التنوين غشّاش يسمعك ما لا تراه عينك.
العربية الحديثة، المستعملة، العامية، او الفصحى البسيطة المنطوقة تهزأ بقوانين المكتوب!
هناك كلمات كثيرة تنتهي بنون لا وجود لها في عالم الكتابة، وهذا ما يوقع من لا يقرأ حين يكتب بأخطاء مهضومة.
قرأت اليوم كلمة " صراحة" مكتوبة على الشكل التالي ( صراحتا)، وهنا التخبيص المكتوب ابن قاعدتين لا قاعدة واحدة!
التاء العربية تاءان: تاء مقيّدة على شكل يدين مغلولتين وهي التاء المربوطة كما نراها في الحرف الأخير من كلمة الكلمة، والتاء التي تفتح يديها بعد رفع الأغلال او التاء الطويلة .
هذه الثنائية الكتابية زعزعت أركان نطق التاء، فصار لها حضور صوتي متعدّد، طورا تراها هاء، او ما ما يسمّى بهاء السكت، ولكن احيانا تتخلى عن طبيعتها الصوتية وتصير حركة بعد ان كانت حرفا، تصير كالياء طورا الياء المعلولة ، المريضة اصلا، وليس عن عبث وضعها اللغويون العرب في بند أحرف العلّة!
ولكن طورا آخر ولأسباب متعددة، لا تقبل أن ينكسر رأسها، وتحب أن تراه عالي الجبين! فتصير فتحة أو ألفاً!
انظر الى التاء كيف تخرج من فمك التاء في كلمة ( فايقة/ فايقا)
وانظر الى التاء وهي تخرج من بين شفتيك وانت تتلفظ باسم ( فاطمة/ فاطمي)
لم أقل ( فايقي) ولم أقل ( فاطما).
هناك لهجات ودرجات وطبقات صوتية كثيرة في اللهجات العربية، ولكن اقتصرت هنا على الأشيع في الأفواه الطرابلسية.
كيف توصل من كتب ( صراحةً) على الشكل التالي( صراحتا)؟
أي قاعدة خفية توكأ ت عليها أصابعه لتخرج التاء على هذه الشاكلة؟
التاء، لا أنكر، انه حرف نطناط! والسبب صوتيّ وصرفيّ ونحويّ ولغويّ اي صوت أسهمت عدّة أمور في تلوينه لجعله صوتا متعددا !
فالصرف قال له: حركتك مقيّدة، وعليك أن تضرب بمنطق الإعراب عرض الحائط لأن لك إعراب خاص بك في محلات كثيرة.
التاء، في أوقات، مربوطة، وغي أوقات، ممنوعة من الصرف!
اعتمد كاتب ( صراحتا) على أذنه إلى حدّ ما، إلى أذنه وهي ذات وقر!لأنّه لو اعتمد على أذنه كما يجب لكان عليه أن يكتبها ( صراحتن) بالنون وليس بالألف؟
لماذا أفلت النون ؟
ولماذا احتلت الألف مكانها غير المرموق!
لا تعتمد على سمعك، السمع غشّاش!
استعن بعينك لقضاء حاجاتك الكتابية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق