ وأشواقِ |
أُكلِّفُ النَفسَ صَبراً وهى جازِعة ٌ | والصَّبْرُ فِي الْحُبِّ أَعْيَا كُلَّ مُشْتاقِ |
لافى "سَرنديبَ" لِى خِلٌّ ألوذُ بِهِ | ولا أنيسٌ سِوَى هَمِّى وإطراقِى |
أبيتُ أرعَى نَجومَ الَّليلِ مُرتَفِقاً | فِي قُنَّة ٍ عَزَّ مَرْقَاهَا عَلَى الرَّاقِي |
تَقَلَّدَت مِنْ جُمانِ الشُهبِ مِنطَقَة ً | مَعقودة ً بِوشاحٍ غَيرِ مِقلاقِ |
كأنَّ نَجمَ الثُريَّا وهوَ مضطرِبٌ | دُونَ الْهِلاَلِ سِرَاجٌ لاَحَ فِي طَاقِ |
ولا بَرِحتِ مِنَ الأوراقِ فى حُلَلٍ | مِن سُندُسٍ عَبقَرِى ِّ الوَشى ِ بَرَّاقِ |
يا حَبَّذا نَسَمٌ مِنْ جَوِّها عَبِقٌ | يَسرِى عَلى جَدولٍ بِالماءِ دَفَّاقِ |
بَل حَبَّذا دَوحَة ٌ تَدعو الهَديلَ بِها | عِندَ الصَّباحِ قَمارِى ٌّ بِأطواقِ |
مَرعَى جِيادِى ، ومَأوى جِيرتِى ، وَحِمى | قَوْمِي، وَمَنْبِتُ آدَابِي وَأَعْرَاقِي |
أصبو إليها عَلى بُعدٍ ، ويُعجِبُنِى | أنِّى أعيشُ بِها فى ثَوبِ إملاقِ |
وكيفَ أنسى دِياراً قد تَركتُ بِها | أَهْلاً كِراماً لَهُمْ وُدِّي وَإِشْفَاقِي؟ |
إذا تَذكَّرتُ أيَّاماً بِهِم سَلَفتْ | تَحَدَّرت بِغروبِ الدَّمعِ آماقِى |
فَيا بريدَ الصَّبا بَلِّغ ذَوى رَحمِى | أنِّى مُقيمٌ على عَهدِى ومِيثاقِى |
وَإِنْ مَرَرْتَ عَلى «الْمِقْيَاسِ» فَاهْدِ لَهُ | مِنِّى تَحِيَّة َ نَفسٍ ذاتِ أعلاقِ |
وأنتَ يا طائراً يَبكِى على فَننٍ | نَفْسِي فَدَاؤُكَ مِنْ سَاقٍ عَلَى سَاقِ |
أذكرتني ما مضى والشملُ مجتمعٌ | "بمصر" زالحربُ لم تنهضْ على ساقِ |
أَيَّامَ أَسْحَبُ أَذْيَالَ الصِّبَا مَرِحاً | فِي فِتْيَة ٍ لِطَرِيقِ الْخَيْرِ سُبَّاقِ |
فيا لَها ذُكرة ً ! شَبَّ الغرامُ بِها | ناراً سَرَتْ بينَ أردَانِى وأطواقِى |
عَصرٌ تَولَّى ، وأبقَى فى الفؤادِ هَوًى | يَكَادُ يَشْمَلُ أَحْشَائِي بِإِحْرَاقِ |
والمَرءُ طَوعُ اللَّيالِى فى تَصَرُّفِها | لاَ يَمْلِكُ الأَمْرَ مِنْ نُجْحٍ وَإِخْفَاقِ |
عَلَيَّ شَيْمُ الْغَوَادِي كُلَّمَا بَرَقَتْ | وما عَلى َّ إذا ضَنَّت بِرَقراقِ |
فَلا يَعِبنِى حَسودٌ أن جَرى قَدَرٌ | فَلَيْسَ لِي غَيْرُ مَا يَقْضِيهِ خَلاَّقِي |
أسلَمتُ نَفسِى لِمولًى لا يخيبُ لَهُ | راجٍ عَلى الدَهرِ ، والمولى هو الواقى |
وهوَّن الخطبَ عندى أنَّني رجلٌ | لاَقٍ مِنَ الدَّهْرِ مَا كُلُّ امْرِىء ٍ لاَقِي |
يا قَلبُ صَبراً جَميلاً ، إنَّهُ قَدَرٌ | يَجرِى عَلى المَرءُ مِنْ أسرٍ وإطلاقِ |
لا بُدَّ لِلضيقِ بَعدَ اليأسِ من فَرَجٍ | وكُلُّ داجِية ٍ يَوماً لإشراقِ |
الاثنين، 9 سبتمبر 2013
من غزل محمود سامي البارودي
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق