تأكيد المدح بما يشبه الذمّ ، هذه العبارة تعني شيئا واحدا، فهي مصطلح بلاغيّ، أي مصطلح لشكل من أشكال الكلام، آخره ينفي أوّله عبر لعبة الأضداد اللغوية على غرار ما نراه في اسمه الجامع بين المدح والذمّ.
وحين نقول مصطلح لغوي فإننا نكون في الوقت نفسه فتحنا الأبواب كلّها أمام هذا المصطلح ليذهب إلى أي ميدان أحبّ ،ميدان الإعلان وميدان التسويق وميدان الغزل وميدان السياسة. وعكس هذا المصطلح هو مصطلح آخر او مصراع ثان من مصراعي الباب. وهو تأكيد الذمّ بما يشبه المدح.
درجت كتب البلاغة لتوضيح دلالة هذا المصطلح بشاهد من شعر #النابغة_الذبياني، فهو استخرج من السيّئ ما يعزّز فيه المديح.
ولا عَيبَ فيهِمْ غيرَ أنّ سُيُوفَهُمْ،
بهنّ فلولٌ منْ قراعِ الكتائبِ
سيوف بهنّ فلول، والفلّ هو السيوف غير القاطعة، المكسرة شفارها، فلا تقطع كما يجب كالسكينة التي تحتاج الى مسنّ لتقوم بوظيفتها !
السيف المكسر في يد الفارس ليس بالسيف الفعّال، من لا فعالية السيف نبتت فعالية البيت الشعري، وعبارة " لا عيب فيهم إلا " هي تكثيف للعيب، ولكن هذا العيب المكثّف هو مدح مكثّف في آخره. مدح لفروسية تخوض غمار المعارك وتعمل الفتك في الجحافل، وتتوّج بظفر تشهد له هذه السيوف الضارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق