الانسان لا يحب ان يموت، ولكن لا يمكنه ان يقاوم سيل
الموت الجارف الا باستخدام وسائل خيالية، ينتصر على جزء من الموت وهذا ما عرفته
مصر القديمة عبر التحنيط. كان الانسان الميت يجوّف من الداخل. وهذا دالّ، فالمحنّط
وهو يحاول الانتصار على الموت كان يعتمد على الموت لإبقاء عناصر من الجثمان قابلة
للاستمرار لا للحياة في اي حال. كان المحنِّط من خلال عملية تجويف الميت يعترف
بموت الاحشاء وموت الدماغ. فلقد كان يتم تفريغ الجمجمة من الدماغ عبر فتحتي الانف.
حتى الذين ينتحرون لا ينتحرون لانهم يكرهون الحياة. الانتحار نرجسية فاقعة. وهنا
اروي بسرعة حكاية شخص قرر الانتحار فقام بوضع كاميرا فيديو امام طقس موته ليكون
شاهدا حيا وداميا ودامغا على عملية انتحاره. اراد" تخليد" موته عبر
هذا اللعبة النرجسية الفاقعة وليرتكها هدية ناسفة لسعادة والديه.
في الحقيقة انا لا اريد التكلم عن الموت ولا عن
التقمص وانما عن الاسماء.
خطر ببالي العبارة التالية:" كل الشعوب تؤمن
بالتقمص" عبر الاسماء.
تخيل لو ان للاسماء اجسادا وارواحا ماذا كان يحدث؟
كم بلال عبد الهادي مرّ في هذه الفانية؟ بل كم بلال
عبد الهادي يعيش اليوم؟ قلت اسمي، ولكن انت ايها القارىء الكريم اكتب اسمك على
موقع البحث " جوجل" وسوف تكتشف ان انت ليس بالضرورة انت. ان
انت " أُنوت"( جمع انت) انت اسمك لا يخصّك وحدك، ولا يخص حفيدك الاول.
انت متناسل اسميا في اناس لا ينتمون الى بلدك ولا الى عائلتك ولا يشكلون حتى ورقة
من شجرة عائلتك الوهمية.
ولنعد الى عادة تسمية البكر باسم الجدّ، ما السبب؟
السبب هو محاولة حفظ اسم الجدّ على قيد الحياة ما
دام ابقاؤه هو، شخصيا، على قيد الحياة - الى هذه الساعة- من المستحيلات.
بعض من لا يؤمن بالتقمّص جسديا يمارسه اسميا، ولأنه
يمارسه اسميا يجد انه من السهل أن ينأى بنفسه عن تهمة الايمان بالتقمّص. ولكن ما
الفارق بين تناسخ الارواح وتناسخ الاسماء؟ وخصوصا حين يشكذل الاسم الضلع الثالث من
مثلث تعريف الانسان، فالانسان ليس جسماً وروحاً فقط وإنّما اسم وجسم وروح. وحين
يكون الاسم في مقام الروح والجسد يمكن الكلام على تناسخ الاسماء كما نتكلّم على
تناسخ الارواح او تناسخ الاجساد.
الانسان من غير ان يدري يتجوّل في عالم من الأسماء
الشائكة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق