الاثنين، 18 أبريل 2016

معرض القاهرة الدولي للكتاب أشهر المعارض في العالم العربي والإسلامي


بقلم: ما ئي باو
تأسس معرض القاهرة الدولي للكتاب في عام 1979م، كمشروع قومى عربى يجمع الشعوب العربية تحت لواء العلم والمعرفة فى ظل ريادة مصرية تأخذ بيد الجميع نحو التقدم والتوحد.. وقد لعب هذا الحدث دورا كبيرا في رعاية الثقافة العربية ونشرها. وحتي اليوم قد مضت الدورة الثانية والأربعين علي المعرض. ومن خلال مسيرته، يحمل المعرض الكثير والمتنوع من الأعمال الثقافية لزواره ورواده. وتشارك جميع قطاعات وزارة الثقافة في الفعاليات، حيث لا تقام أجنحة لعرض الكتب المتنوعة باللغات الأممية فحسب، بل يضم المعرض أنشطة واحتفاليات ثقافية وفنية وأدبية وكذلك تقام مجموعة من المعارض، وفن الكاريكاتير، والقاهرة التاريخية ومعالمها كعروض مفتوحة داخل سراى العرض الرئيسية.وأهم الندوات والنقاش والمحاور في الدورات المختلفة هي "دورالكتاب العربى في المجال العربى والدولى" و"قضايا الكتاب ومشكلات الناشرين وتصدير واستيراد الكتب" و"الثقافة العربية بين الأصالة والمعاصرة" و"الطرق الحديثة لتدريس اللغة الإنجليزية و"مشكلات الكتاب العربى" و"مائة عام من التنوير" و"تحديات الدخول إلى القرن الحادى والعشرين " و"القدس عاصمة ثقافية" ...
ويقام في المعرض احتفال ضخم بمناسبة صدور العدد (200) من سلسلة "تاريخ المصريين" واحتفالية للأديب العالمى نجيب محفوظ بعنوان "نجيب محفوظ .. 90 عاماً من الصراع". ومما تتبين فإن معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض مهم لنشر الثقافات وتعزيز العلاقات بين الأمم بانشطة متنوعة بما فيها الندوات المشتركة والاحتفالات المفيدة ويمكن القول إن هذا المعرض هو معرض متنوع يجمع بين نشر الثقافات من أنحاء العالم وتعزيز العلاقات بين الأمم في شتي بقاع العالم.
من النهر الأصفر إلي نهر النيل
وجهت الدعوة إلي الصين كضيف شرف لمعرض2011م، حيث اختار المعرض شعار "من النهر الأصفر إلي نهر النيل" محوراً هاماً له في دورته مما يعكس جذور الثقافتين الصينية والمصرية ويدفع التبادل الثقافي بين الصين ومصر ومعرفتهما.
ومن المعروف أن الثقافة الصينية علي شاطي النهر الأصفر هي ثقافة عريقة وأثرت في العالم علي مدى التاريخ فيقبل الناس من مختلف الجنسيات على دراستها حيث انتشرت معاهد كونفوشيوس في العديد من أنحاء العالم كما أن الثقافة المصرية علي شاطي نهر النيل ثقافة عريقة يعود تاريخها إلي سبعة آلاف سنة. وافتتحت في الجامعات الصينية الكثير من أقسام اللغة العربية لتدريس اللغة العربية وثقافتها.
وعندما نتصفح هاتين الحضارتين العريقتين، نجد فيهما مجدهما وعظمتهما ومميزاتهما التي يمكن أن يستفيد منهما كل الناس في العالم وبالإضافة إلي الجهود الكبيرة من الصينيين والمصريين القدماء في بناء الحضارات بالأفكار العظيمة والذكاء الذي أدهش الناس منذ قرون.
العلاقات العربية الصينية في قمة تطورها
اختارت مصر أن تكون جمهورية الصين الشعبية ضيف شرف الدورة الرابعة والثلاثين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 2011م ويدل هذا علي علاقة ودية بين الصين والدول العربية حيث إن مصر هي أول دولة تقيم علاقة دبلوماسية مع الصين في البلدان العربية والأفريقية وذلك في عام 1956م في وقت مبكر بعد تأسيس الصين الجديدة. وسُجل في التاريخ الصيني العربي أن الصين قد أقامت مع كل من الدول العربية الاثنين والعشرين علاقات دبلوماسية اعتبارا من اليوم الثلاثين من مارس عام 1956م إلي اليوم الواحد والعشرين من مايو عام 1990م. وخلال مسيرتها ظلت العلاقات الودية بين الصين والدول العربية تتطور باستمرار على مدى أكثر من خمسين سنة ولم يحدث أي توتر ومشاكل خلالها. وفي مجال الشوؤن الدولية لايزال التنسيق والمساعدات المتبادلة محور علاقات الجانبين وأما في القضايا التي تهم الطرفين فتحل بالمساعدات المتبادلة ولا توجد رؤية سلبية. وفي الشوؤن الداخلية لكل جانب، يتخذ الطرفان سياسة عدم التدخل فيها.
وخلال أكثر من خمسين سنة، فقد شهدت الأوضاع الدولية تغيرات كبيرة غير أن جوهر العلاقات بين الطرفين لم يتغير، إذ أن المراحل التاريخية والمشاكل التي شهدها الطرفان متشابهة والمصالح المتبادلة بينهما متماثلة فمن الطبيعي أن تكون المساعدات المتبادلة هي مطلب الطرفين.
وفي المرحلة الجديدة من القرن الواحد والعشرين، تتطور العلاقات الودية بشكل كبير ولا سيما في مجال الثقافة حيث تتبادل الثقافتان العربية والصينية علي نطاق واسع وتقام في الدول العربية معاهد كونفوشيوس لتدريس اللغة الصينية وثقافتها ومن جانبها تفتح الصين أقساما للغة العربية في العديد من جامعاتها باعتبارها لغة رسمية في الأمم المتحدة ولغة الثقافة العربية والإسلامية العظيمة التي تعتبر من الحضارات العالمية المشهورة الأربع في العالم. ويمكن أن نقول إن إختيار الصين ضيف شرف يرجع إلى وجود علاقات تاريخية بين الدول العربية والصين على المستوى الاقتصادي والسياسي والثقافي...
التبادل بين الحضارات العالمية
في عام 2002م، زرت الدورة الرابعة والعشرين للمعرض فى الفترة من 17 يناير إلى 8 فبراير 2002م بمدينة نصر وكنت طالبا مبتعثا للدراسة في مصر واذكر أيام زيارتي المعرض رأيت أن معرض القاهرة الدولي للكتاب معرض كبير المساحة وبه كثير من أجنحة الدول المختلفة وتوجد به كتب كثيرة بلغات متعددة حيث تُعلق صورة رئيس كل بلد في جناح دولته وكذلك علمها للتعبير عن خصائصها.
وكان المعرض في نظري، كأنه حديقة للحضارات العالمية فيها كتب كثيرة متنوعة بل أكثرها هي كتب عربية بما فيها كتب لغويات وأخرى أدبية ودينية وثقافية وتاريخية وكتب للأطفال والطلاب وغيرها مما يمكن أن يلبي طلبات القراء المختلفة. ويمكن للقراء أن يجدوا ما يرضيهم خاصة الكتب العربية التراثية والحديثة مثل الكتب الكاملة للأديب المصري نجيب محفوظ التي تعرض في جناح خاص، والكتب لتاريخية الكاملة والمتعددة الأجزاء في بعض الأجنحة، وبالإضافة إلي كتب أجنبية أصلية بلغات متعددة وأكثرها كتب انجليزية وفرنسية أصلية واتذكر أن الكتب الصينية كانت قليلة للغاية واشتريت كتابا صينيا مترجما باللغة العربية بعنوان ((القرد))- واسمه الاخر((رحلة إلي الغرب)) وترجم من اللغة الانجيلزية وليس من الكتاب الصيني الأصلي وفي ذلك الوقت اعجبني ذلك كثيرا ورأيت كثيرا من القراء العرب يقبلون على قرائته و شرائه كأنهم يجدون كثيرا من الكنوز الثمينة.
وكان المعرض في نظري عبارة عن مكتبة ضخمة يمكن أن تجد فيها كل الكتب الجميلة من دور نشر مختلفة حتي الكتب النادرة وكنت أتطلع إلي افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب حتي اَختار بعض الكتب التي لا يمكن العثور عليها في مصر. وأذكر أن الكتب في المعرض كانت غالية جدا عليّ ولا يوجد تخفيض في الأسعار بل تباع الكتب بأسعار ثابتة ولم أكن قادرا على شرائها وكانت الكتب جميلة التجليد وواضحة الطباعة تبهر القراء مثل القران الكريم المطبوع بلغات مختلفة ويمكن أن تجد في المعرض كتبا مطبوعة في الدول العربية والدول الأخرى لكن الكتب الصينية المطبوعة في دور النشر الصينية نادرة للغاية!
وكانت تقام على هامش المعرض ندوات علمية للتبادل بين الحضارات في العالم وتجارب الطباعة ونشر الثقافات المختلفة وطرقها وتحدياتها وأعتقد أنه أمر جميل دفع ولايزال يدفع التطور الصحيح لنشر الثقافة الإنسانية ويرشد الاتجاه الصحيح في مجال الطباعة والنشر إلي الأمام حتي يخدم البشرية علي أفضل وجه.
الصين في عيون العرب
تمر العلاقات الصينية العربية بأوج تطورها في كل المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية...إذًا كما هي صورة الصين في نظر العرب؟ أود أن أقول حقيقة من القلب وليست مجاملة من خلال تبادلي مع العرب أثناء الدراسة والعمل في الصين وبعض البلدان العربية وجدت أن العرب جميعا يحبون الصينيين ويشهد على ذلك تاريخ طويل من العلاقات الودية التي لم يحدث خلالها أية عدوان وتوتر وسجل التاريخ الصيني أن العرب أحبوا الصين واحترموا الثقافة الصينية العظيمة واجتهدوا في دراستها حتي احترمهم الأباطرة الصينيون ومنحوهم الهدايا الثمينة والمكانة العالية في البلاط الصيني.
وتقول المصادر التاريخية أن الإسلام دخل الصين بالتجارة وليس الحرب فهذا أكبر دليل علي أن العرب يحبون السلام والصداقة وليس العدوان والارهاب ولشعور بالصداقة الحميمة بين الجانبين هذا إنتشر الإسلام في أنحاء الصين وتشكلت قومية هوي المسلمة حيث يقول مؤرخون صينيون إن المسلمين الصينيين في أسرة "يوان" الملكية في الصين القديمة كانوا منتشرين في مدن الصين وقراها.
ومن المصادر التاريخية يمكن أن نقرأ بأن العرب خلال مسيرة التاريخ ظلوا يعتبرون الصينيين أصدقاء حميمين ويحبونهم ويعجبون بهم ويساعد بعضهم بعضا على مدى تاريخ طويل وقد أبحر العرب الأبطال إلي الصين من بلدهم البعيدة لإقامة علاقة تجارية وثقافية ثم نشروا الثقافة الصينية إلي الغرب.
وفي مطلع تأسيس الصين الجديدة أقبل العرب على اقامة علاقة دبلوماسية مع الصين لتعزيز العلاقة الإخوية وكانوا من أوائل الذين اعترفوا بمكانة الصين الجديدة في العالم وكانوا أيضا من أوائل الذين دعوا إلي إستعادة الصين لمقعدها في الأمم المتحدة. وفي مجال السياسة والثقافة والاقتصاد فإن العرب يرغبون في تعاون منافع متبادلة مع الصين علي سبيل المثال توقيع اتفاقية تبادل ثقافي بين مصر والصين.
وفي هذا العصر، رأيت أن العلاقة العربية الصينية قد تطورت إلي حد كبير في كل المجالات فالعرب يقولون إن الصينيين يريدون تحقيق المصالح المتبادلة.
ومن الاستعراض الطويل السابق يتضح أن العلاقة بين الصين والدول العربية قوية ومتينة تقوم علي تاريخ طويل ولا يمكن قطعها بل في حاجة إلي تطويرها وتعزيزها والحفاظ عليها من قبل الطرفين.
دور الكتاب الصيني في المجال العربى والدولى
يحتاج العربي إلي معرفة صحيحة للصينيين من كل الجوانب بما فيها التاريخ والثقافة والسياسة والبنية الاقتصادية والتغيرات الاجتماعية وصعود الصين الحقيقي حتي يستفيدوا منها. وكنت قد عشت في الدول العربية سنوات ووجدت أن كثيرا من العرب يعرفون الثقافة الغربية أكثر من الثقافة الصينية إذ أن الكتب الغربية في الدول العربية اكثر من الكتب الصينية حتي بعض الكتب الغربية الاصلية قد اصبحت كتبا مدرسية في الجامعات العربية يدرسها الطلاب العرب. أما في المكتبة العربية فلن تجد كتبا صينية اصلية حتي القصص الصينية المطبوعة باللغة العربية لا تجدها إلا بصعوبة ويعرف الشباب العرب معرفة كاملة الفلسفة العربية والغربية ولا يعرفون فلسفة كنفوشيوس وكتاب ((الحوار)) المشهور الا قليل منهم ويستطيعون سرد سير العلماء والعظماء الغربيين ولا يعرفون تاريخ الصينيين!
ولهذا الحال في البلدان العربية، اقترح تعزيز فهم الثقافة الصينية العريقة للعرب. وليس علة العرب دراسة الثقافة الوطنية والثقافة الغربية فحسب، بل عليهم التعمق في دراسة الثقافة الصينية أيضا إنها ثقافة كبيرة يعود تاريخها إلي آلاف السنين ولابد للقراء أن يطالعوا بعض الكتب الثقافية الصينية. واعتقد أن الكتب الصينية سوف تؤدي دورا كبيرا في المجتمع العربي لأن فيها أفكار عظيمة وتصقل عقل العرب وتُغذي أفكارهم وتُطور فلسفتهم اذ أن أفكار كنفوشيوس تشبه الفلسفة الإسلامية علي حد ما كما يفسر العلماء الصينيون المسلمون الفلسفة الإسلامية بالفلسفة الصينية القديمة وأبرزهم في ذلك هو (ليو تشي)- عالم مسلم مشهور في الصين.
وفي معرض القاهرة الدولي للكتاب يجب على الصين أن تحرص علي هذه الفرصة النادرة لنشر الثقافة الصينية وتقديم أفضل الكتب إلي العرب ليستفيد القراء الكرام منها حتي تزيد معرفتهم بالصين، ولا تُعرض الكتب الكلاسيكية القيمة فحسب، بل تطرح في المعرض الكتب الحديثة المتعلقة بالمجتمع الصيني الجديد ولا سيما الكتب الجديدة بعد تطبيق سياسة الاصلاح والانفتاح لتعكس الصين الجديدة المتطورة في العالم لكي يدرس العرب سياستها وتقدمها وتجاربها حتي تنهض الدول العربية أكثر.
ويمكن أن يتعاون الجانبان الصيني والعربي في نشر كتب صينية مترجمة في الدول العربية مثل كتب ((الحوار)) و(( منغتشي)) و((أبطال علي الشاطئ)) و((رحلة إلي الغرب)) وغيرها من الكتب القيمة الصينية التي تطبع في دار النشر للغات الأجنبية والمطابع الصينية المختلفة حتي يجدها القراء العرب بسهولة في بلدهم.
القراء العرب في حاجة إلي معرفة الصين
تسعي الحكومة الصينية إلي نشر ثقافتها في العالم جميعا وتصدر مجلة ((الصين اليوم)) و((الصين المصورة)) و((صحيفة ببكين الأسبوعية)) وغيرها من المجلات والعديد من الشبكات والاذاعات الدولية الصينية وغيرها من الوسائط المتعددة لتقديم الصين الحقيقية أمام العالم وفي مقدمة هذه المؤسسات المصلحة الصينية للنشر والتوزيع باللغات الأجنبية (المجموعة الصينية للنشر الدولي).
ويمكن أن يتعاون العرب مع المصلحة الصينية للنشر والتوزيع باللغات الأجنبية في الطباعة والنشرة وتنظيم الندوات العلمية لتعزيز العلاقات الثقافية وتبادل التجارب حتي يدفع ذلك انتاج الثقافة بين البلدين إلي الامام ويعرف العالم بالعرب والصين بشكل صحيح ويعزز التفاهم بين الأمتين العظيمتن. واتمني أن تعزز مؤسسات الانتاج الثقافي في الجانبين التعاون بينها.
واعتقد أن العرب يحبون العلوم والثقافات والحضارات الأخرى بما فيها الحضارة الصينية لأن هذه الحضارة أيضا حضارة عظيمة مثل الحضارة العربية الاسلامية.
ويتطلع العرب إلي معرفة الصين ويودون قراءة كل ما يتعلق بالصين القديمة والحديثة أيضا، كما يتطلع الصينيون أيضا إلي معرفة الشعوب العربية وزيادة التفاهم والتعاون حتي تتحقق المصالح المتبادلة بين الجانبين مما يدفع مسيرة تطور الانسانية إلي الامام.
واتمني أن يجعل المشاركون الصينيون في معرض القاهرة الدولي للكتاب هذه الدورة فرصة لنشر الثقافة الصينية والتبادل مع كل المشاركين فيها وأن تؤدي الصين دورها المرجو بصفتها ضيف شرف الدورة حتي تنجح هذه الدورة وتحقق أهدافها.

شبكة الصين /31 يناير 2011/

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق