بما تجول في خاطر الروائي الصيني مو يان في هذه الآونة صورة لعاصفة من التصفيق وأضواء تكاد تذهب بالأبصار تصدر عن كاميرات الحضور، في حين يستعد لاستلام جائزة نوبل في الأدب اليوم (الاثنين) بالعاصمة السويدية ستوكهولم، ليصبح أول مواطن صيني يفوز بأرقى جوائز الأدب في العالم.
وقد يشرد ذهن مو يان للحظات عندما يسمع شخص ينطق باسمه عاليا في القاعة ليسترجع اسم أديب عربي أعلن عنه في نفس المكان قبل سنوات عديدة، إنه الروائي المصري الشهير نجيب محفوظ.
ولعل من الطبيعي أن يتذكر مو يان عميد الأدب العربي نجيب محفوظ تحديدا. فلم لا، وكلاهما روائي شرقي حاز على شرف الفوز بجائزة نوبل في الأدب ، كما أنهما يمثلان حضارتين عريقتين تربط بينهما علاقات قوية منذ قديم الأزل، إضافة إلى وجود قدر كبير من التشابه في مزاج الأديبين.
مو يان ونجيب محفوظ ... مزاج متشابه
اتفق باحثون صينيون على أن في مزاج مو يان ونجيب محفوظ وأعمالهما عدد من التشابهات، إذ ينتمي كل منهما إلى الشرق والعالم الثالث وحضارة عريقة.
وفي هذا السياق، صرح تشونغ جي كون، الأستاذ في قسم اللغة والثقافة العربية بجامعة بكين، لوكالة أنباء ((شينخوا)) قائلا "أرى أن الأديبين يتسمان بطيبة القلب والتواضع والاجتهاد"، مضيفا أن كليهما يهتم بمعاناة عامة الشعب، ويلجأ إلى "الفن الماكر" للتعبير عن استنكاره للظلم بدلا من التعبير العلني الصارخ, ولا يدخر جهدا في الإبداع.
يذكر أن الروائي العربي الراحل نجيب محفوظ (1911 - 2006) كتب عددا كبيرا من الروايات وأعمال النثر طوال حياته. أما مو يان، البالغ من العمر 57 عاما، فنشر حتى الآن 11 رواية طويلة وأكثر من مائة من الروايات المتوسطة والقصيرة، إضافة إلى مجلدات في النثر والنقد الأدبي والمسرحيات من بين أعمال أخرى.
وفي هذا السياق، قال لين فنغ مين، الأستاذ في قسم اللغة والثقافة العربية بجامعة بكين، إن مو يان "يتسم بتواضع كبير مقارنة مع كتاب صينيين آخرين، إذ يحاول دوما أن ينأى بنفسه عن الخلافات التافهة على الساحة الأدبية الصينية. ولذا، يتسنى له الوقت لينكب على الكتابة. وكان محفوظ يتسم بالتواضع أيضا، حتى بعد نيله جائزة نوبل، إذ ظل محافظا على تواصله مع عامة الشعب والشباب المولعين بالأدب".
واتفق شيويه تشينغ قوه، رئيس قسم اللغة العربية في جامعة اللغات الأجنبية ببكين مع وجهة النظر ذاتها، قائلا إن كلا من الأديبين الصيني والمصري "عارض الظلم من خلال القلم في حين عارض العنف والتطرف أيضا".
وفيما يتعلق بالمضمون والفكر وأسلوب الإبداع في أعمالهما، أشار تشونغ جي كون، الذي حاز في العام الماضي جائزتين عربيتين بارزتين, هما جائزة الشيخ زايد للكتاب وجائزة خادم الحرمين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة، أشار إلى أن كلا من مو يان ومحفوظ "نهل من أغذية الكنوز الأدبية القومية التقليدية، وفي الوقت نفسه استفاد من الأساليب الأدبية الأجنبية المتنوعة، ثم بدأ بالإبداع بأسلوبه الخاص".
وقال شيويه تشينغ قو إن محفوظ، الذي حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، تأثر كثيرا بالروايات الشعبية مثل ((ألف ليلة وليلة)) والفكر الصوفي الإسلامي ، موضحا "عندما كنت أترجم ((أصداء السيرة الذاتية)) لمحفوظ، أحسست الصوفية إحساسا قويا".
وكذلك كان مو يان يستمع كثيرا إلى القصص الغريبة حول الجن والشياطين من المسنين في قريته، ما ساعد في خلق شيء من "الهلوسة" في أعماله، على حد قول الأستاذ لين فنغ مين.
ولكن لين فنغ مين لفت في نفس الوقت إلى تباين في أعمال الأديبين أيضا، قائلا إنه "على الرغم من أن أسلوب إبداعهما يقوم على الواقعية، نجد أن الواقعية الجديدة لمحفوظ تشبه إلى حد كبير النمط الغربي وتبعد عن الهلوسة ... أما أسلوب مو يان فلا أوافق على تصنيفه إلى واقعية الهلوسة بكل معنى الكلمة، بل أعتقد أنه يدمج عوامل الواقعية والخيال والأدب الشعبي معا".
وفيما يتعلق بالفكر الذي يعبر الأديبان عنه في أعمالهما، اعتبر لين فنغ مين أن كليهما راو رائع لمآسي الحياة، لكن عميد الأدب العربي محفوظ يهتم أكثر بمآسي المثقفين وطبقة الرأسماليين الصغار، فيما يركز مو يان في أعماله على مآسي الفلاحين الصينيين، ولاسيما أهله في مسقط رأسه محافظة قاو مي بمقاطعة شاندونغ شرقي الصين.
نوبل مو يان تعزز التبادلات الأدبية الصينية - العربية
بعدما أعلنت اللجنة المنظمة لجوائز نوبل عن فوز مو يان بجائزة الأدب لعام 2012، شرعت وسائل إعلام عربية كثيرة في تغطية هذا الحدث الثقافي الكبير، حتى أن بعضها بادر في إجراء مقابلات مع الأديب الصيني الذي قال إنه قرأ رواية ((أولاد حارتنا)) لنجيب محفوظ، وأعمالا مترجمة للروائي المصري جمال الغيطاني والشاعر السوري الشهير أدونيس، متمنيا أن يطلع الصينيون على الأدب العربي، الأمر الذي أثار صدى كبيرا لدى القراء العرب. فهل يملح هذا إلى ظهور ظاهرة الهوس بمو يان في العالم العربي؟
وأجاب الأستاذ لين فنغ مين عن هذا السؤال قائلا "أتوقع أن تجذب أعمال مو يان بعض المولعين العرب بالأدب خلال فترة ما، لكنني لا أعتقد أن ذلك يعنى ظهور ظاهرة الهوس بمو يان ... وعلى الرغم أن العالم العربي بدأ يهتم بالثقافة الصينية في السنوات الأخيرة، إلا أن الثقافة الغربية ما تزال تحتل مكانة رائدة في العالم العربي".
وأضاف الباحث الصيني الذي كان يعمل مستشارا لشئون التعليم بسفارة الصين لدى مصر، أضاف قائلا "وجدت خلال عملي في المجال التعليمي الدبلوماسي لخمس سنوات أن ثمة بوادر هوس بالثقافة الصينية، لكنها لم تتحول إلى توافق اجتماعي مشترك بعد".
بيد أن لين فنغ مين أشار في نفس الوقت إلى أنه مع التزايد الواضح في عدد أقسام اللغة الصينية والطلاب الذين يدرسون اللغة والثقافة الصينية في الجامعات العربية، من الطبيعي أن تؤدي ترجمة وطباعة أعمال مو يان باللغة العربية إلى دفع التبادلات الثقافية الصينية ــ العربية إلى حد ما.
ويقول الدكتور حسانين فهمي حسين، الأستاذ بجامعة عين الشمس المصرية والذي ترجم بالفعل أشهر أعمال مو يان ((الذرة الرفيعة الحمراء)) قبل ثلاث سنوات، يقول إن "أعمال مو يان تتميز بالواقعية السحرية"، موضحا أنه فكر في ترجمة رواية مو يان بعدما إلتقاه في بكين عام 2007.
وربما يعلم قليل من القراء الصينيين والعرب أن مو يان يعد من الكتاب الصينيين القلائل الذين يشاركون بصورة مباشرة في التبادلات الأدبية مع نظرائهم العرب. ومؤخرا، كان هناك لقاء ودي بين مو يان والروائي المصري جمال الغيطانى. وفي عام 2008، دعت مؤسسة الأبحاث الأدبية الأجنبية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية الأديب المصري جمال الغيطاني إلى زيارة الصين، حيث أقيمت ندوة أدبية بمشاركته وعدد من الكتاب الصينيين، ومن بينهم مو يان، لتبادل وجهات النظر حيال الأدبين الصيني ــ العربي وكيفية تعزيز التبادلات الثقافية بشكل عام.
واتفق الأساتذة الصينيون المشاركون في الندوة على أن مثل هذه اللقاءات بين الأدباء الصينيين والعرب مفيدة جدا.
وفي هذا الصدد، صرح تشونغ جي كون، الذي يكرس نفسه للبحث في الأدب العربي وترجمة روائعه إلى اللغة الصينية منذ نصف قرن، صرح لمراسل ((شينخوا)) بأنه زار نجيب محفوظ عندما كان طالبا موفودا إلى مصر في بداية ثمانينيات القرن الماضي، حيث ذكر له محفوظ أنه قرأ ((الحوار)), وهو من أهم الأعمال الكلاسيكية لكونفوشيوس، في مرحلته الجامعية، وكذلك نسخة إنجليزية من رواية ((سائق عربة بشرية)) للروائي الصيني المعاصر لاو شه.
وتابع تشونغ جي كون قائلا "أتمنى أن يتيح فوز مو يان فرصة لتكثيف التبادلات الثقافية بين الصين والعالم العربي من خلال ترجمة مزيد من الأعمال الأدبية الممتازة للأدباء من الجانبين".
خليفة نجيب محفوظ
عند تعليقه على فوز مو يان بجائزة نوبل في الأدب ، توقع جمال الغيطاني أن يحصل كاتب عربي على نفس الجائزة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفي هذا الصدد ذكر تشونغ جي كون، وهو صديق مقرب للغيطاني، أنه "عندما كنت أشارك في المتلقى بين جمال الغيطاني وأدباء صينيين، قلت للحاضرين إن الأكاديمية السويدية تجاهلت الأدبين الصيني والعربي, فثمة عديد من الكتاب الصينيين والعرب يستحقون الفوز بجائزة نوبل، ومنهم مو يان والغيطاني"، وأضاف مبتسما "نصف توقعاتي باتت حقيقة، وأتمنى أن يتحقق النصف الآخر".
وحتى الآن تمت ترجمة روايتين للغيطاني إلى اللغة الصينية، وهما ((وقائع حارة الزعفراني)) و((مطربة الغروب))، ما جذب النقاد الصينيين.
وقال لين فنغ مين إن الساحة الأدبية العربية غنية بالأدباء الممتازين والأعمال الأدبية الرائعة، مضيفا "أعتقد أن فوز واحد منهم بجائزة نوبل مسألة وقت لا أكثر".
ونوه شيويه تشينغ قوه، وهو أول مترجم صيني ينشر له مجلد ترجمة لقصائد الشاعر السوري الشهير أدونيس، نوه إلى أن من الصعب التوقع بحتمية فوز أدونيس بأرفع الجوائز الأدبية في العالم، لأن من الصعب نقل كل روائع الشعر عبر الترجمة, "ومن المؤسف أنه لا يوجد عضو في الأكاديمية السويدية يتقن اللغة العربية".
ومن حسن الحظ أن مو يان هو أكثر الكتاب الصينيين المعاصرين شهرة لدى القراء الأجانب بفضل الترجمة، إذ ترجمت بعض أعماله إلى أكثر من 20 لغة أجنبية، ومنها اللغة السويدية. ويرى بعض النقاد الصينيين أن أحد الأسباب الرئيسية لفوز مو يان بالجائزة يتمثل في ترجمة أعماله إلى لغات أخرى.
ويرى شيويه تشينغ قوه أيضا أن هناك كثيرا من الأدباء الممتازين على الساحة الأدبية العربية، مضيفا "لن أشعر بالدهشة لو سمعت خبرا يفيد بأن أديبا عربيا سوف يفوز بجائزة نوبل في المستقبل".
وقد يشرد ذهن مو يان للحظات عندما يسمع شخص ينطق باسمه عاليا في القاعة ليسترجع اسم أديب عربي أعلن عنه في نفس المكان قبل سنوات عديدة، إنه الروائي المصري الشهير نجيب محفوظ.
ولعل من الطبيعي أن يتذكر مو يان عميد الأدب العربي نجيب محفوظ تحديدا. فلم لا، وكلاهما روائي شرقي حاز على شرف الفوز بجائزة نوبل في الأدب ، كما أنهما يمثلان حضارتين عريقتين تربط بينهما علاقات قوية منذ قديم الأزل، إضافة إلى وجود قدر كبير من التشابه في مزاج الأديبين.
مو يان ونجيب محفوظ ... مزاج متشابه
اتفق باحثون صينيون على أن في مزاج مو يان ونجيب محفوظ وأعمالهما عدد من التشابهات، إذ ينتمي كل منهما إلى الشرق والعالم الثالث وحضارة عريقة.
وفي هذا السياق، صرح تشونغ جي كون، الأستاذ في قسم اللغة والثقافة العربية بجامعة بكين، لوكالة أنباء ((شينخوا)) قائلا "أرى أن الأديبين يتسمان بطيبة القلب والتواضع والاجتهاد"، مضيفا أن كليهما يهتم بمعاناة عامة الشعب، ويلجأ إلى "الفن الماكر" للتعبير عن استنكاره للظلم بدلا من التعبير العلني الصارخ, ولا يدخر جهدا في الإبداع.
يذكر أن الروائي العربي الراحل نجيب محفوظ (1911 - 2006) كتب عددا كبيرا من الروايات وأعمال النثر طوال حياته. أما مو يان، البالغ من العمر 57 عاما، فنشر حتى الآن 11 رواية طويلة وأكثر من مائة من الروايات المتوسطة والقصيرة، إضافة إلى مجلدات في النثر والنقد الأدبي والمسرحيات من بين أعمال أخرى.
وفي هذا السياق، قال لين فنغ مين، الأستاذ في قسم اللغة والثقافة العربية بجامعة بكين، إن مو يان "يتسم بتواضع كبير مقارنة مع كتاب صينيين آخرين، إذ يحاول دوما أن ينأى بنفسه عن الخلافات التافهة على الساحة الأدبية الصينية. ولذا، يتسنى له الوقت لينكب على الكتابة. وكان محفوظ يتسم بالتواضع أيضا، حتى بعد نيله جائزة نوبل، إذ ظل محافظا على تواصله مع عامة الشعب والشباب المولعين بالأدب".
واتفق شيويه تشينغ قوه، رئيس قسم اللغة العربية في جامعة اللغات الأجنبية ببكين مع وجهة النظر ذاتها، قائلا إن كلا من الأديبين الصيني والمصري "عارض الظلم من خلال القلم في حين عارض العنف والتطرف أيضا".
وفيما يتعلق بالمضمون والفكر وأسلوب الإبداع في أعمالهما، أشار تشونغ جي كون، الذي حاز في العام الماضي جائزتين عربيتين بارزتين, هما جائزة الشيخ زايد للكتاب وجائزة خادم الحرمين عبد الله بن عبد العزيز العالمية للترجمة، أشار إلى أن كلا من مو يان ومحفوظ "نهل من أغذية الكنوز الأدبية القومية التقليدية، وفي الوقت نفسه استفاد من الأساليب الأدبية الأجنبية المتنوعة، ثم بدأ بالإبداع بأسلوبه الخاص".
وقال شيويه تشينغ قو إن محفوظ، الذي حصل على جائزة نوبل في الأدب عام 1988، تأثر كثيرا بالروايات الشعبية مثل ((ألف ليلة وليلة)) والفكر الصوفي الإسلامي ، موضحا "عندما كنت أترجم ((أصداء السيرة الذاتية)) لمحفوظ، أحسست الصوفية إحساسا قويا".
وكذلك كان مو يان يستمع كثيرا إلى القصص الغريبة حول الجن والشياطين من المسنين في قريته، ما ساعد في خلق شيء من "الهلوسة" في أعماله، على حد قول الأستاذ لين فنغ مين.
ولكن لين فنغ مين لفت في نفس الوقت إلى تباين في أعمال الأديبين أيضا، قائلا إنه "على الرغم من أن أسلوب إبداعهما يقوم على الواقعية، نجد أن الواقعية الجديدة لمحفوظ تشبه إلى حد كبير النمط الغربي وتبعد عن الهلوسة ... أما أسلوب مو يان فلا أوافق على تصنيفه إلى واقعية الهلوسة بكل معنى الكلمة، بل أعتقد أنه يدمج عوامل الواقعية والخيال والأدب الشعبي معا".
وفيما يتعلق بالفكر الذي يعبر الأديبان عنه في أعمالهما، اعتبر لين فنغ مين أن كليهما راو رائع لمآسي الحياة، لكن عميد الأدب العربي محفوظ يهتم أكثر بمآسي المثقفين وطبقة الرأسماليين الصغار، فيما يركز مو يان في أعماله على مآسي الفلاحين الصينيين، ولاسيما أهله في مسقط رأسه محافظة قاو مي بمقاطعة شاندونغ شرقي الصين.
نوبل مو يان تعزز التبادلات الأدبية الصينية - العربية
بعدما أعلنت اللجنة المنظمة لجوائز نوبل عن فوز مو يان بجائزة الأدب لعام 2012، شرعت وسائل إعلام عربية كثيرة في تغطية هذا الحدث الثقافي الكبير، حتى أن بعضها بادر في إجراء مقابلات مع الأديب الصيني الذي قال إنه قرأ رواية ((أولاد حارتنا)) لنجيب محفوظ، وأعمالا مترجمة للروائي المصري جمال الغيطاني والشاعر السوري الشهير أدونيس، متمنيا أن يطلع الصينيون على الأدب العربي، الأمر الذي أثار صدى كبيرا لدى القراء العرب. فهل يملح هذا إلى ظهور ظاهرة الهوس بمو يان في العالم العربي؟
وأجاب الأستاذ لين فنغ مين عن هذا السؤال قائلا "أتوقع أن تجذب أعمال مو يان بعض المولعين العرب بالأدب خلال فترة ما، لكنني لا أعتقد أن ذلك يعنى ظهور ظاهرة الهوس بمو يان ... وعلى الرغم أن العالم العربي بدأ يهتم بالثقافة الصينية في السنوات الأخيرة، إلا أن الثقافة الغربية ما تزال تحتل مكانة رائدة في العالم العربي".
وأضاف الباحث الصيني الذي كان يعمل مستشارا لشئون التعليم بسفارة الصين لدى مصر، أضاف قائلا "وجدت خلال عملي في المجال التعليمي الدبلوماسي لخمس سنوات أن ثمة بوادر هوس بالثقافة الصينية، لكنها لم تتحول إلى توافق اجتماعي مشترك بعد".
بيد أن لين فنغ مين أشار في نفس الوقت إلى أنه مع التزايد الواضح في عدد أقسام اللغة الصينية والطلاب الذين يدرسون اللغة والثقافة الصينية في الجامعات العربية، من الطبيعي أن تؤدي ترجمة وطباعة أعمال مو يان باللغة العربية إلى دفع التبادلات الثقافية الصينية ــ العربية إلى حد ما.
ويقول الدكتور حسانين فهمي حسين، الأستاذ بجامعة عين الشمس المصرية والذي ترجم بالفعل أشهر أعمال مو يان ((الذرة الرفيعة الحمراء)) قبل ثلاث سنوات، يقول إن "أعمال مو يان تتميز بالواقعية السحرية"، موضحا أنه فكر في ترجمة رواية مو يان بعدما إلتقاه في بكين عام 2007.
وربما يعلم قليل من القراء الصينيين والعرب أن مو يان يعد من الكتاب الصينيين القلائل الذين يشاركون بصورة مباشرة في التبادلات الأدبية مع نظرائهم العرب. ومؤخرا، كان هناك لقاء ودي بين مو يان والروائي المصري جمال الغيطانى. وفي عام 2008، دعت مؤسسة الأبحاث الأدبية الأجنبية التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية الأديب المصري جمال الغيطاني إلى زيارة الصين، حيث أقيمت ندوة أدبية بمشاركته وعدد من الكتاب الصينيين، ومن بينهم مو يان، لتبادل وجهات النظر حيال الأدبين الصيني ــ العربي وكيفية تعزيز التبادلات الثقافية بشكل عام.
واتفق الأساتذة الصينيون المشاركون في الندوة على أن مثل هذه اللقاءات بين الأدباء الصينيين والعرب مفيدة جدا.
وفي هذا الصدد، صرح تشونغ جي كون، الذي يكرس نفسه للبحث في الأدب العربي وترجمة روائعه إلى اللغة الصينية منذ نصف قرن، صرح لمراسل ((شينخوا)) بأنه زار نجيب محفوظ عندما كان طالبا موفودا إلى مصر في بداية ثمانينيات القرن الماضي، حيث ذكر له محفوظ أنه قرأ ((الحوار)), وهو من أهم الأعمال الكلاسيكية لكونفوشيوس، في مرحلته الجامعية، وكذلك نسخة إنجليزية من رواية ((سائق عربة بشرية)) للروائي الصيني المعاصر لاو شه.
وتابع تشونغ جي كون قائلا "أتمنى أن يتيح فوز مو يان فرصة لتكثيف التبادلات الثقافية بين الصين والعالم العربي من خلال ترجمة مزيد من الأعمال الأدبية الممتازة للأدباء من الجانبين".
خليفة نجيب محفوظ
عند تعليقه على فوز مو يان بجائزة نوبل في الأدب ، توقع جمال الغيطاني أن يحصل كاتب عربي على نفس الجائزة خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفي هذا الصدد ذكر تشونغ جي كون، وهو صديق مقرب للغيطاني، أنه "عندما كنت أشارك في المتلقى بين جمال الغيطاني وأدباء صينيين، قلت للحاضرين إن الأكاديمية السويدية تجاهلت الأدبين الصيني والعربي, فثمة عديد من الكتاب الصينيين والعرب يستحقون الفوز بجائزة نوبل، ومنهم مو يان والغيطاني"، وأضاف مبتسما "نصف توقعاتي باتت حقيقة، وأتمنى أن يتحقق النصف الآخر".
وحتى الآن تمت ترجمة روايتين للغيطاني إلى اللغة الصينية، وهما ((وقائع حارة الزعفراني)) و((مطربة الغروب))، ما جذب النقاد الصينيين.
وقال لين فنغ مين إن الساحة الأدبية العربية غنية بالأدباء الممتازين والأعمال الأدبية الرائعة، مضيفا "أعتقد أن فوز واحد منهم بجائزة نوبل مسألة وقت لا أكثر".
ونوه شيويه تشينغ قوه، وهو أول مترجم صيني ينشر له مجلد ترجمة لقصائد الشاعر السوري الشهير أدونيس، نوه إلى أن من الصعب التوقع بحتمية فوز أدونيس بأرفع الجوائز الأدبية في العالم، لأن من الصعب نقل كل روائع الشعر عبر الترجمة, "ومن المؤسف أنه لا يوجد عضو في الأكاديمية السويدية يتقن اللغة العربية".
ومن حسن الحظ أن مو يان هو أكثر الكتاب الصينيين المعاصرين شهرة لدى القراء الأجانب بفضل الترجمة، إذ ترجمت بعض أعماله إلى أكثر من 20 لغة أجنبية، ومنها اللغة السويدية. ويرى بعض النقاد الصينيين أن أحد الأسباب الرئيسية لفوز مو يان بالجائزة يتمثل في ترجمة أعماله إلى لغات أخرى.
ويرى شيويه تشينغ قوه أيضا أن هناك كثيرا من الأدباء الممتازين على الساحة الأدبية العربية، مضيفا "لن أشعر بالدهشة لو سمعت خبرا يفيد بأن أديبا عربيا سوف يفوز بجائزة نوبل في المستقبل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق