أرجع باحث صيني في مجال التاريخ والدراسات الصينية العربية بداية العلاقة المتبادلة بين العرب والصينيين إلى ما قبل 13 قرنًا، مبينًا أن أول عربي زار الصين كان في عهد الخليفة عثمان بن عفّان – رضي الله عنه – عام 651م، بينما زار بحار صيني مسلم مكة المكرمة والمدينة المنورة خلال الفترة ما بين 1360م – 1424م. وأفاد الباحث الصيني سونج سيان الذي ولد عام 1946م أن مصادر وكتب تاريخية صينية موثقة روت أن (37 رسولاً عربيًا) أرُسلوا من قِبل الخلفاء المسلمين إلى الصين في أزمنة مختلفة، ومنهم رسول الخليفة الأموي سليمان بن عبدالملك الذي زار مدينة (تشانغآن الصينية) سنة (716م)، ورسول الخليفة العباسي هارون الرشيد الذي التقى الإمبراطور تانغ جين يوان خلال فترة حكمه للصين ما بين أعوام (786م – 809م).
وقال سيان : إن الإمبراطور مينغ تشينغ الذي حكم الصين خلال الفترة من 1360م – 1424م أرسل البحار الصيني المسلم جينغ خه، أو كما تذكره بعض مصادر التاريخ الصينية ( حجّي محمود شمس) على رأس أسطول بحري كبير في رحلة لدول منطقة غرب المحيط الأطلسي والمحيط الهندي استمرت 28 عامًا، بغية فتح الباب أمام التبادل التجاري بين الصين والعالم الخارجي.
وأضاف أنه خلال هذه الرحلة الطويلة زار جينغ خه الذي عاش ما بين أعوام ( 1317م – 1433م) الجزيرة العربية منطلقًا من ميناء (كلكتا الهندي) حتى وصل إلى ميناء جدة في رحلة استغرقت ثلاثة أشهر، ومن جدة توجه إلى مكة المكرمة الذي شرب منها ورفاقه من ماء زمزم، ثم زار مسجد رسول الله محمد- صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة، وسلم على قبر النبي- محمد صلى الله عليه وسلم -.
جاء هذا السرد التاريخي في كتاب حديث صدر عن مركز الترجمة في جامعة الملك سعود باللغة العربية، بعنوان (موجز تاريخ التبادلات الثقافية بين الصين والعالم العربي) وحصلت «واس» على نسخة منه، متناولاً فيه المؤلف سونج سيان تاريخ العلاقات بين العرب والصينيين، بما في ذلك تاريخ دخول الإسلام للصين خلال الفترة من 618م – 907م، وأوائل من دخل الإسلام من الصينيين. كما تناول سيان موضوع مكانة اللغة العربية بوصفها لغة التجارة الدولية المستخدمة في الأوساط التجارية والعلمية الدولية في ذلك الوقت لعدة قرون – على حد قوله -، مستعرضًا قصة منطقة (شينجيانغ الصينية) التي استخدمت الحروف العربية في عملاتها الفضية في مطلع القرن العشرين، حيث كان يُكتب على وجهي العملة الرموز الصينية والحروف العربية.
واشتمل الكتاب الذي ترجمه من الصينية إلى العربية أستاذ اللغة الصينية في كلية اللغات والترجمة بجامعة الملك سعود الدكتور حسانين فهمي على خمسة أبواب استعرضت تفاصيل تاريخ التبادلات الثقافية بين الصين والعرب منذ مطلع القرن السابع الميلادي حتى مطلع القرن التاسع عشر، علاوة على قصص حركة التبادلات التجارية بين العرب والصينيين عبر طرق الحرير، وعصر تأثير الطب العربي القديم في الطب الصيني، وانتشار الفنون العربية في الصين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق