السبت، 23 أبريل 2016

مصائر الكلمات

لا يمكن لأحد أن يتنبّأ بمصير كلمة، أو يرسم لها خارطة طريق. أي كلمة كانت، ولا يمكن لأي أحد أن يمنع كلمة " زعرة" من أن تتوب وتصير " آدمية، ولا يمكن لأي أحد أن يمنع كلمة آدمية من أن تتمرد على تاريخها وتمارس الفاحشة.
فالكلمة الواحدة أمامها الزمان بطوله وعرضه ملعب لممارسة هواياتها العديدة.
الكلمة الواحدة أمامها كلّ اللغات ، ولا يمكن منعها من الدخول الى أي لغة كانت.
الكلمة كالماء.
والماء قد تراه على شكل غيمة وقد تراه على شكل قطعة ثلج، وقد يحلو له ان يتوارى كالتنين الصيني عن الأنظار فيدخل في جوف الأرض.
خذ أي لغة من اللغات وانظر الى الكلمات التي ليست من صلبها.
كلمات عربية تشبه سلمان الفارسي أو صهيب الرومي.
ولا أحد يعرف متى تنهض كلمة من الموت او من النوم.
والكلمات قد تذهب الى أمكنة لم يذهب اليها الناطقون بها.
مثلا وصلت كلمات عربية كثيرة الى اميركا قبل أن تطأ قدم اي عربي القارة الجديدة.
أخذها من ذهب مع كريستوف كولومبوس إلى تلك البلاد.
فأميركا تمّ اكتشافها في نفس العام الذي سقط فيه آخر معقل للمسلمين في الأندلس.
الأوروبيون في عام واحد ربحوا الأندلس وربحوا العالم الجديد.
ابتسمت الجغرافيا للرجل الأبيض!
حمل الأوروبيون الى عالمهم الجديد لغاتهم، وكان من بين مفردات لغتهم مفردات عربية أدخلت الى لغة الإسبان والبرتغاليين.
وهكذا وصلت مفردات العربية الى اماكن لا يعرف العربيّ عنها شيئا.
الكلمات تملك ذهنية بحّار فينيقيّ يستهويه السفر.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق