الخميس، 19 مايو 2016

.مهارة أهل الصين من كتاب مروج الذهب ومعادن الجوهر للمسعودي


وأما أهل الصين فمن أحْذق خلق اللهّ كفَاَ بنقش وصنعة وكل عمل لا يتقدمهم فيه أحد من سائر الأمم، والرجل منهم يصنع بيده ما يقدرأن غيره يعجز عنه؛ فيقصد به باب الملك يلتمس الجزاء على لطيف ما ابتدع، فيأمر الملك بنصبه على بابه من وقته ذلك إلى سنة، فإن لم يخرج أحد فيه غيبَاَ أجاز صانعه وأدخله في جملة صناعه، وإن أخرج أحد فيه عيباً طرحه ولم يجزْه، وأن رجلَاَ منهم صورسنبلة سقط عليها عصفور في ثوب حرير، لا يشكّ الناظر إليها أنها سنبلة سقط عليها عصفور، فبقي الثوب مدة، وأنه اجتاز به رجل أحْدَبُ، فعاب العمل، فأدخل إلى الملك وأحضر صاحب العمل، فسأل الأحدب عن العيب، فقال: المتعارف عند الناس جميعاً أنه لا يقع عصفور على سنبلة إلا أمالها، وصَوَر هذا المصورالسنبلة فنصبها قائمة لامَيْلَ فيها، وأثبت العصفور فوقها منتصباً، فأخطأ، فصدق الأحدب، ولم يثب صاحبها بشيء، وقَصْدُهم بهذاوشبهه الرياضة لمن يعمل هذه الأشياء ليضطرهم ذلك إلى شدة الاحتراز والحذر وإعمال الفكرفيما يصنع كل واحد منهم بيده.

ولأهل الصين أخبار عظيمة عجيبة، ولبلادهم أخبار ظريفة سنورد فيما يرد من هذا الكتاب جملاً منها وإن كنا قد أتينا على سائر الأخبار من ذلك في كتابنا أخبار الزمان في الأمم الماضية والممالك الدائرة وذكرنا في الكتاب الأوسط جملاً لم نتعرض لذكرها في كتاب أخبار الزمان وربما ذكرنا في هذا الكتاب ما لم يتقدم ذكره في ذينك الكتابين،
 واللهّ أعلم

مروج الذهب ، ص 172- 173 الجزء الاول تحقيق شارل بلا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق