الجمعة، 27 مايو 2016

مقدمة كتاب البيروني تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة

انمّا صَدَقَ قَول القائِل " ليَسَ الخَبَر كالعَيان " لأن العيانَ هو ادراكُ عينِ الناظرِ عينَ المنظورِ اليه في زمانِ وجودِه وفي مكانِ حصولهِ ، ولو لا لواحقُ آفاتٍ بالخبِر لكانتْ فضيلتُه تبينُ على العَيان والنَظَر لقصوُرِهما على الوُجودِ الذي لا يتعدَّى اناتَ الزَمانِ وتنَاولِ الَخبَر اياها وما قَبلهِا من ماضي الازْمِنة وبعَدَها من مُقْتَبلِها حتى يَعُمَ الخَبَر لِذلك الموُجود والمَعْدوُم معا . والكِتابة نوَع مِن انوْاعه يكَاد انْ يكَون اشْرَفَ مِن غَيره ، فمَن اينَ لنا العِلْمُ بأخبَار الامُم لولا خَوالِد اثارِ القَلَم? ثم ان الخبَر عن الشَيء المُمكِن الوجُود في العَادة الَجاريةِ يقُابل الصِدق والكَذِبَ على صُورة واحِدة وكلاِهما لاحقِان بهِ ِمن جِهة المُخبرِين لتَفاوت الِهمَم وغِلبة الهِراش والنِزاع على الامُم . فمَنْ مُخبر عَن امْرٍ كذِب يقصِد فيهِ نفَسهَ فيُعظمِ به جنِسها لانها تَحتَه او يقَصدها فيزري بِخلافِ جِنسِه لفوُزه فيه بإرادتَه ، ومَعلوم ان كلا هذين من دواعِي الشهَوُة والغَضَب المذْموُمين. ومِنْ مُخبِر عن كَذبِ في طَبقة يحُبَهم لشُكْر او يبِغضَهم لنكْر، وهُو مقُارِب للاول فان الباعِث َعلى فِعلِه من دواعي الَمحَبة والغَلبَة . ومن مُخبرِ عنه متقَرِبا الى خَير بدناَءةِ الطبَع او مُتقِيا لشِر من فشَلِ وفزَعَ . ومن مُخبِر عَنه طِباعا كَأنه مَحموُل عليه غَير مُتَمَكن مِن غَيره وذلك من دَواعِي الشَرارَة وخُبْث مَخابِئ الطَبيِعة . ومِن مُخبرِ عنه جَهلا ، وهَو المقُلِد للمُخبرين وان كَثِروا جُملَة او توَاتروا فرِقة بعَدَ فرِقة فهو وَهْم وسَائِط فيِما بيَن السْامِع وبين الُمتعمِد الاوُل ، فأذا اسْقَطْوا عن البَين بقَي ذاك الاُول احدُ من عَددناه1 من المتُخرَصِين والمجانب للكَذِب المُتمَسك بالصِدق هوَ المَحمود الممَدُوح عِند الكاذِب فَضْلا عن غِيره ، فقْد قِيل" قوُلوا الحَق2ولو على انفُسِكم " وقال المَسْيح عليه السَلام في الانِجيل ما هذا مَعناه :3" لا تبُالوا بصَولة المُلوك في الافِصاح بالحَق بين ايديهم فليَسوا يملَكِون مِنكم غير البدَن ، واما النفَسُ فليسَ لهَم عليها يَد" وهذا منِه امر بالتشَجُع الحقيقَي ، فالخلَق الذي تظنُه العامة شَجَاعة اذا رأوا اقَداما على المَعارِك وتهوُرا في خَوض ِالمهَالِك هو نوع منِها ، فأما جِنسها العالي على انواعها فهو الاسْتهانةَ بالمَوت، ثم سِواء كاَنت في قَول او كانت في فِعل ، وكما ان العَدل في الطِباع مرضي محبوُب لذِاته مرَغوب في حُسْنه كذلك الصِدق الا عِند من لم يذُق حَلاوتِه او عَرَفه وتحاماه كالمسؤوُل من المعروُفين بالكذِب : هل صدقَتْ قطْ ? وجوابه : لولا اني اخافُ ان اصَدق لقلتُ لا ، فأن العادلَ عن العَدلِ والمؤثرَ للجوُر وشَهادة الزوُر وخيانَة الامَانة واغتِصاب4 الامَلاك بالاحتيالِ والسرقةِ وسائرِ ما به فسَاد العَاِلم والخليْقة . وكنتُ الفيتُ الاستاذَ ابى سهل5 عبد المنعم بن علي ابن نوح التفليسي ايدهُ اللُه مُسْتقبِحا قَصْد الحاكي في كتابهِ عن المُعتزِلة الازراء عليهِم في قولهِ : " ان الله تعَالى عاِلم بذِاته " وعبارَته عنَه في الحِكاية انهم يقولوُن ان الله لا عِلْم له تخييلا الى عَواَم قوُمه انهم ينسبُونه الى الجَهل ، جَل وتقَدس عن ذلك وعمْا لا يليقُ به من الصفاتِ ، فأعلمُته ان هذِه طريقةُ قل ما يخلوُ منِها من يقصدُ الحكاية عن المخالفيَنَ والخصُوم ، ثم انها تكونُ اظهُر فيما كان عن المذاهِبِ التي يجمعهُا دين واحدُ ونحلة لاقتراِبها واخْتلاطِها ،واخفى فيما كانَ عن المِلل المفُترقة وخاصة ما لا يتشاركُ منها في اصْلٍ وفرعٍ وذلك لبعدُها وخفاء السبيلِ الى تعرُفها والموجودِ عندنا من كتبُ المقالاتِ وما عمِل في الاراءِ والدياناتِ لا يشتملُ الا على مثله ، فمن لم يعرف حقيقةَ الحالِ فيها اغترفَ منها ما لا يفيدُه عند اهِلها والعالم باحْواِلها غير الخجلِ ان هزت بعطفهِ الفضْيلة او الاصْرار واللُجاج ان رخَت فيه الرَذيلَة ، ومن عرف حقيقِة الحال كان قُصَارى امره ان يَجعَلها 6 من الاسمار والاساطيِر يستمع لها تعللا بها والتذاذا لا تصَديقا لها واعِتقادا ؛ وكان وقعُ المثال في فحُوى الكلام على ادِيان الِهنِد ومذاهِبِهم فأشرتُ الى ان اكثرها هو مَسطوُر في الكتبِ هو منحولُ وبعضها عن بعضٍ منقول وملَقوط مخلوط غير مهذبٍ على رأيهم ولا مُشَذَب ، فما وجدتُ من اصحاب كتُبِ المقالات احَدا قصد الحكايةِ المجردةِ من غير ميلٍ ولا مداهنة سُوى ابي العبَاس الايرانشهري ، ان لم يكُن من جميعِ الاديان في شئ بل مُنفرِدا بمخترع له يدعوُ اليه ولقد احسَن في حكايةِ ما عليه اليهود والنصَارى وما يتضمُنه التوْراة والانِجيل وبالغَ في ذكر المانوية وما في كتُبُهم من خبرِ الملل المُنقرضة ، وحين بلغَ فرقة الِهند والشمنية صافَ سهمه عن الهَدف وطاشَ في اخرِه الى كتاب زرقان ونقلَ ما فيهِ الى كتابهِ ، وما لم ينقُل منه فكأنه مسْموُع من عوامِ هاتين الطائفَتين ولما اعادَ الاستاذُ ايده الله مطاَلعَة الكُتب ووجدَ الامرَ فيها على الصوُرة المُتقدة حرصَ على تحريرِ ما عرفَته من جهتِهم ليكون نصرةً لمن اراد مناقضتِهِم وذخيرةً لمن رامَ مخالطتهِم ، وسال ذلكَ ففعلتَه غير باهِت على الخَصم ولا مُتحرِج عن حكايةِ كلامِه وان باينَ الحَق واسفظع سماعِه عند اهلهِ فهو اعتقادَه وهو ابصرُ به . وليسَ الكتاب كتابُ حجاج وجدَل حتى استعمِل فيه بأيراد حُجج الخُصوم ومناقَضة الزائِغ منهم عن الَحق وانما هو كتاب حِكاية فأوردَ كلام الهِند على وجهِه واضيف اليه ما لليوُنانيين من مِثله لتعريف المقارَبة بينهم ، فأن فلاسِفَتهم وان تحروُا التحقيْقَ فأنهم لم يخرجوُا فيما اتصل بعوامِهم عن رُموز نحلَتهم وموضعات ناموُسهم ، ولا اذكر مع كلامِهم كلام غيرهم الا ان يكون للصوُفية او لاحد اصْنافِ النصَارى لتقارب الامرِ بين جمَيعهم في الحِلول والاتحاد ، وكنت نقلت الى العربي كتابين احدهما في المبادئ وصفة الموجُودات ، واسمه " سانك" والاخر في تخليصِ النفس من رباطِ البدنِ ويعرف" بياتنجل" وفيهما اكثرُ الاصوُل التي عليها مدارٍ اعتقادهم دون فروُع شرائعم ، وارجوُ ان هذه ينوب عَنهما وعن غيِرهما في التقرير ويؤدي الى الاحاطةِ بالمطَلوب بمشيئةِ الله.ى ان اكثرها هو مَسطوُر في الكتبِ هو منحولُ وبعضها عن بعضٍ منقول وملَقوط مخلوط غير مهذبٍ على رأيهم ولا مُشَذَب ، فما وجدتُ من اصحاب كتُبِ المقالات احَدا قصد الحكايةِ المجردةِ من غير ميلٍ ولا مداهنة سُوى ابي العبَاس الايرانشهري ، ان لم يكُن من جميعِ الاديان في شئ بل مُنفرِدا بمخترع له يدعوُ اليه ولقد احسَن في حكايةِ ما عليه اليهود والنصَارى وما يتضمُنه التوْراة والانِجيل وبالغَ في ذكر المانوية وما في كتُبُهم من خبرِ الملل المُنقرضة ، وحين بلغَ فرقة الِهند والشمنية صافَ سهمه عن الهَدف وطاشَ في اخرِه الى كتاب زرقان ونقلَ ما فيهِ الى كتابهِ ، وما لم ينقُل منه فكأنه مسْموُع من عوامِ هاتين الطائفَتين ولما اعادَ الاستاذُ ايده الله مطاَلعَة الكُتب ووجدَ الامرَ فيها على الصوُرة المُتقدة حرصَ على تحريرِ ما عرفَته من جهتِهم ليكون نصرةً لمن اراد مناقضتِهِم وذخيرةً لمن رامَ مخالطتهِم ، وسال ذلكَ ففعلتَه غير باهِت على الخَصم ولا مُتحرِج عن حكايةِ كلامِه وان باينَ الحَق واسفظع سماعِه عند اهلهِ فهو اعتقادَه وهو ابصرُ به . وليسَ الكتاب كتابُ حجاج وجدَل حتى استعمِل فيه بأيراد حُجج الخُصوم ومناقَضة الزائِغ منهم عن الَحق وانما هو كتاب حِكاية فأوردَ كلام الهِند على وجهِه واضيف اليه ما لليوُنانيين من مِثله لتعريف المقارَبة بينهم ، فأن فلاسِفَتهم وان تحروُا التحقيْقَ فأنهم لم يخرجوُا فيما اتصل بعوامِهم عن رُموز نحلَتهم وموضعات ناموُسهم ، ولا اذكر مع كلامِهم كلام غيرهم الا ان يكون للصوُفية او لاحد اصْنافِ النصَارى لتقارب الامرِ بين جمَيعهم في الحِلول والاتحاد ، وكنت نقلت الى العربي كتابين احدهما في المبادئ وصفة الموجُودات ، واسمه " سانك" والاخر في تخليصِ النفس من رباطِ البدنِ ويعرف" بياتنجل" وفيهما اكثرُ الاصوُل التي عليها مدارٍ اعتقادهم دون فروُع شرائعم ، وارجوُ ان هذه ينوب عَنهما وعن غيِرهما في التقرير ويؤدي الى الاحاطةِ بالمطَلوب بمشيئةِ الله.
وهذا فهرست ابوابه
ا-في ذكر احوال اهند وتقريرها اما ما نقصده من الحكاية عنهم ب-في ذكر اعتقادهم في الله سبحانه ج-في ذكر اعتقادهم في الموجودات العقلية والحسية د-في سبب الفعل وتعلق النفس بالمادة ه-في حال الارواح وترددها بالتناسخ في العالم و-في ذكر المجامع ومواضع الجزاء من الجنة وجهنم ز-في كيفية الخلاص من الدنيا وصفة الطريق المؤدي اليه ح-في اجناس الخلائق واسمائهم ط-في ذكر الطبقات التي يسمونها الوانا وما دونها ي-في منبع السنن والنواميس والرسل ونسخ الشرائع يا-في مبدأ عبادة الاصنام وكيفية المنصوبات يب- في ذكر " بيذ والبرانات" وكتبهم الملية يج-في ذكر كتبهم في النحو والشعر يد-في ذكر كتبهم في سائر العلوم يه-في ذكر معارف من تقديراتهم ليسهل ذكرها في خلال الكلام يو-في ذكر معارف من خطوطهم وحسابهم وغيره وشئ ممم ستبدع من رسومهم يز- في ذكر علوم لهم كاسرة الاجنحة على افق الجهل يح-في معارف شئ من بلادهم وانهارهم وبحرهم وبعض المسافات بين ممالكهم وحدودهم يط-في اسماء الكواكب والبروج ومنازل القمر وامثال ذلك ك-في ذكر " برهماند" كا-في صورة الارض والسماء على الوجود الملية التي ترجع الى الاخبار والروايات السمعية كب-في ذكر القطب واخباره س كج-في ذكر جبل ميرو بحسب ما يعتقده اصحاب " البرانات " وغيرهم فيه كد-في ذكر " الديبات" السبعة بالتفصيل من جهة " البرانات " كه-في ذكر الانهار ومخارجها وممارها على الطوائف كو-في صورة السماء والارض عند المنجمين منهم كز-في الحركتين الاولين عند منجميهم وعند اصحاب " البرانات " كح-في تحديد الجهات العشر كط-في تحديد المعمور من الارض عندهم ل-في ذكر " لنك" وهو المعروف بقبة الارض لا-في فصل ما بين الممالك الذي نسميه فصل ما بين الطولين لب-في ذكر المدة والزمان بالاطلاق وخلق العالم وفناءه لج-في اصناف اليوم ونهاره وليله لد-فيما يقصر عن اليوم من اجزاءه المتصاغرة له-في اصناف الشهور والسنين لو-في المقادير الاربعة التي تسمى " مان" لز-في ابعاض الشهر والسنة لح-فيما يتركب من اليوم الى تتمة امر " براهم " لط-فيما يفضل على عمر "براهم" م-في ذكر سند وهو الفصل المشترك بين الازمنة ما- في الابانة عن " كلب" و " جترجوك" وتحديد احدهما بالاخر مب-في تفسير " جترجوك " بالجوكات الارعة وذكر ما فيها من الاختلاف مج-في خواص الجوكات الاربعة وذكر كل المنتظر في اخر رابعها مد-في ذكر المننترات مه-في ذكر بنات نعش مو-في " ناراين " ومجيئه في الاوقات واسمائه مز-في ذكر "باسديو " وحروب " بهارت" مح-في الابانة عن مقدا ر " اكشو هني" مط-في التواريخ بالاجمال ن-في ادوار الكواكب كل واحد من " كلب" و" جترجوك" نا-في تقري امر " ادماسة " و " اونراتر" و " الاهركنات " المختلفة الايام نب-في عمل " اهركن" بالاطلاق اعني تحليل السنين والشهور الى الايام وعكس ذلك بتركيبها سنين نج-في تحليل السنين بأعمال جزئية مفروضة لاوقات ند-في استخراج اوساط الكواكب نه-في ترتيب الكواكب وابعادها واعظامها نو-في منازل القمر نز-في ظهورالكواكب من تحت الشعاع وذكر قرابينهم ورسومهم عنده نح-في المد والجزر المتعاقبين على مياه البحر نط-في ذكر كسوف الشمس والقمر س-في ذكر " برب" سا- في ارباب الازمنة شرعا ونجوما وما يتبع ذلك من امثاله سب-في " السنبجر الستيني" ويسمى ايضا " شدبد" سج-في ما يخص البرهمن ويجب عليه مدى عمره ان يفعله سد-في ما لغير البرهمن من الرسوم في عمره سه-في ذكر القرابين سو-في الحج وزيارة المواضع المعظمة سز-في الصدقات وما يجب في القنية سح-في المباح والمحظور من المطاعم والمشارب سط-في المناكح والحيض واحوال الاجنة والنفاس ع-في الدعاوي عا-في العقوبات والكفارات عب-في المواريث وحقوق الميت فيها عج-في حق الميت في جسده والاحياء في اجسادهم عد-في الصيام وانواعها عه-في تعيين ايام الصيام عو-في الاعياد والافراح عز-في الايام المعظمة والاوقات المسعودة والمنحوسة والمعينة لاكتساب الثواب عح-في ذكر " الكرنات" عط-في ذكر " الزوكات" ف-في ذكر اصولهم المدخلية الى احكام النجوم والاشارة الى طرقهم فيها فذلك ثمانون بابا
أ‌-     في ذكر احوال الهند وتقريرها امام ما نقص يجب ان نتصور امام مقصدودنا الاحوال التي يتعذر استشفاف امور الهند ، فاما ان يسهل بمعرفتها الامر واما ان يتمهد له العذر ، وهو ان القطيعة تخفي ما تبديه الوصلة ، ولها فيما بيننا اسباب : منها ان القوم يباينوننا بجميع ما يشترك فيه الامم ، واوله اللغة وان تباينت الامم بمثله ومتى رامها احد لازالة المبيانة لما يسهل ذلك لانها في ذاتها طويلة وعريضة تشابه العربية يتسمى الشئ الواحد فيها بعدة اسام مقتضبة ومشتقة ، وبوقوع الاسم الواحد على عدة مسميات محوجة في المقاصد الى زيادة صفات اذ لا يفرق بينها الا ذو فطنة لموضع الكلام وقياس المعنى الى الوراء والامام ، ويفتخرون بذلك افتخار غيرهم فيه من حيث هو بالحقيقة عيب في اللغة ثم هي منقسمة الى مبتذل لا ينتفع به الا السوقة، والى مصون يتعلق بالتصاريف والاشتقاق ودقائق النحو والبلاغة لا يرجع اليه غير الفضلاء المهرة ثم هي مركبة من حروف لا يطابق بعضها حروف العربية والفارسية ولا تشابيهها بل لا تكاد السنتنا ولهواتنا تنقاد لاخراجها على حقيقة مخارجها ولا اذاننا تسمع بتمييزها من نظائرها واشباهها ولا ايدينا في الكتبة لحكاياتها ، فيتعذر بذلك اثبات شئ من لغتهم بخطنا لما نظطر اليه من الاحتيال لظبطها بتغيير النقط والعلامات وتقييدها بأعراب اما مشهور واما معمول هذا مع عدم اهتمام الناسخين لها وقلة اكتراثهم بالصحيح والمعارضة حتى يضيع الاجتهاد ويفسد الكتاب في نقل له او نقلين ويصير ما فيه لغة جديدة لا يهتدي لها داخل او خارج من كلتا الامتين ، ويكفيك معرفاً انا ربما تلقفنا من افواههم اسماء واجتهدنا في التوثيقة منه فأذا اهدناه عليهم لم يكادوا يعرفونه الا بجهد ؛ ويجتمع في لغتهم كمات يجتمع في سائر لغات العجم حرفان ساكنان او ثلاثة وهي التي يسميها اصحابنا متحركات بحركة خفيفة ويصعب علينا التفوه بأكثر كلاماتها واسمائها لأفتتاحها بسكون ؛ وكتبهم في العلوم مع ذلك منظومة بأنواع من الوزن في ذوقهم وقد قصدوا بذلك انحفاظها على حالها وتقديرها وسرعة ظهرو الفساد فيها عند حصول الزيادة والنقصان ليسهل حفظها فأن تعويلهم عليه دون المكتوب ، ومعلوم ان النظم لا يخلو من شوب التكلف لتسوية الوزان وتصحيح الانكسار وجبر النقصان ، ويحوج الى تكثر العبارات ، وهو احد اسباب تقلقل الاسامي في مسمياتها ؛ فهذا من الاسباب التي تعسر الوقوف على ما عندهم . ومنها انهم يبانوننا في الديانة مباينة كلية لا يقع منا شئ من الاقرار بما عندهم ولا منهم بشئ مما عندنا ، وعلى قلة تنازعهم في امر المذاهب بينهم بما سوى الجداول والكلام دون الاضرار 7 بالنفس او البدن او الحال ليسو مع من عداهم بهذه الوتيرة وانما يسمونه " مليج" وهو القذر لا يستجيزون مخالطته في مناكحة ومقاربة او مجالسة ومؤاكلة ومشاربة من جهة النجاسة ، ويستقذرون ما تصرف على مائه وناره وعليهما مدار المعاش ، ثم لا مطمع في اصلاح ذلك بحيلة كما يطهر النجس بالانحياز الى حالة الطهارة فليس بمطلق لهم قبول من ليس منهم اذا رغب فيهم او صبا الى دينهم وهذا مما يفسخ كل وصلة و يوجب اشد قطيعة . ومنها انهم يباينزننا في الرسم والعادات حتى كادوا ان يخوفوا ولدانهم بنا وبزينا وهيئاتنا وينسبوننا الى الشيطنة وأياها الى عكس الواجب وان كانت هذه النسبة لنا مطلقة وفيما بيننا بل وبين الامم باسرها مشتركة ؛ وعهدي ببعضهم وهو ينقم منا بأن احد ملوكهم هلك على يد عدو له قصده من ارضنا وخلف جنيناً ملك بعده وسمي "سبكر8" وحين الايفاع سأل امه عن حال ابيه فقصت عليه القصة وامتعض لها فبرز من ارضه الىارض العدو واستوفى نزته من الامم حتى مل الاثخان والنكاية فالزم البقايا هذا التزى بزينا تذليلا لهم وتنكيلا فشكرت فعله لما سمعته اذ لم يسمنا التنهد والانتقال الى رسومهم. ومما زاد في النفار والمباينة ان الفرقة المعروفة بالشمنية على شدة البغضاء منهم للبراهمة هم اققرب الهند من غيرهم وقد كانت خرسان وفارس والعراق والموصل الى حدود الشام في القديم على ذينهم الى ان نجم ًزردتً من اذربيجان ودعا ببلخ الى المجوسيةوراجت9 دعوته عند ًكشتبانً وقام بنشرها ابنه ًاسفنديارً في بلاد الشرق والغرب قهراً والمغرب قهراً وصلحاً ونصب بيوت النيران من الصين الى الروم، تم استصفى الملوك بعدهفارس والعراق لملتهم ده من الحكاية عنهم
فانجلتت "الشمنية" عنها الى مشارق بلخ وبقى المجوس الى الان بآرض الهند ويسمون بها "مك" ؛ وكان ذلك بدو النفار عن الجنبة خرسان فيهم الى أن جاء الاسلام وذهبت دولة فارس ، فزادهمغزو ارضهم استيحاشا لما دخل محمد بن القاسم بن المنبة ارض السند من نواحي سجستان وافتتح بلد "بمهنو" وسماه "منصورة " وبلد "مولستان" وسماه " معمورة" واوغل في بلاد الهند الى ميدينة " كنوج" ووطئ ارض القندهار وحدود كشمير راجعاً يعارك مرة ويصالح اخرى ويقر القوم على النحلة الا من رضي منها بالنقلة 10وغرس ذلك في قلوبهم السخائم ، وان لم يتجاوز بعده من الغزاة حدود كابل وماء السند احد الى ايام الترك حين تملكوا بغزنة في ايام السامانية ونابت الدولة ناصر الدين سبكتكين فآثر الغزو وتلقب به وطرق لمن بعده في توهين جانب الهند طرقاً سلكها يمين الدولة محمود رحمهما الله نيفا وثلاثين سنة فأباد بها خضراءهم وفعل من الاعاجيب في بلادهم ما صاروا به هباءً منثورا وسمرا مشهورا ، فبقيت بقاياهم المتشردة 11 على غاية التنافر والتباعد عن المسلمين بل كان ذلك سبب انمحاق علومهم عن الحدود المفتتحة وانجلائها الى حيث لا يصل اليه اليد بعد من كشمير وبانارسي وامثالها مع استحكام القطيعة فيها مع جميع الاجانب بموجب السياسة والديانة .الشمنية" عنها الى مشارق بلخ وبقى المجوس الى الان بآرض الهند ويسمون بها "مك" ؛ وكان ذلك بدو النفار عن الجنبة خرسان فيهم الى أن جاء الاسلام وذهبت دولة فارس ، فزادهمغزو ارضهم استيحاشا لما دخل محمد بن القاسم بن المنبة ارض السند من نواحي سجستان وافتتح بلد "بمهنو" وسماه "منصورة " وبلد "مولستان" وسماه " معمورة" واوغل في بلاد الهند الى ميدينة " كنوج" ووطئ ارض القندهار وحدود كشمير راجعاً يعارك مرة ويصالح اخرى ويقر القوم على النحلة الا من رضي منها بالنقلة 10وغرس ذلك في قلوبهم السخائم ، وان لم يتجاوز بعده من الغزاة حدود كابل وماء السند احد الى ايام الترك حين تملكوا بغزنة في ايام السامانية ونابت الدولة ناصر الدين سبكتكين فآثر الغزو وتلقب به وطرق لمن بعده في توهين جانب الهند طرقاً سلكها يمين الدولة محمود رحمهما الله نيفا وثلاثين سنة فأباد بها خضراءهم وفعل من الاعاجيب في بلادهم ما صاروا به هباءً منثورا وسمرا مشهورا ، فبقيت بقاياهم المتشردة 11 على غاية التنافر والتباعد عن المسلمين بل كان ذلك سبب انمحاق علومهم عن الحدود المفتتحة وانجلائها الى حيث لا يصل اليه اليد بعد من كشمير وبانارسي وامثالها مع استحكام القطيعة فيها مع جميع الاجانب بموجب السياسة والديانة .
وبعد ذلك اسباب ذكرها كالطعن فيهم ولكنها حافية 12 في اخلاقهم غير خفية ، والحمق داء لا دواء له ؛ وذلك انهم يعتقدون في الارض انها ارضهم وفي الناس انهم جنسهم وفي الملوك انهم رؤسائهم وفي الدين انه نحلتهم وفي العلم انه ما معهم فيترفعون ويتبظرمون13 ويعجبون بأنفسهم فيجهلون ، وفي طباعهم الضن بما يعرفونه والافراط في الصيانة له عن غير اهله منهم فكيف عن غيرهم ؛ على انهم لا يظنون ان في الارض غير بلدانهم وفي الناس غير سكانها وان للخلق غيرهم علما حتى انهم ان حدثوا بعلم او عالم في خراسان وفارس استجهلوا المخبر ولم يصدقوه للافة المذكورة ، ولو انهم سافروا وخالطوا غيرهم لرجعوا عن رأيهم ، على ان اوائلهم لم يكونوا بهذه المثابة من الغفلة ، فهذا " براهمهر" احد فضلائهم حين يأمر بتعظيم البراهمة يقول : " ان اليونانيين وهم انجاس لما تخرجوا في العلوم وانافوا 14 فيها على غيرهم وجب تعظيمهم فما عسى نقوله في الربهمن اذا حاز الى طهارته شرف العلم ? " وكانوا يعترفون لليونانين بأن ما اعطوه من العلم ارجح من نصيبهم منه ، ويكفيك دليلاً عليه من مادح نفسه وهو يقرئك السلام ، اني كنت اقف من منجميهم مقام التلميذ من الاستاذ لعجمتي فيما بينهم وقصوري عما هم فيه من مواضعاتهم ، فلما اهتديت قليلاً لها اخذت اوقفهم على العلل واشير الى شيئ من البراهين والوح لهم الطرق الحقيقية في الحسابات فأنثالوا متعجبين وعلى الاستفادة متهافتين يسألون : عمن شاهدته من الهند حتى اخذت عنه ? وانا اريهم مقدارهم واترفع عن جنبتهم مستنكفاً ، فكادوا ينسبونني الى السحر ولم يصفوني عند اكابرهم بلغتهم الا بالبحر والماء يحمض حتى يعوزوا15 الخل ، فهذه صورة الحال . ولقد اعيتني المداخل فيه مع حرصي الذي تفردت به في ايامي وبذلي الممكن غير شحيح عليه في جمع كتبهم من المظان واستحضار من يهتدي لها من المكامن ومن لغيري 16 ذلك الا من يرزق من توفيق الله ما حرمته في القدرة على الحركات عجزت فيها عن 17 القبض والبسط في الامر والنهي طوى عني جانبها ، والشكر لله على ما كغى منها ؛ واقول :ان اليونانيين ايام الجاهلية قبل ظهور النصرانية كانوا على مثل ما عليه الهند من العقيدة ، خاصتهم في النظر قريب من خاصتهم وعامهم في عبادة الاصنام كعامتهم ، ولهذا استشهد من كلام بعضهم على بعض بسبب الاتفاق وتقارب الامرين لا التصحيح فان ما عدا الحق زائغ والكفر ملة واحدة من اجل الانحراف عنه ، ولكن اليونانيين فازوا بالفلاسفة الذين كانوا في ناحيتهم حتى نقحوا لهم الاصول الخاصة دون العامة لان قصارى الخواص اتباع البحث والنظر وقصارى العوام التهور واللجاج اذا خلوا عن الخوف والرهبة ، يدل على ذلك سقراط لما خالف في عبادة الاوثان عامة قومه وانحرف عن تسمية الكواكب " آلهة" في لفظة اطبق قضاة اهل اثينية الاحد عشر على الفتيا بقتله دون الثاني عشر حتى قضى نحبه غير راجع عن الحق ؛ ولم يك للهند امثالهم من يهذب العلوم فلا تكاد تجد لذلك لهم خاص كلام الا في غاية الاظطراب وسوء النظام ومشوباً في اخره خرافات العوام من تكثير العدد وتمديد المدد ومن موضوعات النحلة التي يستفظع اهلها فيها المخالفة ، ولاجله يستولي التقليد عليهم وبسببه اقول فيما هو بابتي منهم اني لا 18 اشبه ما في كتبهم من الحساب ونوع التعاليم الا بصدف مخلوط بخزف 19 او بدر ممزوج ببعر او بمهى مقطوب بحصى ، والجنسان عندهم سيان اذ لا مثال لهم لمعارج البرهان ؛ وانا في اكثر ما سأورده من جهتهم حاك غير منتقذ الا عن ضرورة ظاهرة ، وذاكر من الاسماء والموضوعات في لغتهم ما لابد من ذكره مرة واحدة يوجبها التعريف ، ثم ان كان مشتقاً يمكن تحويله في العربية الى معناه لم امل عنه الى غيره الى ان يكون بالهندية اخف في الاستعمال فتستعمله بعد غاية التوثقة منه في الكتبة ، او كان مقتضباً شديد الاشتهار فبعد الاشارة الى معناه ، وان كان له اسم عندنا مشهور فقد سهل الامر فيه ؛ ويتعذر فيما قصدناه سلوك الطريق الهندسي في الاحالة على الماضي دون المستأنف ، ولكنه ربما يجي في بعض الابواب ذكر مجهول وتفسيره آت في الذي يتلوه ، والله الموفق .
ب-ذكر اعتقادهم في الله سبحانه
انما اختلف اعتقاد الخاص والعام في كل امة بسبب ان طباع الخاصة ينازع المعقول ويقصد التحقيق في الاصول ، وطباع العامة يقف عند المحسوس ويقتنع بالفروع ولا يروم التدقيق وخاصة فيما افتتنتبه الاراء ولم يتفق عليه الاهواء ؛ واعتقاد الهند في الله سبحانه انه الواحد الازلي من غير ابتداء ولا انتهاء المختار في فعله القادر الحكيم الحي المدبر المبقي الفرد في ملكوته عن الاضداد والانداد لا يشبه شيئاً ولا يشبهه شيئ ، ولنورد في ذلك شيئاً من كتبهم لئلا تكون حكايتنا كالشئ المسموع فقط ، قال السائل في كتاب "باتنجل" من هذا المعبود الذي ينال التوفيق في بعباداته ? قال المجيب : هو المستغنى بأوليته 20 ووحدانيته عن فعل لمكافأة عليه براحة تؤمل وترتجى او شدة تخاف وتتقى ، والبرئ عن الافكار لتعاليه عن الاضداد المكروهة والانداد المحبوبة ، والعلم بذاته سرمدا اذ العلم الطارئ يكون لما لم يكن بمعلوم وليس الجهل بمتجه عليه في وقت ما او حال ؛ ثم يقول السائل بعد ذلك : فهل له من الصفات غير ما ذكرت ? ويقول المجيب : له العلو التام في القدر لا المكان فأنه يجل عن التمكن ، وهو الخير المحض التام الذي يشتاقه كل موجود ، وهو العلم الخالص عن دنس السهو والجهل ؛ قال السائل : افتصفه بالكلام ام لا ? قال المجيب : اذا كان عالماً فهو لا محالة متكلم ؛ قال السائل : فان كان متكلماً لاجل علمه فما الفرق بينه وبين العلماء الحكماء الذين تكلموا من اجل علومهم ? قال المجيب : الفرق بينهم هو الزمان فأنهم تعلموا فيه وتكلموا بعد ان لم يكونوا عالمين ولا متكلمين ونقلوا بالكلام علومهم الى غيرهم فكلامهم وافادتهم في زمان ، واذ ليس للامور الالهية بالزمان اتصال فالله سبحانه عالم متكلم في الازل ، وهو الذي كلم "براهم" وغيره من الاوائل على انحاء شتى فمنهم من القى اليه كتاباً ، ومنهم من فتح لواسطة اليه باباً ، ومنهم من اوحى اليه فنال بالفكر ما افاض عليه ؛ قال السائل : فمن اين له هذا العلم ? قال المجيب : علمه على حاله في الازل ، واذ لم يجهل قط فذاته عالمة لم تكتسب علماً لم يكن له ، كما قال في "بيذ" الذي انزله على براهم : احمدوا وامدحوا من تكلم بيذ وكان قبل بيذ ؛ قال السائل : كيف تعبد من لم يلحقه الاحساس ? قال المجيب : تسميه تثبت إنيته فالخبر لا يكون الا عن شيئ والاسم لا يكون الا لمسمى ، وهو ان غاب عن الحواس فلم تدركه فقد عقلته النفس واحاطت بصفاته الفكرة وهذه هي عبادته الخالصة وبالمواظبة عليها ينال السعادة ؛ فهذا كلامهم في هذا الكتاب المشهور . وفي كتاب " كيتا " وهو جزؤ من كتاب "بهارات" فيما جرى بين "باسيدو" وبين " ارجن" : انى انا الكل من غير مبدإ بولادة او 21منتهى بوفاة ، لا اقصد بفعلي مكافأة ولا اختص بطبقة دون اخرة لصداقة او عداوة ، قد اعطيت كلا من خلقى حاجتهفي فعله ، فمن عرفني بهذه الصفة وتشبه في ابعاد الطمع عن العمل انحل وثاقه وسهل خلاصه وعتاقه ، وهذا كما قيل في حد الفلاسفة : انها التقيل بالله ما امكن ، وقال في هذا الكتاب : اكثر الناس يلجثهم الطمع في الحاجات الى الله ، واذا حققت الامر لديهم وجدتهم من معرفته في مكان سحيق لان الله ليس بظاهر لكل احد يدركه بحواسه فلذلك جهلوه ؛ فمنهم من لم يتجاوز فيه المحسوسات ، ومنهم من اذا تجاوزها وقف عند المطبوعات ، ولم يعرفوا ان فوقها من لم يلد ولم يولد ولم يحط بغير انيته علم احد وهو المحيط بكل شيئ علماً . ويختلف كلام الهند في معنى الفعل فمن اضافة اليه كان من جهة السبب الاعم لان قوام الفاعلين اذا كان 22 به هو سبب فعلهم فهو فعلة بواسطتهم ، ومن اضافه الى غيره فمن جهة الوجود الادنى . وفي كتاب "سانك" قال الناسك : هل اختلف في الفعل والفاعل ام لا ? قال الحكيم : قد قال القوم ان النفس غير فاعلة والمادة غير حية فالله المستغني هو الذي يجمع بينهما ويفرق فهو الفاعل والفعل واقع من جهته بتحريكهما كما يحرك الحي القادر الموات العاجز ؛ وقال آخرون : ان اجتماعهما بالطباع فهكذا جرت العادة في كل ناش بال ، وقال اخرون : الفاعل هو النفس لان في "بيذ" ان كل موجود فهو من " بورش" وقال اخرون : الفاعل هو الزمان فان العالم مربوط به ربط الشاة بحبل مشدود بها حتىتكون حركتها بحسب انجذابه واسترخائه ، وقال ارخون : ليس الفعلل سوى المكافاة على العمل المتقدم ؛ وكل هذه الاراء المنحرفة عن الصواب وانما الحق فيه ان الفعل كله للمادة لانها هي التي تربط وتردد في الصور وتخلي فهي الفاعلة وسائر ما تحتها اعوان لها على اكمال العل ، ولخلو النفس عن القوى المختلفة هي غير فاعلة . فهذا قول خواصهم في الله تعالى ويسمونه "ايشفر" أي المستغني الجواد الذي يعطي ولا يأخذ لانهم رأوا وحدته هي المحضة ووحدة ما سواه بوجه من الوجوه متكثرة ورأوا وجوده حقيقاً لان قوام الموجودات به ولا يمتنع توهم ليس فيها مع :" ايس23" فيها ، ثن ان تجاوزنا طبقة الخواص من الهند الى عوامهم اختلف الاقاويل عندهم وربما سمجت كما يوجد مثله في سائر الملل بل و في الاسلام من التشبيه والاجبار وتحريم النظر في شيئ وامثال ذلك يوجب 24 التهذب ، مثاله ان بعض خواصهم يسمي الله تعالى " نقطة" ليبرئه بها عن صفات الاجسام ، ثم يطالع ذلك عاميهم فيظن انه عظمة بالتصغير ولا يبلغ به فهمه الى تحقيق النقطة فيتجاوز سماجة التشبيه والتحديد بالتعظيم الى قوله : انه يطول اثني عشر اصبعاً في عرض عشر اصابع تعالى عن التحديد والتعديد ، ومثل ما حكيناه من احاطته بالكل حتى لا يخفى عليه خافية فيظن عاميهم ان الاحاطة تكون بالبصر والبصر بالعين والعينان افضل من العور فيصفه بألف عين عبارة عن كمال العلم ؛ وامثال هذه الخرافات الشنعة عندهم موجودة وخاصة في الطبقات التي لم يسوغ لهم تعاطي العلم ما يجيئ ذكرهم في موضوعه .وى المكافاة على العمل المتقدم ؛ وكل هذه الاراء المنحرفة عن الصواب وانما الحق فيه ان الفعل كله للمادة لانها هي التي تربط وتردد في الصور وتخلي فهي الفاعلة وسائر ما تحتها اعوان لها على اكمال العل ، ولخلو النفس عن القوى المختلفة هي غير فاعلة . فهذا قول خواصهم في الله تعالى ويسمونه "ايشفر" أي المستغني الجواد الذي يعطي ولا يأخذ لانهم رأوا وحدته هي المحضة ووحدة ما سواه بوجه من الوجوه متكثرة ورأوا وجوده حقيقاً لان قوام الموجودات به ولا يمتنع توهم ليس فيها مع :" ايس23" فيها ، ثن ان تجاوزنا طبقة الخواص من الهند الى عوامهم اختلف الاقاويل عندهم وربما سمجت كما يوجد مثله في سائر الملل بل و في الاسلام من التشبيه والاجبار وتحريم النظر في شيئ وامثال ذلك يوجب 24 التهذب ، مثاله ان بعض خواصهم يسمي الله تعالى " نقطة" ليبرئه بها عن صفات الاجسام ، ثم يطالع ذلك عاميهم فيظن انه عظمة بالتصغير ولا يبلغ به فهمه الى تحقيق النقطة فيتجاوز سماجة التشبيه والتحديد بالتعظيم الى قوله : انه يطول اثني عشر اصبعاً في عرض عشر اصابع تعالى عن التحديد والتعديد ، ومثل ما حكيناه من احاطته بالكل حتى لا يخفى عليه خافية فيظن عاميهم ان الاحاطة تكون بالبصر والبصر بالعين والعينان افضل من العور فيصفه بألف عين عبارة عن كمال العلم ؛ وامثال هذه الخرافات الشنعة عندهم موجودة وخاصة في الطبقات التي لم يسوغ لهم تعاطي العلم ما يجيئ ذكرهم في موضوعه .
ج-في ذكر اعتقادهم في الموجودات العقلية والحسية
ان قدماء اليونانيين قبل نجوم الحكمة فيهم بالسبعة المسمين " اساطين الحكمة" وهم ا " سولن" الاثيني ب و "بيوس" الفريني ج و " فارياندوس " القورني دو "ثالس" المليسوسي و " كيلون " اللقاذوموني 25 و "فيطيقوس 26 وتهذيب الفلسفة عندهم بمن نشأ بعدهم كانوا على مثل مقالة الهند ، وكان فيهم من يرى ان الاشياء كلها شيئ واحد ثم من قائل في ذلك بالكمون ومن قائل بالقوة وان الانسان مثلاً لم يتفضل عن الحجر والجماد الا بلاقرب من العلة الاولى بالرتبة والا فهو هو ، ومنهم من كان يرى الوجود الحقيقي للعلة الاولى فقط لاستغنائها بذاتها فيه وحاجة غيرها اليها وان ما هو مفتقر في الوجود الى غيره فوجوده كالخيال غير حق والحق هو الواحد الاول فقط ، وهذا رأي السوفية وهم الحكماء فان "سوف" باليونانية الحكمة وبها سمي الفيلوسف "بلاسوبا" أي محب الحكمة ولما ذهب في الاسلام قوم الى قريب من رأيهم سموا بأسمهم ولم يعرف اللقب بعظهم فنسبهم للتوكل الى " الصفة" وانهم اصحابها في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم صحف بعد ذلك فصير من صوف التيوس ؛ وعدل ابو الفتح السبتي عن ذلك احسن عدول في قوله :
تنازع الناس في الصوفى واختلفـوا
قدماً وظنوه مشتقاً من الـصـوف
ولست انحل هذا الاسم غـير فـي
صافي فصوفي حتى لقب الصوفي

وكذلك ذهبوا الى ان الموجود شيئ واحد وان العلة الاولى تترايا فيه بصور مختلفة وتحل قوتها في ابعاضه بأحوال متباينة وتوجب التغاير مع الاتحاد ، وكان فيهم من يقول : ان المنصرف بكليته الى العلة الاولى متشبهاً بها على غاية امكانه يتخد بها عند ترك الوسائط وخلع العلائق والعوائق ؛ وهذه اراء يذهب اليها الصوفية لتشابه الموضوع ، وكانوا يرون في الانفس والارواح انها قائمة بذواتها قبل التجسد بالابدان معدودة مجندة تتعارف وتتناكر وانها تكتسب في الاجساد بالخيرورة ما يحصل لها به بعد مفارقة الابدن الاقتدار على تصاريف العالم ولذلك سموها "الهة" وبنوا الهياكل بأسمائها وقربوا القرابين لها ؛ كما يقول جالسنوس في كتاب " الحث على تعلم الصناعات" : ذوو الفضل من الناس انما استأهلوا ما نالوه من الكرامة حتى لحقوا بالمتأهبين بسبب جودة معالجتهم للصناعات لا بالاحصار والمصارعة ورمي الكرة من ذلك ان " اسقليبيوس " و " ديونوسيوس " ان كانا فيما مضى انسانين ثم انهما تألها او كانا منذ اول امرهما متألهين فأنهما انما استحقا اعظم الكرامة بسبب ان احدهما علم الناس الطب والاخر علمهم صناعة الكروم ، وقال جالينوس في تفسيره لعهود ابقراط : اما الذبائح بأسم " اسقليبيوس" فما سمعنا قط بأن احدا قرب له ماعزاً من اجل ان غزل شعره لا يسهل وان الاكثار من لحمه يصرع لرداءة كيموسه ، وانما يقربون ديكة كما قربها ابقراط 27فان هذا الرجل الالهي اقتنى للناس صناعة الطب وهي افضل مما استخرجه " ديو نو سيوس" اعني الخمر و "ذيميطر" اعني الحبوب التي يتخذ منها الخبز ولذلك تسمى الحبوب بأسم هذه 28، وشجرة الكرم بأسم هذا ؛ وقال افلاطن في "طيماوس" : " الطي" الذين يسميهم الحنفاء "الهة" بسبب انهم لا يموتون يسمون الله "الاله الاول " هم الملائكة ، ثم قال هو : ان الله قال للالهة انكم لستم في انفسكم غير قابلين للفساد اصلا وانما لن تفسدوا بموت انكم نلتم من مشيئتي وقت احداثي لكم اوثق عقد ؛ وقال فيه في موضع اخر : الله بالعدد الفرد لا الهة بالعدد المكثر ؛ فعندهم على ما يظهر من اقاويلهم يقع اسم الالهة من جهة العموم على كل شيئ جليل شريف يوجد ذلك كذلك عند امم كثيرة حتى يتجاوزون 29 به الى الجبال والبحار وامثالها ، ويقع من جهة الخصوص على العلة الاولى وعلى الملائكة وانفسهم 30 ، وعلى نوع اخر يسميها افلاطن "السكينات" ، ولم تبلغ عبارة المترجمين فيها الى الترعريف التام فلذلك وصلنا منها الى الاسم دون المعنى ؛ وقال يحيى النحوي في رده على " ابروقلس" : كان اليونانيون يوقعون اسم" الالهة " على الاجسام المحسوسة في السماء كما عليه كثير من العجم ، ثم لما تفكروا في الجواهر المعقولة اوقعوا هذا الاسم عليها ؛ فبأظطرار يعلم ان معنى التأه راجع الى ما يذهب اليه الملائكة ، وذلك في صريح كلام جالينوس في ذلك الكتاب : ان كان الامر حقاً في ان " اسقليبوس" كان فيما مضى انساناً ثم ان الله اهله لان جعله ملكاً من الملائكة فما عداه هذيان ، وفي موضع اخر منه يقول : ان الله قال " للوفرغوس31" اني في بابك امرين بين ان اسميك انساناً وبين ان اسميك ملكاً والى هذا اميل فيك ؛ ولكن من الالفاظ ما يمسج في دين ويسمح 32 به لغة وتأباه 33اخرى ومنها لفظة التأله في دين الاسلام فنانا اذا اعتبرناها في لغة العرب وجدنا جميع الاسامي التي سمي بها الحق المحض متجه على غيره بوجه ما سوى اسم "الله" فأنه يختص به اختصاصاً قيل له انهاسمه الاعظم ، واذا تأملناه في العبرية والسريانية اللتين بهما الكتب المنزلة قبل القرآن وجدنا "الرب " في التوراة وما بعدها من كتب الانبياء المعدودة في جملتها موازيا لله في العربي غير منطلق على احد بأضافة كرب البيت ورب المال ووجدنا الاله فيها موازيا للرب في العربي ، فقد ذكر فيها : ان بني اولوهيم نزلوا الى بنات الناس قبل الطوفان وخالطوهن ، وذكر في كتاب "ايوب الصديق" ان الشيطان دخل مع بني اولوهيم الى مجمعهم ، وفي توراة موسى قول الرب : اني جعلتك الهاً لفرعون وفي المزمور الثاني والثمانين من زبور داود : ان الله قام في جماعة الالهة يعني الملائكة وسمي في التوراة الاصنام "الهة غرباء"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق