الأربعاء، 4 مايو 2016

صينيون يتعلمون "العربية" في الإمارات



اللغة العربية من ضمن أكثر اللغات انتشاراً في العالم، يتحدثها أكثر من 422 مليون نسمة، ومكانة هذه اللغة دفعت عدداً من الطلبة والشباب والمعلمين القادمين من أقاصي بلاد العالم إلى جامعة دبي للحديث بلغة الضاد، على اعتبار أنها الجامعة الوحيدة في دول مجلس التعاون الخليجي التي عمدت إلى افتتاح فرع لمعهد كونفوشيوس، ومؤخراً أقامت جامعة دبي حفل توزيع شهادات دورة اللغة العربية على 5 معلمات، و20 معلماً في المعاهد والجامعات والمؤسسات التعليمية التابعة للحكومة الصينية، اطلعوا من خلالها على آداب اللغة العربية، والترجمة والمحادثات التجارية، والثقافات الإسلامية ودورها في المجتمعات العربية والتاريخ والحقوق . مما أدى إلى تبادل ثقافي شجع الطلبة العرب على تعلم الثقافة الصينية أيضاً .

يقول لنان باي، مدرس في جامعة نينغشيا في الصين: أجريت بحثاً عن اللغة العربية، دفعني إلى تعلمها والتخصص في أصولها اللغوية على المدى الطويل، فقد قرأت الكثير من الدراسات لباحثين ومستشرقين وغيرهم عن أثر اللغة العربية في اللغات التي دخلت معها في صراع لغوي، وأنجزوا إحصائيات علمية مقارنة للمفردات العربية المبثوثة خلال تلك اللغات، وأظهروا نسبة تأثيرها، إحدى تلك الدراسات أظهرت ان أثر اللغة العربية في اللغات الشرقية الأخرى هي: في الفارسية 60%، والتركية 65%، والأردية 41%، والتاجيكية 46%، والأفغانية 56% . ويضيف: هذه العظمة في اللغة العربية لا بد أن تدفع بكل إنسان غير ناطق بها إلى تعلمها، مشيراً إلى أن الدورة استمرت 71 يوماً بمعدل 300 ساعة تدريبية، من جملة أهدافها مد جسور التعاون وترويج التبادلات التجارية بين دولة الصين والإمارات بشكل خاص والدول العربية بشكل عام، وتحسين أداء أعضاء الهيئه التدريسية للغة العربية والإسلامية في نينغزيا هيو في الصين .

تتميز اللغة العربية برأي ليانغ بينغ، مساعد تدريس كلية القوميات نينغشيا المهني والتقني، بخصائص كثيرة تتضح بجلاء في كل عنصر من عناصرها، فالأصوات، انفردت العربية بثبات أصولها، إذ لم يطرأ عليها أدنى تغيير في نطق حروفها، مثلما طرأ على سائر اللغات في العالم، واعتقد أن ذلك يرجع إلى ثراء اللغة العربية، إذ للأصوات نحو خمسة عشر مخرجاً، تتوزع بين الجوف والحلق واللسان والشفتين . بينما تمتاز هذه اللغة من حيث الألفاظ بأنها الأوسع ثروة في أصول الكلمات والمفردات، إضافة إلى أنها تجمع ما بين المفردات في مختلف أنواع الكلمة، ومن الأفعال والصفات ما لم يجتمع مثله في لغة من لغات العالم، على سبيل المثال السيف، فقد جمع له نحو ألف اسم، ويضيف: ما أثار دهشتي أكثر بعد تعلم اللغة العربية، أن الأصل اللغوي للكلمة يدل على معنى بعينه، ثم نجد كل ما يشتق من هذا الأصل من صيغ، تدل على معان متقاربة ومتشابهة، تدور جميعها حول المعنى العام الذي يدل عليه الأصل، هي مثل هالة من الضوء لا ينقطع سحرها عمن يستنير بفضائها .

وبلسان عربي طلق، يؤكد على ذلك جانغ لي، وهو أحد الطلبة المتعلمين ويقول: تتميز اللغة العربية بخصائص فريدة لا تتوفر لسواها من اللغات مثل: فصاحة الكلام، وعذوبة اللفظ، وجزالة التراكيب، ورقّة العبارة، ودقّة الدلالة، والقدرة على الاشتقاق، والاتصال الوثيق بعناصر الطبيعة . مشيراً إلى أنه من أبرز خصائصها كثرة المترادفات والعلاقة بين المفردات، وتشابه الألفاظ واختلاف معانيها، والدقة البالغة في الدلالة باختلافِ حرف أو حركة، مثل كلِمتا: (القانتين، والقانطين) فالبرغم من تشابه الكلمتين إلا أن لكل منهما معنى مختلف عن الآخر .

بينما اختارت، لي وى تزي، تعلم اللغة العربية التي تحظى بإقبال متزايد لدى الصينيين بحسب رأيها، لعدم وجود أية صعوبة في دراستها، بحسب شهادة زميلاتها اللواتي سبقنها في تعلم العربية، وتقول: جامعة دبي من ضمن الجامعات الأوائل في العالم باهتمامها بتعليم اللغات وخاصة اللغة العربية لغير الناطقين بها، مشيرة إلى أنها اطلعت من خلال الدورة على آداب اللغة العربية، والترجمة والمحادثات التجارية، والثقافات الإسلامية ودورها في المجتمعات العربية والتاريخ والحقوق .

وتوضح نينغشيا تونغشين سبب اختيارها للغة العربية: اخترت دراسة العربية لأنها لغة المستقبل والإمارات دولة متقدمة وأطمح للدراسة فيها، بالنظر إلى العلاقات المتميزة التي تجمعنا بهم، كما أنني أحب العرب وثقافتهم .

وحول الهدف من الدخول في شراكة مع معهد كونفوشيوس، يقول الدكتورعمر حفني رئيس جامعة دبي: ترى الجامعة أن التعاون مع الصين يبني العديد من الفرص للتعليم والتبادل الثقافي وتشكل منفعة متبادلة، والمعهد تأسس رسمياً في جامعة دبيCIUD) ) في 23 مارس، 2011 . في ذلك الوقت، كان لا يزال معهد كونفوشيوس جديداً لمواطني دولة الإمارات والمقيمين . وفي جميع أنحاء العالم، حيث أقر خان بان الصينية وهو المقر الرئيسي لمعهد كونفوشيوس، بناء أكثر من 350 معهداً في بلدان مختلفة لتعلم اللغة الصينية ولنشر تجربة الثقافة الصينية، وعليه أرادت جامعة دبي أن تأخد هذا التحدي على عاتقها فأسست أول معهد كونفوشيوس في دول مجلس التعاون الخليجي، من خلال التعاون مع جامعة نينغشيا في الصين، ونطمح من خلال هذه السياسة التعليمية، التشارك في نشر اللغة العربية وثقافتها في الصين، إضافة إلى أن المعهد يعطي الكثير من الفرص ليكون التعاون التعليمي والتبادل الثقافي مع الصين، حيث تشكل مصدر استفادة لكلا الجانبين .

وتوضح همت لاشين المدير المحلي لمعهد كونفوشيوس: حول الجهات المستهدفة من قبل المعهد لنشر ثقافة تعليم اللغات، أن برامج المعهد تستهدف أي شخص لديه اهتمام في تعلم لغات أو ثقافات جديدة، على سبيل المثال، نستهدف في ما يتعلق بتعلم اللغة العربية فئة الأشخاص من الرجال والنساء الذين يخططون للقيام بأعمال تجارية، أو لقضاء عطلة في الإمارات، ليكونوا على علم وإطلاع بكل ما يتعلق بثقافة البلد عند وصولهم، والأسباب نفسها تتعلق بالراغبين بتعلم اللغة الصينية من العرب، حالياً نحن نقوم بتدريس وفد من شرطة دبي حتى يتمكنوا من التواصل بشكل أفضل مع السكان في الإمارات . كما نعطي الدورات للأشخاص الذين يرغبون في معرفة المزيد عن الثقافة الصينية وامتدادها التاريخي .

وفي ما يتعلق بتعليم اللغة الصينية تقول تشياو جيا المدير الصيني العام لمعهد كونفوشيوس: يطبق المعهد مجموعة من التقنيات والأدوات والأساليب لتيسير تدريس اللغة الصينية، أولاً وقبل كل شيء، نحن نحث المعلمين على استخدام الكتب المدرسية الصينية والمواد التعليمية، والتقنيات الأخرى التي يأذن بها خان بان (مقر معهد كونفوشيوس الرئيس) . ثانيا، قمنا بإعداد بعض الموارد على صفحة الإنترنت للمعلمين والطلاب، يمكنهم استخدام هذه الموارد في الفصول الدراسية أو في المنزل، إلى جانب ذلك، كل مدرسينا هم من المهنيين الذين اختارهم خان بان وتلقوا تدريباً خاصاً في تدريس اللغة الصينية قبل انضمامهم ل CIUD، وبالتالي فهم متمكنون من تعليم اللغة الصينية مع المنهجية السليمة وباستخدام الوسائل والأساليب الصحيحة لجعل آلية التدريس جذابة وفعالة للطلاب، كما نقوم بإعداد بعض الأنشطة للطلاب - على سبيل المثال، نظمنا مؤخراً الأسبوع الثقافي الصيني حيث شارك الطلاب في قراءة الشعر الصيني التقليدي وأداء الأغاني، مثل هذه الأنشطة ليست فقط مسلية، ولكنها تساعد الطلاب على التعلم بطريقة تفاعلية ممتعة، مما يدعم عملية حفظ المعلومات التي تعلموها، مشيرة إلى أن قبل انضمام الطلاب لدورات CIUD، فإن كلا من المديرين الصيني والمحلي يقوم بإجراء مقابلة مع المتقدمين لمعرفة مستواهم التعليمي، وإذا كان لديهم أي طلبات خاصة، وبهذه الطريقة يمكننا تنظيمهم وإعطاءهم الدورة المناسبة والتي تتوافق مع متطلباتهم، آخدين بالاعتبار المستوى التعليمي والقدرات الفكرية، حالياً نحن نقدم دورات للطلاب الصينيين من مستوى واحد، وهو المستوى التمهيدي، إلى الثالث، وهو أكثر تقدماً .

لا يوجد صعوبة في تعليم اللغة العربية لطلبة صينيين، مثلما هو الحال في تعلم الصينية بالنسبة لطلبة عرب، كما يقول إبراهيم تشيانغ مدرس اللغة في معهد كونفوشيوس، ويضيف: اللغة الصينية هي فريدة من نوعها، لأنها ليست لغة أبجدية مثل العربية أو اللغات الأخرى في العالم، فبدلاً من استخدام الحروف نحن نستخدم رموزاً صينية مماثلة للرموز الهيروغليفية للغة المصرية القديمة، حيث إن كل حرف لديه أشكال الخاصة ومعان مختلفة، هذا هو التحدي الذي نواجهه غالبا، حيث تجعل الطلاب يشعرون بالضياع في البداية، ومع ذلك، وضعنا بعض الوسائل الرائعة لمساعدة الطلاب الجدد، ويضيف: إقبال الطلبة والمعلمين الصينين على تعلم اللغة العربية في جامعة دبي ساهم بتبادل ثقافي وإقبال عربي على تعلم اللغة الصينية، فحالياً، تبلغ نسبة المشاركين من الطلاب المحليين والإماراتيين أكثر من 60%، حيث نتعاون مع المنظمات الحكومية المختلفة لتقديم دروس مخصصة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق