الجمعة، 27 مايو 2016

صينيون بلسان عربي مبين


صلاح صبح ـ بكين
خط ّطلاب صينيون بأيديهم، وبلغة عربية سليمة، كلمات عرفان وامتنان للمغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه، مؤكدين أن المركز الذي يحمل اسم سموه في كلية الدراسات العربية التابعة لجامعة الدراسات الأجنبية في بكين، أسهم في نشر اللغة العربية في ربوع الصين.
وكان الشيخ زايد بن سلطان تبرع بتكلفة إنشاء المركز أثناء زيارته إلى العاصمة بكين عام 1990، وانطلق المركز بعدها بأربع سنوات، ليصبح مؤسسة تعليمية بارزة لتدريس اللغة العربية في الصين، وصرحاً معرفياً لنشر الثقافة الإسلامية.
والتقت «الرؤية» أساتذة وطلاب مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية، على هامش زيارة وفد إعلامي يضم ممثلين من سبع دول عربية إلى الصين أخيراً.
واللافت أن طلاب المركز، الذي يستقبل نحو 60 طالباً جديداً كل عام، يختارون لأنفسهم أسماء عربية فور بدء الدراسة لتسهيل التواصل في ما بينهم، ثم يشتهرون لاحقاً بهذه الأسماء حتى بعد تخرجهم والتحاقهم بوظائف.
وكتب مدير المركز الدكتور شوي تشينغ قوه، واسم شهرته بسام، واصفاً أثر مركز الشيخ زايد في نشر الثقافة العربية في ربوع الصين «يبقى مركز الشيخ زايد في بكين نصباً تذكارياً للصداقة الصينية الإماراتية، ولرؤية الشيخ زايد العظيمة في نشر الصورة المشرقة عن الثقافة العربية الإسلامية في ربوع الصين».
أما طالب الماجستير في الدراسات العربية لي شي بينون، الشهير باسم لطيف، فعبر عن امتنانه بالقول «صاحب السمو الشيخ زايد .. مع أني لم أقابلكم من قبل، أشعر بوجودكم معنا في هذا المركز العظيم. إنكم من أساتذتنا الأعزاء».
وعن سبب اختياره دراسة اللغة العربية، شرح لطيف أنه بطبعه يحب التحدي، والانطباع السائد حول العالم أن اللغة العربية تتنافس مع الصينية لاحتلال المركز الأول كأصعب لغة حية، وبما أنه صيني، ويتحدث لغته الأم بطلاقة، قرر دراسة اللغة العربية حتى يجمع بين أصعب لغتين في العالم.
ولم تفوت طالبة الدكتوراة مايه، الشهيرة باسم عائشة، فرصة زيارة الوفد الإعلامي العربي إلى المركز، وأطلقت العنان لحنجرتها الذهبية لتصدح بمختارات من أغاني فيروز الشهيرة، لتحظى بإعجاب الحضور الذين منحوها لقب فيروز الصينية، نظراً لإتقانها مخارج الحروف العربية وبراعتها في الغناء.
وخطت عائشة بيدها كلمات شكر للشيخ زايد نصها «شكراً جزيلاً لبناء هذا المركز للدراسات الإسلامية واللغة العربية».
وأضافت «أنا على يقين بأنه سيصبح مهداً للصداقة بين الصين والعالم العربي في المستقبل».
وتأسست جامعة الدراسات الأجنبية في بكين التي تحتضن المركز، عام 1941، وتعد أقدم جامعة صينية في تعليم اللغات والثقافات الأجنبية، وأنشئت كلية الدراسات العربية عام 1958، وهي أول مؤسسة تعليمية تمنح درجتي الماجستير والدكتوراة في اللغة العربية وآدابها.
وتعد الجامعة مهداً للسفراء الصينيين حول العالم، إذ تخرج فيها نحو 400 سفير، فيما تخرج نصف السفراء الذين يمثلون الصين في الدول العربية كافة، من كلية الدراسات العربية التي تحتضن مركز الشيخ زايد.
وشدد طلاب الكلية على كون مركز الشيخ زايد والدعم الإماراتي المتواصل، فتح أمامهم آفاقاً واسعة للتعمق في الدراسات العربية والإسلامية، وعن ذلك كتب الطالب رائد «شكراً جزيلاً على تبرعاتكم لكليتنا، ومساهماتكم ومساعداتكم القيّمة لدراستنا».
وبدورها، عبرت الطالبة دينا عن إعجابها بشخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي زار الصين ديسمبر الماضي، وكان شارك في إعادة افتتاح المركز بعد تحديثه عام 2012، وكتبت «الشيخ زايد، أعجبني ابنكم محمد بن زايد، وأتمنى أن يعاود زيارة الصين وزيارة جامعتنا».
ويدرس طلاب جامعة الدراسات الأجنبية في بكين نحو 70 لغة، بالإضافة إلى تخصصات أخرى كالعلاقات الدولية، إدارة الأعمال، التجارة الإلكترونية، الإعلام، القانون، الدبلوماسية، والتجارة الدولية.
ويزيد عدد طلاب الجامعة حالياً على 7000 طالب، من بينهم نحو 1000 طالب في الدراسات العليا، و1000 طالب أجنبي.
ورغم أن هناك 50 جامعة أخرى تدرس اللغة العربية في مناطق الصين كافة، إلى أن جامعة الدراسات الأجنبية التي تشتهر بكونها مهد الدبلوماسيين الصينيين، تعد الأشهر بينها، ونصف موظفي وزارة الخارجية الصينية ممن يجيدون العربية من خريجيها.
وشهد الاهتمام بتدريس العربية قفزة هائلة في السنوات الـ 15 الأخيرة، إذ زاد عدد الجامعات التي تدرسها من سبع في مطلع القرن الجاري إلى نحو 50 حالياً.

دعم متواصل أرساه زايد

تحظى كلية الدراسات العربية بدعم كبير من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفي الزيارة التاريخية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إلى الصين عام 1990، تبرع بمنحة كريمة لينشَأ على أساسها مركز الإمارات لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية»، وبُني المركز في عام 1994.
وفي أبريل عام 2007، زار سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، المركز وأعلن عن تقديم منحة قدرها مليون دولار باسم صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، لدعم أعمال المركز التعليمية والأكاديمية.
وفي مارس 2012، زار صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، المركز وحضر حفلة إعادة افتتاح المركز، بعد أن أجريت به صيانة وترميمات شاملة بتمويل من الحكومة الإماراتية، وتغير الاسم إلى مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية.
يشار إلى أن المركز الهيئة الأكاديمية الوحيدة في الصين التي تحمل اسم الشيخ زايد.

أشعار محمود درويش بالصينية
يعكف حالياً أساتذة مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية، على ترجمة مختارات من شعر محمود درويش إلى اللغة الصينية.
وكانت تجربة ترجمة مختارات من أعمال الشاعر أدونيس، التي اضطلع بها المركز، حظيت بتجاوب لافت في الأوساط الثقافية الصينية، ما شجع على تكرار التجربة مع رموز أدبية عربية أخرى.
وأبلغ «الرؤية» مدير المركز الدكتور شوي تشينغ قوه، أنه من المتوقع إنجاز ترجمة مختارات محمود درويش قبل نهاية العام الجاري.
وعن الكتب الأكثر مبيعاً بالعربية في الصين، أفاد بأن ديوان عزلتي حقيقة، لأدونيس طُبع 16 مرة، كما أن مؤلفات نجيب محفوظ، وجبران خليل جبران، وكتاب ألف ليلة وليلة، تحظى باهتمام واسع.
وإماراتياً، ترجم المركز ونشر كتاب «رؤيتي: التحديات في سباق التميز» لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وكتاب «بقوة الاتحاد: الشيخ زايد.. القائد والدولة»، وكذلك كتاب «السراب» للدكتور جمال سند السويدي مدير عام مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، وسينشر الكتاب قريباً.
كما ألف أساتذة المركز كتاب «التجربة الإماراتية الفريدة في التنمية»، ومن المتوقع أن يصدر الكتاب العام الجاري.
وأسهم المركز في تنظيم معرض للصور الفوتوغرافية بعنوان «الإمارات في عيون الصينيين»، بالتعاون مع السفارة الصينية في الإمارات والسفارة الإماراتية في بكين.
ولعب المركز دوراً مهماً في تخطيط وإنجاح مشاركة الإمارات في الدورة الـ 22 لمعرض بكين الدولي للكتاب عام 2015 كضيف شرف للمعرض، والتخطيط لإنشاء الجامعة الإماراتية الصينية المشتركة في مدينة ين تشوان الصينية، بالتعاون بين جامعة الإمارات وجامعة الدراسات الأجنبية في بكين، والمشاركة في إنشاء معهد كونفوشيوس في جامعة زايد، وحضور ندوات علمية أقامها كل من مركز الإمارات للسياسات، ومؤسسة سلطان العويس الثقافية، والمجلس الدولي للغة العربية في دبي وغيرها، ويقدم طلبة المركز سنوياً عروضاً للفنون الإماراتية في حفلات اليوم الوطني، التي أقامتها السفارة الإماراتية في بكين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق