الأحد، 4 أغسطس 2013

المحجوب الشوني: رواية "حصَانُ نيتْشَه" لعَبْد الفتّاح كيليطُو. صُورَة الأَديب في شَبَابه

رواية "حصَانُ نيتْشَه"  لعَبْد الفتّاح كيليطُو
صُورَة الأَديب في شَبَابه
المحجوب الشوني
            " من المُمكن عَدُّ انتساخ المَرء للكُتب الطّريقةَ المُثلى لتمَلّكهَا"
والتر بنيامين
1- من الفلسَفة إلى الأدب:
رأى نيتْشه Nietzshe وهو خارجٌ من فنْدق بمَدينة تورينو Turin، سَنة 1899 حوذيّاً ينهَال بالسّوط على حصَانه، فاقترَب نيتشه من الحصَان، وأحاط برقبَته أمَامَ ناظري الحُوذيّ، وأخذ يجْهش بالبُكاء. في تلك الفترة كانَ قد انتشر خبَرُ المرَض العقليّ لنيتْشه، إلاّ أنّ سُلوكه مع ذلك اكتسَب دلالة عميقة، وفُسِّر جنونُه بأشكالَ متفاوتة منْذ اللّحظة التي بَكى فيها من أجْل حصَان. سيقترنُ الحِصَان باسم هذا الفيلسُوف، لينضَاف إلى سلسلة الألغاز العديدة التي تحيط به. وسيطير بكيميّاء مَا فوْق مسَاحة زمنيّة تناهزُ المائة سَنة، لينزلَ عُنواناً فوق غلاف روايَة أديبٍ مغربيّ مُعاصرٍ، عُرفَ باهتمامه النّافذ بالثقافة العَربيّة القديمة، هو عبْد الفتّاح كِيليطو[1].
من أفُق الفلسَفة المُعاصرة قُدَّ بهَاء عُنوان الرّواية، وأخذ طابَعاً استعاريّاً مُوجِّهاً للقراءة، ذلك أنّ اسم فيلسوفٍ شهير في عنوَان عمَلٍ لكيليطو يفتحُ -لا مَحالة- أفقَ انتظارٍ خاصٍ لقارئ الرّواية*. إلاّ أنّ القارئ يستشعرُ ارتباكاً أقربَ إلى الدّهشة عندمَا لا يُصادِفُ سوى جملةٍ صغيرةٍ عن العُنوان في الرّواية، ضمْن حديثِ السّارد عن أمّه، يقولُ: " كانتْ لحُسن الحظّ تجهل التّاريخ الأدبيّ، وإلاّ كانت ستضرب لي المَثل بنيتْشه، يرتمي نائحاً ليحْتضن حصَاناً يعذّبُه حُوذي متهيّج"[2]، الأمرُ الذي يبَرّر السّؤال عن وظيفة هذا العُنوان وعَلاقته بالنّص.
يمْتلكُ العُنوَان وظائفَ عديدة، بحسَب تركيبه وصِياغته ومَكانه... ولعلّ إيرادَ اسمَ عَلمٍ شهيرٍ في العنوان هدفه بالأسَاس، تحقيقُ الوظيفة التنبيهيّة- بحسَب جيرار جنيت - Gérard Genette [3] تلك التي ستتّسع وتتشابكُ مع عناصرَ أخرى في النّص، لكي تبني دلالة سيكون من مَهام القارئ تأويلها، من أجل الوقوف على حَالات مَعنى مَا يفتأ يتناسخ. ونشيرُ أنّ عبْد الفتّاح كيليطو كثيراً مَا يوظّف أسْماءَ الأعلام في عَنونة العديد من قصصه ودراسَاته النقديّة، لمَا لها من كثافةٍ تأويليّة ومرجعيّة، وهو ما نُسَجّله في أعماله السّرديّة (التي حمَلت عنوانَ الرّواية) حيث نصوصٌ عديدةٌ عناوينها كالآتي: عَصَا مُوسَى(ص:12) مَجْنُونُ لَيْلَى(ص: 15) بِنْتُ أَخ دُونْ كيخُوطي(ص: 54) دَانْتي (ص: 116)، أو في أعمَاله ودراسَاته النقديّة: لسَان آدم، أبو العلاء المعريّ أو متاهات القول...الأمرُ الذي يستدعي تأملاً خاصاً لهذا العنصر ومُختلف علائقه ووظائفه الدّلاليّة والجماليّة في أعمَال كيليطو بصفة عامّة، لاسيّما أنّه اشتهر بدراسته الرّائدة عن مفهوم المؤلف في الثقافة العربيّة[4] .
بالإضافة إلى عُنوانِ الرّواية ومَا يعِد به، هناك تصْديرَان في صفحَةٍ مُستقلة قبْل مَتن الرّواية. الأوّلُ للفيلسوف والكاتب الفرنسيّ مُونتيني Montaigne *، والثاني للكاتب الألمانيّ إلياس كَانيتّي Elias Canetti *، وما ينسُجانه من علاقاتٍ تأويليّة متشعّبة مع هذا النّص ومع عُنوانه، بل مع كلّ الأعمَال السرديّة والنقديّة لكيليطو، بمَا لا يسمَح بحصْرها في هذه الورقات الأوليّة لمَا تفتحُه من إمكانَاتٍ للقراءة لا نهاية لهَا.
ولعلّ الإشارةََ الأولى كونُ التصديرين يطرحَان مَعاً توتّر علاقةِ المُبدع بلغته/ بلغاته، وإقامتُه الشخصيّة في لغته الأم وضيافته اختياراً أو قسْراً، في لغَات الآخرين، كتابَة، وقراءة، وترجمَة. أو إحساسُ السّكن بين عدّة لغات والكتابَة بهَا أو بينهَا. ونُسَجّل أنّ كيليطو من الأدبَاء المزدوَجي اللغة في كتابة النقد والإبداع على السّواء، والمتعــدّد في القراءة. إضافـــة إلى كوْن رواية حصَان نيتْشه مكتوبَة بالفرنسيّة ( ككلّ كتاباته الإبداعيّة المنشورة) رغم صُدور النّص العربيّ المترجم أوّلاً، ممّا يطرحُ السّؤال الأساسيَّ حول دافعِ الكتابة لدى كيليطو بهذه اللغة أو تلك، ثم شعورُه وهو يقرأ روايته مترجمَة إلى العربيّة، كلغة يستطيع أن يُبدعَ بها، وسَبق أن فعَل.
هي ذي وضعيّة متفرّدة (أو جديدة على الأقلّ في الأدب العربيّ) للترجمة وللكتّاب الذين يبدعون بأكثر من لغة، إذ أنّ وضعية الترجمة بصفة عامّة، هي نقلُ عملٍ مَا إلى لغة يجهلهَا (أو لا يستطيع الكتابَة بها) صاحب العمل، أمّا وأن يكون الكاتب متمكناً إبداعياً من اللسانين فمَا الحاجة، والحالة هذه، إلى الترجمة؟ لمَ لا(يُترجم) عمله بنفسه؟* ثمّ مَا طبيعة إحسَاسه بعمله مترجماً إلى" لغته الأم"؟  تلزمُ الإشارة هنا إلى كتاب آخر لكيليطو صدرَ قبل الرّواية مباشرة، هو كتاب  َلنْ تتكلّمَ لغتي (أصدَره بالعربيّة)، الذي يدرُسُ في مباحثه بذكاء نادرٍ سؤالَ اللغة الشخصيّة عندما يتكلّم بها الأجانب، حيث اكتشفَ فجأة أنّه لا يحبّ أن يتكلّم الآخرون لغته العربيّة، ويقتحمون مسكنه الشخصي![5].
لمَاذا كتبَ كيليطو هذا الكتاب النّقديّ بالعربيّة وليس بالفرنسيّة؛ حيثُ النقاش المُطوّل حول الترجمة لدى العرب القدمَاء، واستحالةُ ترجمةِ الشعر بالنّسبة للجَاحظ، أو ابنُ رشد الذي (أخطأ) في إيجادِ مقابلٍ لكلمتيْ تراغوديا وقوموديا، ففوّت على العرب (في نَظر البَعض) فرصة لقاءٍ تاريخيّ بالمسرح. أو الكاتب أحمَد فارس الشّدياق في العصْر الحَديث، حينَ اكتشفَ بمرَارةٍ أنّ الأدبَ العربيّ- خصوصاً الشعر- لا يَعنِي، ولا يصلح إلاّ للعرب... وأنّه لكي يلتفت إلينا الآخرون لامناصّ من أن تكون نصُوصُنا قابلة للترجمة.* أسئلة تقودُ إلى قرائنها، وللرواية متعة أن تُقرأ في كلّ اللغات.
2- من المؤلف إلى النّاسخ:
بمُتعة استثنائيةٍ كُتبت هذه الرّواية، هي نفسُ المتعة التي تسَلّلت إلى قراءتها. لا تنفصِلُ متعة القراءة عن متعة الكتابة، كمَا يقول رولان بارت Barthes Roland [6]، مادامَ العاشق هنا والمَعشوق هو الأدب، في رواية تتنزّل على قارئها كمِثل سيف يقصم الجليد بداخله، يفتّت الرّماد والشواظ المقيمين في الحنجرة. إنّها تُفرح إذ تفصِلُ القارئ عن نفسه لتصله بها في الأدب. لكن مَا القراءةُ؟ ومَا الكتابةُ؟ ومَا الطّريقةُ المُثلى لقرَاءة هذه الرّواية؟ أتقرأ بصمْتٍ أمْ بصوْتٍ مرتفعٍ؟ أتقرأ نهاراً أم ليْلاً ،أمْ ننسخها كمَا كان يفعل السّارد في قراءاته؟ ما حدودُ التداخل بين قراءة الآخرين أوانتسَاخ كتاباتهم أو التأثر بأساليبهم، وبينَ الإبداع الشخصيّ؟ وهل تمتلكُ مفاهيمُ : القراءة، الكتابة، الإبداع، النّسخ، المُؤلّف... مِنَ الصّفاء النظريّ- في أدب كاتبٍ اعتُقِد أنّه ابتكرَ الجَاحظ والمَعرّي!- ما يُخوّلها قدرة إجرائية تضيء لنا المقاربة؟
لن نستعجل شيئاً، وبَدل الانطلاق من مقولات نظريّة جاهزة، ومحاولة البحث عن تجليّاتها في النّص، أو إرغام الرّواية الاستجابَة لها، سنسلُك منحىً آخر يمسّ الروائي لا الرّواية، نجمِله في الأسئلة التالية: كيف يُبرّر عبد الفتّاح كيليطو عمَله الإبداعي؟ وإلى أيّ حدّ يوجد هذا التبرير في ثنايا العمَل نفسه؟ وﺇن وُجد تبريرٌ ما فمَا الدّاعي إليه؟ وكيف اندمجت حياته وجوديّاً وجماليّاً ضمن التّبرير الذي أوردَ، والعمل الذي كتبَ؟
يَجُرّ كيليطو رِجْلَ قارئه منذ الوَهلة الأولى إلى حيثُ المآزقٌ الكبرى للأدب، أيْ مفهومُ المؤلف والنّاسخ، الكتابة الإبداعية والتقليد أو السرقة، القراءة والكتابة والكِتاب، الترجمة وتعدّد اللغات، علاقة المؤلف بعمله واصطدامه بقارئ مُعادٍ...  مفاهيم طالمَا اختبرها كيليطو على امتداد مساره النقديّ. ويثير أيضاً السؤال الحضاريّ الكبير حول الدّافع إلى الكتابة عامّة أو ضرورتِها.
استجابة لأيّ أمير أو مَحفل أعلى يقوم الكتاب بتسويد آلاف الصّفحات، وإصدار العديد من الكتب؟ من الّذي يدفعهم إلى القيام بهذه العقوبة المُجدبة التي تقصِم الظهر، وتفني العمر، وتورث العمَى؟ إذا كان فعلُ الكتابة لدى العرب القدمَاء مُبرّراً بالاستجابة لطلبٍ مَا، كما هو مُسطّر في مقدّمات كتبهم، فإنّ السّؤال حوْل هدفِ الكتابة صارَ في الوقت الحاليّ متلاشياً أمام بَداهَة الجواب. أكتبُ لكي أكتبَ، أو أكتبُ لأنّي لا أتقن فعلَ شيء آخرَ!!!
 الكتابة عن غير طلبٍ فعلٌ يمثل منتهى الرّعونة، لأنه يخلو من مخاطب يوجد في الواقع لا في الخطاب. لذلك كان أسلافنا يشيرون علانيّة إلى أسماء مخاطبيهم أو يورّطون قارئهم، هذا فضلاً عن المتصوّفة الذين كانوا يورّطون الله، أو الرّسول في فعل الكتابة، وﺃنّهما وراء إنشائهم الكتب![7]. الجواب عن سؤال: لماذا نكتبُ؟ حضاريّ أكثرَ منه ذاتيّ، لأنه مُرتبط بوضعيّة ثقافة ولغة مَا في الزّمن والتاريخ.
تنفجرُ هذه المُلاحظات في الرّواية بسؤال الطفلة الصّغيرة أباها (المؤلّف) مستنكرة وهو يريها نُسْخة أنيقة من كتابه الجديد: لمَاذا نسختَ كلّ هذا؟‼ يعجز عن الإجابة، وعن إضاءة المسافة لهَا بين الكتابة والانتساخ " فضلاً عن أنّه هو نفسُه كان من العسير عليه استيضاح المسألة"[8].
من لذة انتساخ كتابات الآخرين، أمَلا في الوصول إلى إبداع كتابة شخصيّة تنعقدُ صفحات الرّواية وفصُولها، بَدءاً بمرحلة الطفولة حين تكشّفتْ موهبة النّسخ لدى الطفل الذي كانه السّارد، حتّى اللحظة التي أدركَ فيها أنّه لا يملك أيّ موهبة روائية، وأنّه سيعود إلى كتابة مواضيع الإنشاء كمَا في السّابق؛ قدّمت هذه الروايةُ بمُتعة تتضاعفُ صورة حيَاة في الأدب وبالأدب. ستكون قراءتها إذن وقوفاً على ادّعاءات أدبية، وخدعٍ ومُخاتلاتٍ في البناء والتّصور والأساليب، ليست ضروريّة فقط في كلّ كتابة إبداعيّة؛ بل هي ما يُمثل شرفَ الكاتب وأصالته كما يعبّر موريس بلا نشو Maurice Blanchot[9] . موضوعُ الرّواية هو الإشكالُ المَركزيّ في كلّ أدبٍ عظيم، أيْ المواجهةُ بين الكتب والحيَاة. وقد وردَ ذلك عبر موضوعَتين كبيرتين همَا: الكتابة/ القراءة، والحبّ.
تتبدّى الطفولة مَرحلةَ النّهل المحموم من الأدب، بطريقة العرب القدامَى: انتساخُ كلّ ما تقع عليه اليَدُ من روائع الأدب الفرنسيّ، والذي كان يمْنحُ (الإجازة) في تلك الفترة، أستاذُ اللغة الفرنسيّة المسيو فونديز.
وفيمَا تفتح هذه المُمارسة للطفل أفقاً للمتعة بلا نظير، تؤجّجُ عليه استنكاراتٍ متصَاعدة من طرَف الأسرة، ونقطاً كارثيّة في المَواد الدّراسيّة، هكذا كانت السّخرية والمُلاحظات الكريهةُ من جانب الأب والأمّ تتكرّر." لا أحدَ من أبناء الجارَات كان ينشغل بالكتابة، لو كان هذا النّشاط مفيداً ومرْبحاً، لكان عامّاً يمارسُه الجميع"[10]، تقول الأمّ؛ إلا أنّ الطفل يرى الأمر نعمَة وامتيازاً لم يتفطّن الآخرون إلى لذائذه، إضافة إلى عجزه المكتوم عن القراءة دون كتابة! كتابَةُ النّصوص كانت السّبيلَ الوحيد إلى قراءتها، ما لا يستطيع كتابته وانتساخه لا يُمكن بحالٍ أن يقرَأه، علاوة على أنّ الانتساخ يبعث فِكرة امتلاك العمَل المستنسَخ: " كنت أتشرّبُ الكتب التي أستنسِخها، كانت بتدوينها على دفاتري، بقلمِي، تصير مِلكاً لي"[11]. يختفي المؤلفُ بمجرّد ما يتمّ نسخ عمَله ليحلّ مكانه النّاسخُ مالِكاً للعمَل!
يذكّر هذا بموقف الطفلة في مستهلّ الرّواية، بمجرّد ما تضع اسمَها على بطاقةٍ تلصقها على دفاترها حتّى يصير مَا هو مكتوبٌ بين الدّفتين ملكاً لها. عالمٌ بريءٌ لا أصالة فيه ولا انتحال، لا مؤلف ولا سرقة.
 هذا المنظورُ ليس بسيطاً ولا بريئاً كمَا يبدو لأوّل وهلة، ذلك أنّ الشعريّة المعاصرة من خلال تحليلها لقواعد الأجناس الأدبيّة أكّدت أنّ " الكاتبَ يصير مفعولاً لفعل الكتابة لا فاعلاً، معلولاً لا عِلّة، فكأنّ النّصوص تروي ذاتها، كأنّ اللغة هي التي تفكرُ، وكأنّ الموضوع هو الذّات، والكتابة هي المُؤلف، بحيث لا تبقى في ميدان الكتابة قيمة كبرى لأسماء الأعلام، مثلما لا يبقى في مَجال الفكر معنى محدّد للملكيّة. (...) من هنا يصبح التقليد راعي حياة الكلام، وتصبح الكتابة استنساخاً مسترسلا، ويغدو كل مؤلف ناسخاً"[12]. إلا أنّ ما كان يقوم به السّارد- طفلا- هو تحقيق المعنى الأوّل من فِعْل نَسَخَ في العربيّة " يكتبُ كتاباً عن كتابٍ حرفاً بحرفٍ، (...) أو نقلُ الشيء من مَكانٍ إلى مَكانٍ وهو هو"، ليصل - يافعاً- إلى المعنى الثاني " تبديلُ الشّيء من الشّيء وهو غيرُه" (لسان العرب) أي إزالتُه ليظهر فيمَا بعدُ في إيهاب آخرَ، وتجلّ آخرَ، والأمرُ من هذه الزاوية يجعل الأدبَ بطل الرّواية بمعنى مَا، إنّه أكبر من كلّ الذوات والشخوص والأسماء. يتيح هذا الافتراض إثبات معنى آخرَ تثبته العربيّة لفعل نَسَخَ هو: ألغى وأبطل وأزال، والذي يتقاطع مع الحقل الدلالي لمفهوم الكتابة كما يرد لدى فلاسفة الاختلاف. فالكتابة" ممارسة دالة تدخل ضمن مجال صراع الرغبات وإرادات القوة، بل وإرادة الإرادة"[13].  وهي بهذا المعنى تأويل أو نقل لمَعانٍ (ليست أصليّة ولا ملقاةً في الطّريق، ولا سابقة لفعْل الكتابة) كما أنها تحويل لها، إبطالا وإلغاءً، أو إكمَالا لنقصْها المتجدّد دوماً.
لكنّ الوضعَ لن يستمرّ على هذه الحال، سيسقط البَطلُ مريضاً لحظة مُحاولته الانتقالَ من انتساخ الآخرين إلى كتابة مَا هو شخصيّ. سيصير عاجزاً عن القراءة، وعن الكتابة معاً، وسيغدو النّسخ بعد هذا الوضع فضيحة، بتعبير الرّواية[14].
فشِلتْ محاولة الانتقال الأولى، لن يتراجعَ، هكذا شجّعه المسيو فونديز(أستاذ اللّغة الفرنسيّة) سيعاودُ النّسخ، مهما اعتقد الآخرون أنّه مخطئ، وسيضرب له المَثلَ بدون كيخوطي، لا يبالي بسخريّة الآخرين لأنّه مؤمن بمَا يفعل، هكذا سيُسَارع إلى نسْخ ما يوجد مِن حوله أوّلا؛ وصفاتُ الطبيب ونشرات الأدويّة هذه المرّة، ويا للعجَب، سيُشفى تمَاماً. وستتمّ عودته إلى جنّة الأدب بنجَاحٍ، لكن هذه المرّة، سيتوجّه نحو أدبٍ آخرَ، أدبُ أسلافه، الأدب العربيّ، وتحديداً نحو الشّعر، وذلك لظهور مخاطَبٍ خاصّ في حياته الأدبية: المادموزيل لُورَانسَان.
3- من الحبّ إلى الشّعر:
يقع السّارد في الحبّ، وفي كتابة الشّعر معاً، بل يمكن القول إنّه يُحِبّ من داخل الشعر الذي كان يكتبُ/ يقرأ. المدموزيل لُورَنْسَان هي مُحرّكة مشاعر الحبّ، ومُحرّكة اليد لتكتب الشّعر أيضاً. إنّ هذه الوضعيّة تعيد بوفاءٍ وضعيّة الشعراء العشّاق في الأدب العربيّ القديم وفي كل الآداب. إلا أنّ المُختلف هنا أنّ السّارد سيكتب شعراً بلغتهَا هي (الفرنسيّة) لا بلغته، سيحبّ بلغة الآخر، واستعاراته، وتقاليده، لا لغته هوَ وتاريخهَا الوجدانيّ.
من جديدٍ تضاء عتبة النّص المُوازي/ التصديران في أوّل الرّواية في ارتباطها بدافع الكتابة ولغتها. بأيّ لغة أكتبُ، وبأيّ لغة أخاطبُ كتبي، ومَا حدودُ الاختيار في الكتابة بلغة أجنبيّة والتعبير بها، خصُوصاً إذا تعلّق الأمر بمشاعر الحب؟ وهل اختيار لغة الكتابة يتمّ دوماً بقرارٍ شخصيّ للكاتب دون القارئ أو الزّمن الثقافي بعامّة؟
يقول السّارد: " إنّ الكتابة بالعربيّة تعني التخلّي عنها، والحال أنّ أبياتي كانت موجّهة إليها، لم يكن لي بدّ من الكتابة بلغتها"[15]. لا يلتفت إليكَ الآخرُ إلا إذا خاطبته بلغته وأشكالها التعبيريّة.
بزواج مادموزيل لورنسان ستتوقف كتابَة الشّعر، وسنكون ثانيّة مع صُورة أديبٍ مُشبع بتقاليد الكتابة لدى العرب القدامَى. غيابُ المخاطب المُباشر، أو الطّلب الصّريح يعني انتفاء الكتابة*. لابدّ من مخاطب يقبع أمَام القصيدة لكي تستقيم واقفة. إضافة إلى كونه لم يكن يعشقُ، كمَا هو حال الشعراء القدامى، قصائدَه أكثرَ من حبيبته.
بعد قراءاتٍ عميقة، متنوّعة في الأدب العربيّ والغربيّ، وبعد وصْفِ القرّاء وأحوالهم، وإثارة مَسألة القراءة، وإعَادة القراءة، والحكي الشفوي، واختيار الكِتاب أو الكُتب التي يمكن للمرء الاكتفاءُ بقراءتها بمفردها طيلة الحياة... أيْ بعد قطع العُمر في جلّ أراضي الأدب، والتّسلح بمفاهيمه النقديّة، سيفشل السّارد في الوصول إلى كتابة عملٍ شخصيّ، وسيدرك بعد الوصول إلى السّن الضروريّة لأن يكون قد كتبَ رواية مَا أنّه لا يمتلك أيّ موهبة روائية! إلا أنّه لن يتراجعَ هذه المرّة أيضاً، بل سيستمرّ في الكتابة احتفاءً بعهدٍ مجيدٍ عاشه عندما كان ناسخاً بارعاً؛ عهدِ كتابة مواضيع مميّزة في مادّة الإنشاء.
بموازاةٍ مع ذلك، سيتوجّه نحو دراسة الفلسفة" لكي أتدارك عبَث وجودي"[16]،  يقول السّارد. تُرى إلى أيّ سبيل سيقوده درسُ الفلسفة؟ سيتفق أساتذته (الذين لا يتفقون حول شيء) أنّه لا يكتب مواضيع فلسفيّة تستجيب لمقتضيات التّحليل المنطقيّ ذي اللغة الدقيقة، بقدر مَا يكتب قصائدَ نثرٍ،" كانوا هم أيضاً على طريقتهم يصدّونني عن الأدب أو بالأحرى، يعيدونني إليه"[17].
وبإتباع قواعد السّرد الضمنيّة، سيلتقي طالبُ الفلسفة، مع مخاطبَته أثناء فترة نظم الشّعر والنّهل من الأدب، مادموزيل لورنسان، وقد صارت هذه المرّة زوجة أستاذ اللغة الفرنسيّة المسيو فونديز. يلتقيها ثانيّة، وسيندم على إخبارها أنّه يدرُس الفلسفة "لأنّ صورة الميسيو هاليفي [أستاذ الفلسفة] حامت بيننا"[18].
لا فكاك لهذا الأديب الشّاب من الأدب وكلّ ما يُحفز عليه. ها هو ذا يعود إليه، أو بتعبيرٍ أدقّ يجده أمامَه مباشرة عندما يودّ سلكَ طريق آخر. لحْظة التفاته الجدّي نحو درْسِ الفلسفة لامسَت شفتاه- ولأوّل مرّة ودون قصدٍ!- وجهَ الأدب، وتحديداً وجنته النديّة: الشّعر.
ثمّ ماذا حَدثَ بعدَ ذلك؟ هل عانقَ الأدبَ وتخلّى عن الفلسَفة؟  تنتهي الرّواية وفي ذهن القارئ  يرنّ قويّاً هذا السّؤالُ الذي يدلّ على التعلّق بالحكاية ومَا بعدها. ومثل أيّ كاتبٍ كبير، كيليطُو لن يجيب، سيترك هذا السّؤال وأسئلة أخرى لكي يكملها القارئ ويعيد بناءها في الرّواية. جميعُ العباقرة يدْعُون قرّاءهم لإتمام جُملهم، واكتشاف مَا أشاروا إليه ضِمناً، ولم يكتبوه.
يبدو أنّه قبل الفصلِ المعنون بالعِقد، كان ممكناً للرّواية أن (تنتهي)، لم تعد هناك من أزمة، أو إذا شئنا، العقدة وجدتْ حلاً لها، إلا أنّه بإدراج فصْل العِقد(وانفراطه) تضاعفتْ الاحتمالات التي تقود إلى النّهاية، صار احتمالُ نسْخِ الرّواية لا إعادة قراءتها فقط وارداً للتأكد من نهايتها !.
نداء البياض:
ضِمن صُورة الأديب الّتي كانت تتشكّل عبر فصُول الرّواية وردت إشارةٌ لافتة للانتباه، إلا أنّها لم تتطوّر رغم أهميّتها، يقول السّارد: " أثناء العُطل كنت أستمرّ بشكل طبيعيّ تماماً في النّسخ لحسَابي الخاصّ، كنت أقضي أيّام الصّيف الطويلة الخانقة في نسخ الكتب المدرسيّة، كانت أمّي فخورة أن تَرَاني أعملُ دونَ انقطاع، أبي لم يكن يقول شيئاً، لكنه كان يرميني بين اللّحظة واللّحظة بنظرة متّهمة، خصوصاً حين يراني أرسُمُ، فعلٌ كان يبدو له دون شكٍ عابثاً، لا علاقة له بالانضباط العلميّ للدراسة، وبالفعل لم أكن أقنَع بنسخ النصوص، كنتُ كذلك أستنسخ أحياناً الصّور التي تصاحبها(...) أبي رغم تحفظاته لا يمنعني من الرسم(...) كان يتسَاءل في سرّه بماذا ستسَاعدني مُمَارسة الرّسم والكتابة في مهنة الطب التي كان يوجهني إليها"[19].
إلى جانب نَقلِ المكتوب حرفاً بحرفٍ إلى دفاتره، كان السّارد يقوم أيضاً برسم صُورِ الأشخاص والأشياء المرافقة، غير أنّ فاعليّة الرّسم هذه لم تتطوّر في الرّواية، كمَا لم يعدِ السّارد إلى ذِكرها. متى توقّفَ عن الرّسم، ولمَاذا؟ وكيف استطاع الاستغناءَ عن الصّورة والاكتفاء بالنّسخ في زمن غدت فيه الصّورة طاغيّة، وغير منفصلة عن معنى المكتوب في العالم؟ ما المَكسبُ الذي حققه بالسّعي إلى التعبير باللغة، بالأدب فقط؟ أليس هذا موقفُ العرب القدمَاء، تخلوا عن الصّورة (كانت محرّمة؟) وحققوا ذواتهم في أدبٍ فريدٍ؟ لكن في مسَاره هو المُخالف في الزّمن والوعي لمسَار الأديب العربيّ القديم، سيبقى هذا السؤال مَشروعاً ومُشرَعاً: كيف طردَ النّصُ الصّورة، والأديبُ الرّسامَ، ولماذا؟ أسئلة لا تنفصلُ عن اهتمام كيليطو الفاتن بقضاياها الكبرى في الثقافة العربيّة القديمة، حيث النّصوص لا وجَه لمؤلفيها، وحيث السّجع، والألعاب اللفظيّة، والبديع هي مجال تصوير النّص العربيّ وتشخيصه[20].
لا أثيرُ هذه الملاحظات إلاّ من أجل الإشارة إلى عمَل روائيّ سابق لكيليطو بطله الصّورة؛ يطرح بين نصوصه السّؤال حول تعامُل ثقافة تقليديّة مع أولى مظاهر الحداثة، وتحديداً مَا ارتبط منها بالتّشخيص والتصوير. إنّ تخويل الإبداع الروائيّ أوالشعريّ سلطة التفكير في قضايا نقديّة أو فلسفيّة عامّة لممّا يقويه، ويمنحه الاستثناء والفرادة. وإذا كانت رواية حصَان نيتْشه (وإبداعُه بعامة) تعيد بإلذاذٍ خاصّ مُساءلة المفاهيم التي عايشها كيليطُو ناقداً؛ كمفاهيم الكتابة، النّسخ، المؤلف، إعَادة القراءة... فإنّ ممارسته النقديّة هي الأخرى تعصِف بالصّرامة المنهجيّة والترسانة النظريّة، الآلية، في مقاربَة النّصوص. يمْحو معرفته النظريّة، (إذا شئنا ينساها) ليكتب نقداً مسكوناً بنفس حكائيّ- سرديّ قويّ، قائم على لغة شيّقة متآخيّة مع لغته مبدعاً، بهذا الصّنيع يمنح القرّاء في نقده متعة مزدوَجة كمَا صرّح عبد الكبير الخطيبي، " متعةُ قراءة هؤلاء الكُتاب ومتعةُ قراءته هو بصفته ناقداً أدبيّاً. إنّها متعة يقظة وماكرة: إنّها الابتسامة المقلقة لهذا المُحلّل"[21].
إنّ مناقشة قضايا الأدب إبداعيّاً مُمارسة راسخة في إبداعات عالميّة عريقة، وجدت تفجرّها النظريّ الأوّل في العصر الحديث مع الرومانسيّة الألمانيّة التي كان هدفها أن تصير النظريّة إبداعاً. ثم تحضر بعد ذلك ومن خلله كتابات وأسماء عالميّة، لها المَهابة والبهاء، بورخيس Borges، أو إمبرتو إيكو Umberto Eco، أو إيتالو كالفينو Italo Calvino... وللأسلاف العرب بذخُ إبداعٍ يستعصي على المقارنة، التوحيديّ أو الجاحظ، أو المعريّ.… كتابات تستلزم تحيّة خاصة على العتبات.
وحيويّة ترسيخ مثل هذا التصور في الكتابة الإبداعيّة المغربيّة والعربية تجعل هذا الأديب- الذي نكتشف بعض السّر لما يقوم به مكتوباً في اسمه (qui-lit-tôt)-* مندرجاً في زمن خاصّ هو زمن العمَل (l’œuvre)، وما يفرضه من إيقاع للاشتغال ومن اختيار للغة، أو موضوع الكتابة، وهكذا فلا عجَبَ أن يَخرُج نصّ بالفرنسيّة عن آخر بالعربيّة، أوقصّة عن مقالٍ نقديّ، وهو مَا انتبه إليه مُترجم أعمَاله الكاملة عبد الكبير الشرقاوي الذي كتب في تقديمه لهذه الترجمَات: " الكتابَة السرديّة عنده لم تكن أبداً محدودة بحدود اللغة، أو بحدود السّرد نفسه، وبالعكس، قد تنبجس قصّة من منعطف دراسة أو مقالة، كما قد يتطوّر مشهد سردي إلى مقالة أو دراسة، ويبدو أحياناً من الصّعب، عند المهووسين بالتصنيف، الفصلُ بين المقالة والسّرد، وبين البحث الأدبيّ والتخييل، لكن وراء ذلك كلّه توجد كتابة مُتفردة تتخطى حاجز الأنواع وتتأبى على التصنيف"[22].
الهوامش:
[1] - عبد الفتاح كيليطو، حصان نيتشه، ترجمة عبد الكبير الشرقاوي، دار توبقال للنشر، الطبعة الأولى، 2003.
* - تثير قراءات عبد الفتاح كيليطو وتأويلاته المتفردة لنصوص متنوعة وأسماء متباعدة من الثقافة العربية والعالمية (المقامات، ألف ليلة وليلة، لسان آدم، الجاحظ، المعرّي، بورخيس، سرفانتيس، رولان بارت، دانتي، جورج بيرك، ابن رشد، المنفلوطي...) غرابة آسرة ومفاجئة بمكانها المعرفي وبأسئلتها المتجددة، تجعل القارئ ينتظر بلهفة إصداره الجديد، بل ويأمل أن تحظى أحد الأسماء الشهيرة أو الإشكالية ( المتنبي، أو التوحيدي، أو ابن عربي مثلا) أو أحد مجالات الثقافة العربية القديمة أو الحديثة بتأمله.
[2] - الرواية، ص. 182.
[3] - Gérard Genette, Seuils, Coll. Poétique, Seuil, 1987, p.7.
[4]  - عبد الفتاح كيليطو، الكتابة والتناسخ مفهوم المؤلف في الثقافة العربية، ترجمة عبد السلام بنعبد العالي، دار التنوير للطباعة والنشر      لبنان والمركز الثقافي العربي المغرب، الطبعة الأولى،1985.
*- "…أيّاً كانتِ اللغة التي تتكلّمها كتبي، فأنا أكلّمها بلغتي". مُونتيني Montaigne.(1533-1592)
*- "لغاتٌ أخرى؟ لكن فقط لأهرَبَ من لغتي، بالواسطة غير المباشرة لانعدام المهَارة". إلياس كَانيتِّي liasE Canetti.(1905-1994)، حاز على جائزة نوبل للآداب لسنة 1981.
*- بالإضافة إلى أنّ هناك بعض الكتاب العرب المعاصرين الذين هم وفيما يكتوبون عملهم الشخصي يفكرون في نفس الآن في مترجمهم المتحمل، فيعملون على تيسير مهمته باجتنابهم بعض التعابير أو الإحالات التي قد لا تتلاءم مع أسلوب لغة أخرى، هناك في المقابل بعض الكتاب الأوروبيين الذين يِألفون أعمالهم بلغة ما وفق الجنس الأدبي، فصمويل بيكيت مثلا كتب معظم رواياته باللغة الإنجليزية، ومعظم مسرحياته باللغة الفرنسية، أوميرسيا إلياد الذي كان يكتب رواياته باللغة الرومانية وبحوثه العلمية أو الأكاديمية باللغة الفرنسية.  إلا انه توجد أيضا حالة الروائية كارين بلكسن التي كانت تؤلف باللغة الإنجليزية ثم تترجم لنفسها إلى اللغة الدنماركية. ملاحظة تحفز على التساؤل العميق عن علاقة الكاتب باللغة ( لغته/لغاته) والترجمة.
5- عبد الفتاح كيليطو، لن تتكلم لغتي، دار الطليعة للنشر، الطبعة الأولى، 2002، بيروت.
*  تتمّ بسرعةٍ ترجمة كلّ كتابات عبد الفتاح كيليطو باللغة الفرنسيّة إلى اللغة العربيّة، بل من النصوص ما يُترجم بتزامن مع تحريره من طرف المؤلف، ونجد بعض الأحيان أكثر من ترجمة لنفس النص، ناهيك عن إعادة ترجمة نفس العمل من طرف المترجم الواحد، لكن في المقابل لا نجد ترجمة لأحد نصوصه المكتوبة بالعربية - على أهميتها- إلى لغات أخرى ، اللهم ما يكتبه المؤلف باللغة الفرنسية !!!
[6] -Roland Barthes, le plaisir du texte¸ ed¸du seuil. .1973p.17.
7-يقول ابن عربي في كتاب الفتوحات المكية: "بنيت كتابي هذا بل بناه الله لا أنا على إفادة الخلق، فكله فتح من الله تعالى: "الفتوحات المكية، المجلد الرابع، ص 74. وعن كتاب فصوص الحكم يقول:"رأيت الرسول (ص) في المنام فقال لي هذا كتاب فصوص الحكم خذه واخرج به إلى الناس". فصوص الحكم، تحقيق أبو العلاء عفيفي، دار الكتاب العربي، بيروت، الطبعة الثانية، 1980.
[8]- الرواية، ص.157.
[9] -  Maurice Blanchot, De Kafka à Kafka,Gallimard.1982. p.22.
[10]- الرواية، ص.157.
[11]- الرواية، ص.165.
[12]- عبد السلام بن عبد العالي، ثقافة العين وثقافة الأذن، دار توبقال للنشر، الطبعة الأولى، 1994. ص. 66.
 - عبد السلام بنعبد العالي، في الترجمة، سلسلة شراع، العدد40. 1998. ص.25.[13]
 - الرواية، ص. 170.[14]
[15]- الرواية، ص.175.
 * أجاب عبد الفتاح كيليطو عن سؤال: لماذا لم تنشر شيئا عن الأدب الفرنسي قائلا: لم يطلب منّي أحد ذلك.
Deux Cents livres une caravane, un catalogue de l’édition : l’édition marocaine.1999.p.81.
[16]- الرواية، ص.191.
[17]- الرواية، ص.191.
[18]- الرواية، ص.191. مادموزيل لورانسان هي أستاذة اللغة الفرنسية في الأقسام العليا، " أثناء فترة الاستراحة   تكون مصحوبة دائما بالمسيو هاليفي أستاذ الفلسفة وزميلين أو ثلاثة آخرين". الرواية. ص. 172.
أمل السارد في الظفر بنظرة وابتسامة من مادموزيل لورانسان ( بتأويل ما  من الأدب)  وفيما كان يخشى دوما أن تحول دونه الفلسفة، أدرك أن هي التي تقود إليه‼
[19]- الرواية، ص. 159.
[20]- الرواية، رواية خصومة الصور، ص. 28.
[21]- عبد الفتاح كيليطو، الأدب والغرابة، دراسات في الأدب العربي، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الثالثة، 1997، ص. 6.
 * -  نتأول أيضا بعضا من هذا السر بالانتباه إلى كون  كيليطو قارئا كبيرا، قارئا لكل شي،Qui lit tout  ، في حوار معه قال:
" في لحظة ما ينتابنا الشعور أننا قرأنا كل شيء!".
[22] - الرواية، ص. 7.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق