الخميس، 19 مايو 2016

العلاقات العربية الصينية


العلاقات العربية الصينية علاقات قديمة جدّا تعود الى ما قبل الاسلام، ولكنها لم تكن في يوم من الايام علاقات ثقافية. فالانسان العربيّ القديم آمن بثقافة الهندي والفارسي واليونانيّ ولكنه لم يؤمن بثقافة الصين. اعتبر العربيّ ان الصيينيين اهل صناعة لا اهل ثقافة، هذا ما نلمحه في تعليقات كتاب عرب قدامى مثل ابي حيان التوحيديّ او صاعد الاندلسيّ أو ابن بطوطة الذي عاش سنوات وسنوات في الصين ونقل انطباعاته في رحلته الممتعة. واذا ما التفتّ الى كتب "الملل والنحل" تجد الغياب الفادح لثقافة الصين الدينية والفكرية. من سوء حظّ العرب عدم وجود شخصية كبيرة كأبي الريحان البيروني العالم الجليل الذي تناول الهند بعاداتها ولغتها ودياناتها وانسانها في كتابه البديع: "تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة" وذلك من وجهة نظر انترولوجية موضوعية سمحاء كما يتبدّى في عنوان الكتاب نفسه. وما ساعده على وضع كتابه معايشته المديدة للهنود في عقر ديارهم بعد ان اتقن بشكل كامل لغتهم السنسكريتيبة وهي لغة لها فضل، رغم موتها، على بلورة علم اللغة الحديث.

علاقتنا بالاسماء تشي بعلاقتنا بالاشياء، وهنا اشير الى مسألة لا تزال مثار استغراب وهي عدم وجود اسم لكونفوشيوس بالعربي في النصوص العربية القديمة، وقد يقول لي قائل: ولكنك تدين نفسك بنفسك في هذه العبارة. كيف تقول ليس لكونفوشيوس اسم بالعربيّ ، وها أنت قد ذكرت للتوّ اسم كونفوشيوس بالعربي؟ وأعطيت اسم كونفوشيوس كمثال لا اكثر. مصدر المعرفة هو الذي يحدّد معنى المعرفة. هل وصلنا اسم كونفوشيوس من الصين وعربناه بهذه الطريقة أم جاءنا من مصدر غير صيني؟ ومتى جاءنا اسم كونفوشيوس؟ ولماذا جاءنا بهذه الصيغة؟ وما معنى ان يكون له هذه الصيغة وليس للمقطع الأخير من اسمه صلة باللغة الصينية؟ كونفوشيوس مفردة مترجمة عن اللغة اللاتينية لا عن اللغة الصينية، فأفلاطون وارسطو وسقراط اسماء علم دخلت الى اللغة العربية من اللغة اليونانية أو السريانية مع بدايات عصر الترجمة في ايام عزّ العرب، اما اسم كونفوشيوس فلم يدخل العربية من بوابة اللغة الصينية وانما من البوابة الغربية بصياغته اللاتينية، واسمه الصيني هو " كونغ فو تزه".

ولا يمكن نكران ان الاهتمام العربيّ بالثقافة الصينية بدأ حديثا يظهر شيئا فشيئا، وترجمة بعض كتب التراث الصينيّ الغنيّ بدأت تظهر ايضاً ولكن أكثرها يترجم من لغة وسيطة ثالثة هي الفرنسية او الانكليزية او الالمانية بقلم من لا يعرف رمزا من رموز اللغة الصينية فتأتي ترجمته مشوبة بأخطاء كثيرة ولا سيّما في كتابة الاسماء.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق