السرقة كالجنون فنون،
وقد يبلغ الولع بالسرقة حدّ الهوس، هذا ما كان من أمر رجل يعشق الذهب عشقاً
جنونيّاً، فكانت حياته كلّها عبارة عن مطاردة الذهب بوهجه الفتّان. وشاء حظّه
العاثر أن يسقط ذات يوم في قبضة القانون، فقيل له: ألا تخجل من سرقة الذهب أمام
كلّ الناس؟ فقال: ولكن لا أسرق أمام أحد، أكون وحدي حين أسرق. كيف لا تسرق أمام
أحد؟ قال القابضون عليه، وهم رأوه بعيونهم يسرق الذهب غير مبالٍ بأنظار الناس. كان
سارق الذهب، وهو يقول ما يقول، صادقاً، لم يكن في نيّته أن يكذب، ولم يخطر بباله
ان ينكر سرقة الذهب، ولكنّه أنكر وجود الشهود، ولقد برّر صدقه أمام من قبض عليه بالقول:"
حين أرى الذهب لا أرى إلاّ الذهب"، ولا يكون من لا يرى إلاّ ما يرى، على ما يبدو
من حكاية عاشق الذهب، مأمون العواقب، فالاستغراق، في أمر من الأمور، قد يسبّب
العماء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق