الثلاثاء، 30 يونيو 2015

هل الوزن شرْط شعريّ؟



حين نزل القرآن الكريم تغيّر مجرى اللغة العربية. كان القرآن بحسب عبارة الإمام جلال الدين السيوطيّ: " مفجّر العلوم". من رحم القرآن خرجت العلوم كلها، الجغرافيا، الفلك، التاريخ، الهندسة، تدوين الشعر الجاهليّ، النقد الأدبيّ ...إلخ.

هنا أود الاشارة السريعة الى الشعر. هل من علاقة بين الشعر الحديث والقرآن؟

ألا يمكن لنا ان نرى بذور الشعر الحديث في القرآن؟

"نظرية التلقي" في النقد تبيح مثل هذه التساؤلات. من يصنّف النص؟ القارىء أم الكاتب؟ ثمّة اتفاق على ان الحضارة الاسلامية هي حضارة نصّ إلهيّ بهيّ، نص مميّز، ومعجز ومختلف.

كيف تلقّى الانسان العربيّ القرآن؟  جزء من العرب تلقاه على اساس انه شعر. والقرآن ينقل ذلك اي ينقل وجهة نظر من قال ان القرآن من فصيلة الشعر. ان مجرد اعتبار القرآن شعرا لا نثرا من قبل بعض أقحاح العربيّة يعني ان العربيّ لم يكن ينظر الى الشعر من باب الوزن. لم يكن الوزن او البحر هو من يحدد هوية النص او هوية الشعر والا لما خطر ببال عربي واحد ان يقول ان القرآن شعر. "وما علمناه الشعر، وما ينبغي له"، الا تتضمّن هذه الآية الكريمة ان بعض العرب رأى في القرآن شعرا؟ والآية الكريمة تريد دحض أقاويل من قال بشعريّة القرآن عن طريق نفي نسبة الرسول الى قول الشعر.

العرب كانوا يعرفون جيدا ما يميز الشعر من النثر. هذا ما تقوله لنا كتب الأدب والشعر، ولكن مع معرفتهم التامّة بذلك الحقوا صياغة القرآن بالشعر، وهذا يعني ان قوام الشعر في نظر العرب القدامى في العصر الجاهليّ لم يكن الوزن ولا التفاعيل ولا البحور.

شيء آخر غير الوزن يجعل من الشعر شعرا. فالقرآن ليس موزونا ولا على اي بحر. ومع هذا أحسّ سامعه ان روح الشعر مبثوثة في آياته.

الا يفترض ذلك ان نبحث عن الشعر في الوزن وفي غير الوزن.

المدخل الى الشعر الحديث يمكن ان يكون من باب آخر غير باب الوزن هو باب"الشعريّة" بحسب وجهة نظر ياكوبسون.

ويمكن للشعر الحديث ان يجد سندا له من القرآن نفسه.

الشعر لا يقيم دائماً في " بيوت" الشعر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق