الحفظ لا مفر منه، الانسان يستمر في ممارسة الحفظ الى أن يصاب بالألزهايمر. ووسائل الحفظ كثيرة. الذاكرة ماكرة. تلعب بما تعرف، تخفي بعض ما تعرف، تلعب مع صاحبها لعبة الغميضى، قد تستغرب ذلك. الانسان دائما ما يستغرب اشياء لا تستحق الاستغراق، يتمتع بالاستغراب. كنت أقرأ في كتاب عن الذاكرة وكيفية الحفظ. وجدت طريقة طريفة، طريقة لا تخلو من حركة. في اي حال كثيرا ما نرى من يحفظ يعنمد الى استراتيجية افلاطون في نقل المعلومة، وفلسفة افلاطون سميت بالفلسفة المشائية، لأنه كان يعطي الدرس " ع الماشي"، قد يستغرب البعض ذلك، ولكن الا يحكي الانسان وهو يمشي؟ يتحادث مع صديقه، قدماه تمشيان وشفتاه تمشيان معا. المشيي يساعد على هضم الأكل وهضم المعلومة. لا ازال ارى الى اليوم في مواسم الامتحان طلابا يمشون في البلاكين وبيدهم كتاب. يزرعون البلكون بخطواتهم، ويزرعون اذهانهم بمواد الامتحان. وهناك طريقة هي فرم المعلومة، تحويلها الى قطع فسيفسائية، والتعامل مع كل قطعة او فقرة بطريقة مختلفة. تخيل عندك نص للحفص من اربع فقرات. فرّق تسد، استراتيجية ممكن ممارستها مع الدرس المطلوب للحفظ، فرّق تسد هو ما يفعله كلّ انسان، يفرّق ولكن ليسدّ جوعه! لا اظن ان هناك من يأكل أكله لقمة واحدة، يستقبل صحنه لقمة لقمة، ولو لم يفعل ذلك لاختنق او مات من الجوع! فتّت المعلومة، اقرأ الفقرة الأولى في المطبخ مثلا، احفظها، وانت تشمّ رائحو الطبخ، لنفترض وانت كنت تدرس الفقرة الاولى في المطبخ كنت تشمّ ر ائحة الورق عنب. ثم انتقل الى غرفة نومك واحفظ الفقرة الثانية، ثمّ انتقل الى غرفة الجلوس وادرس الفقرة الثالثة، واخرج الى الهواء الطلق وادرس الفقرة الرابعة في الشرفة. ستتحول الأماكن التي درست فيها الى جنود مجنّدة في خدمتك، قد تطير المعلومة من رأسك في الامتحان ، ولكن تتذكر انك درست هذه المعلومة في المطبخ، تتذكر رائحة الورق عنب، هذا التذكر يغري المعلومة المنسية بالكف عن الطيران وتتتذكرها، من التي ساعدك على التذكر هنا؟ انفك ، حاسة السمّ، رائحة الورق عنب فتحت شهية الذاكرة على التبعبير عن نفسها باستعادة ما انت بحاجة له في لحظة الامتحان. وقد تكون نسيت الفقرة التي درستها في غرفة الجلوس، ولكن تتذكر مثلا ان برغشة كانت تكزدر في الغرفة التي درست فيها، هذا المشهد البرغشيّ قد يعقص المعلومة الشاردة ويعيدها اليك في الامتحان. فرّق المعلومة تسدّ رمقك في لحظات التذكّر. استثمر حواسك الخمس في الدرس واستعن ان قدرت حتّى بالحاسة السادسة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق