الخميس، 6 أغسطس 2015

ما وراء اللغة والأشياء

أحب أن أرى في اللغة شيئا غير اللغة. فنحن لا نرى الاشياء دائما حين نراها وانما نرى فيها اشياء أخرى ونرى من خلالها اشياء أخرى. هكذا يتعامل الانسان مع الاشياء كلّها، انتبه ام لم ينتبه، الكبار والصغار على السواء.
سأعطي مثالا صغيرا من طقوس اطفال المسلمين الصغار، ليس كل الاطفال طبعا، ولكن قناعات الصغير قطفها من افواه الكبار . فالصغار لا ينزل عليهم الوحي من السماء. أروي، في الأقل، ما كنت قد سمعته وأنا صغير.
حكاية " نواة" التمر التي نسميها في العامية باسم " العجوة". كنت اسمع من يقول : ان من يحتفظ بعجوة من عجوات تمر الحجّ في جيبه لا يأتيه الفقر، ينعم ببركة عجوة آتية من بلاد الخير والبركة. كان حصول طفل على عجوة من تمر الحج فرحة صغيرة في جيبه الصغيرة. هل كان الطفل يرى في العجوة عجوةً أم كان يراها " حبّة البركة"؟ وما أدراك ما حبّة البركة!
انتقل من عجوة التمر الى عجوة المشمش. هل عجوة المشمش عجوة مشمش أم صفاّرة؟
كنّا ونحن صغار نأتي بعجوة المشمش ونبرد بطنها وظهرها على الحائط أو طرف رصيف حتّى نثقبهما ثمّ نأتي بشكّلة شعر او ما يقوم مقامها لاستخراج لب العجوة ورميه او اكل فتاته ان لم يكن عجوا مرّا ، وهكذا تتحول عجوة المشمش بين شفاهنا صفّارة نلعب بها. هل العجوة هنا عجوة أم صفارة؟ الأشياء كلّ الأشياء لعبة بين يدي رغباتنا اذا رأيناها لعبة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق