الأربعاء، 14 يناير 2015

ذاكرة المتنبي



قال أبو الحسن محمد بن عمر بن يحيى العلوي: كان المتنبي وهو صبي ينزل في جوارنا بالكوفة، وكان أبوه يعرف بعيدان السقاء، يستقي على جمل له ولأهل المحلة. ونشأ له المتنبي، فكان يتبع أهل العلم والأدب ويلازم الوراقين، وكان ذكيا حسن الذكاء. فقال لي وراق كان يجلس إليه: ما رأيت قط أحفظ من هذا الغلام ابن عيدان؛ فقلت له: كيف ذاك؟ قال: كان جالسا عندي اليوم، وقد أحضر رجل كتابا من كتب الأصمعي ليبيعه يكون نحو ثلاثين ورقة، فأخذه فنظر فيه طويلا، فقال له الرجل: أريد بيع هذا الدفتر، وقد قطعتني عن ذلك، فإن كنت تريد حفظه فهذا إن شاء الله يكون بعد شهر؛ فقال له ابن عيدان: فإن كان قد حفظته في هذه المدة فما لي عليك؟ قال: إن كنت حفظته فهو لك؛ فأخذت الدفتر من يده، وأخذ يتلوه إلى آخره، ثم استلبه من يدي فجعله في كمه، وقام. فعلق به صاحبه وطالبه بالثمن، فقال: ما إلى ذلك سبيل، قد وهبته لي، فمنعناه منه وقلنا له: أنت شرطت على نفسك هذا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق