وتمت الترجمة الجديدة للموسوعة التاريخية والفكرية لأحمد أمين إلى اللغة الصينية تحت عنوان “تاريخ الثقافة العربية الإسلامية”، وتم تقسيمها إلى ثمانية مجلدات، تتضمن حوالي مليوني كلمة.
وقد أدرجت هذه الترجمة، التي أصبحت ضمن سلسلة الكتب الأكاديمية ذات الشهرة العالمية المترجمة إلى الصينية، في برنامج الطباعة لهذا العام لدى إحدى كبريات دور الطبع والنشر في الصين.
وخضعت الترجمة الجديدة، مقارنة مع سابقتها، لمراجعة دقيقة ومعالجة لأوجه القصور والنقص، وشملت ترجمة الأشعار المطولة رغم التعقيدات الكثيرة المتمثلة في صعوبة ترجمة الشعر، وكثرة الشعراء، وتعدد التخصصات الأكاديمية والعلوم الشرعية من عقيدة وفقه وأصول وتفسير وغيرها، إضافة إلى تعقد القضايا الفكرية العميقة، التي عالجها أحمد أمين.
وقام بترجمة النسخة السابقة الأستاذ نا تشونغ بالتعاون مع أساتذة وطلبة جامعيين، ونشرت أول مجلداتها عام 1982. وصدرت الأجزاء الأخرى تباعا، حتى تم نشر المجلد الثامن منها عام 2007.
ونا تشونغ خريج جامعة الأزهر وهو من أشهر الباحثين المسلمين الصينيين وأول صيني يكتب تاريخا عربيا كاملا، فضلا عن كونه الصيني الوحيد الحاصل على “شهادة العالمية” من جامعة الأزهر.
وقد أعرب أحمد أمين في إحدى محاضراته بكلية الآداب في جامعة القاهرة، عن إعجابه بÜ”شغف نا تشونغ الشديد بالعلم والمعرفة والدراسة وبأسلوبه الجميل ولغته العربية الرصينة”. وفي 1940 وقبل عودة نا تشونغ إلى الصين، أهداه أحمد أمين كتابه “فجر الإسلام”.
ويحظى أحمد أمين وأعماله بين الأكاديميين الصينيين بتقدير كبير، إذ اعتبره الأستاذ شي سي تونغ “من أكبر العلماء العرب المسلمين وأكثرهم تأثيرا في القرن العشرين، ومن المفكرين التنويريين العرب”.
وشاطره الرأي عميد كلية الدراسات العربية بجامعة الدراسات الأجنبية في بكين، الأستاذ شيويه تشينغ غوه، حيث يرى أن أحمد أمين يعد “معلما ثقافيا وأحد كبار العلماء الأكثر استنارة في العالم العربي”.
وأوضح الأستاذ شيويه أن إعادة ترجمة أعمال أحمد أمين ونشرها “سيسهم بكل تأكيد في الدفع بالتبادل الثقافي الصيني- العربي والإرتقاء به، فضلا عن تعزيز فهم القراء الصينيين لتطور الفكر العربي وتطور الثقافة والدين والأدب والبحث العلمي لدى العرب بشكل معمق، الأمر الذي سيساعد هؤلاء القراء على فهم القضايا العربية المعاصرة على نحو أفضل”.
وفي ما يتعلق بأعمال أحمد أمين، قال الأستاذ شي سي تونغ إنها “تعد أفضل الكتب القيمة حول الثقافة العربية الإسلامية التي قرأتها حتى الآن”، مشيرا إلى أن أمين “اعتمد التحليل العلمي الحديث بعقلانية وحكمة، وحلل أصول الثقافة العربية الإسلامية وتأثير الثقافات الأخرى على الثقافة العربية تحليلا شاملا، والتزم بقواعد التنمية الثقافية والأكاديمية وكشف قانون تطورها، وهذا ليس أمرا سهلا لأن الدراسات العربية ينقصها في الواقع التحليل العقلي، ومن ثم فإن أعماله هذه ذات أهمية حقيقية كبيرة لفهم الإسلام والعالم العربي في عصرنا الحاضر”.
وأضاف أن مؤلفات أحمد أمين المترجمة إلى الصينية “ستلعب دورا توجيهيا بالنسبة للقراء الصينيين لفهم الثقافة العربية على نحو سليم”.
ووافقته الرأي وو مين يان الأستاذة والباحثة في الثقافة العربية الإسلامية وأحد أعضاء فريق الترجمة، قائلة إن أعمال أحمد أمين تعد موسوعة تغطي تاريخ وتطور الثقافة العربية الإسلامية ومختلف جوانب هذه الثقافة العريقة.
وأشارت إلى أن المسلمين الصينيين بالخصوص، والقراء في الصين عموما لا يعرفون الثقافة العربية الإسلامية معرفة جيدة، ولكن ترجمة أعمال أحمد أمين هذه، التي توضح كيفية تطور هذه الثقافة وعقائد الإسلام ومذاهبه، ستساعدهم قطعا في تكوين فهم أفضل لهذه الثقافة.
ومن جهة أخرى أوضح الأستاذ شيويه تشينغ غوه أن ترجمة أعمال العلماء العرب ودراستها قليلة في الصين مقارنة مع ما يقوم به الدارسون في الغرب بهذا الخصوص، و”نحن بحاجة إلى فهم العالم العربي بعيون العرب، لاسيما أن العالم العربي يكتسي أهمية بالغة بالنسبة للسلام العالمي ومستقبل البشرية”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق