قرأت مرّة ان وزير الثقافة الصيني قال في مؤتمر صحفيّ ان اللغة الصينية هي من أسهل اللغات. طبعا، الحضور استغرب كلام الوزير الصيني. من يصدّق ان اللغة الصينية من اسهل اللغات، وفي الفرنسية تعبير للدلالة على استحالة الفهم، يقول: "انه مكتوب بالصيني" ويقصد بذلك ان فهم المكتوب متعذّر. ودليل الوزير الصيني كان في منتهى البساطة إذ قال:" ان لغة يتكلمّها خمس سكان العالم لدليل بديهيّ على بساطتها وسهولتها".
ولأبدا ليس من الصفر! فأنا أريد البرهنة على بساطة الصينية لا على تعقيدها، والصفر خصمٌ لدود للبساطة. ولكن سأبدأ من الواحد. الواحد باللغة الصينية يكتب هكذا (一 ) كما ترى، خطّ صغير لا غير ويلفظ ( يي)، اما اثنان فيكتبان هكذا ( 二) ويلفظان (آر)، وثلاثة ، أعرف أنك صرت تعرف كيف تكتب ثلاثة بالصيني حتى من قبل ان تتعلمّها، هل من لغة تمكنك من كتابة كلمة لم تتعلمها؟ لا أظن! أعود الى الثلاثة لأقول انّها تكتب بالطريقة التالية:( 三 ) وتلفظ (سان). أظنّ انك صرت، عزيزي القارىء، تعرف أن تكتب من الواحد الى الثلاثة بالصيني، وتعرف كيف تلفظ كلّ رقم كرج الماء!
1- يي 一
2- آر 二
3- سان
三
ويكفي ان تضع خطا في وسط الرقم ثلاثة ليس لتصل
إلى أربعة، وانّما الى كلمة أخرى لا علاقة لها بالأرقام وانّما لها علاقة بالملوك،
وهي 王 وتعني ملك وتلفظ
(وانغ)، ويكفي ان تضيف خطا صغيرا منحنيا على كلمة ملك بين الخط السفلي والوسطي جهة
اليمين حتى تحصل على مفردة صينية لها تراث وتاريخ ورموز واساطير في التاريخ الصيني
وهي حجر اليشب او اليشم او الجاد jade وتكتب 玉
وتلفظ (يو). والخط المائل الذي وضعته في اليشب اسحبْه مجددا وضعْه على رأس
الملك 主 فتحصل على كلمة ضيف
أو مالك أو اساسي وتلفظ (دجو). والآن لا اتصور احدا لا يعرف كيف يرسم مربعا 囗 ويعني في الصينية سورا او ارضا مسوّرة ويلفظ (واي). قد يسأل القارىء، ومن حقّه ان يسأل، وما علاقة المربع بما انا فيه؟ أقول له اني استخدمت المربع كرمى لعيني الحجر الكريم 玉 إذ بمجرد وضعه في المربّع تحصل على مفردة جديدة تعني الدولة. وتكتب هكذا 国 وتلفظ كوو guó. أكرم جوهرة في الصين هي الحجر الكريم جدّا( اليشب)، والدولة بغلاوة اليشب تصان بسور يحميها. ثمّ خذ اليشب مجددا وضع فوقه سقفاً فيصير عندك كلمة جديدة ثرية المعنى إذ تعني كنزا وتكتب هكذا 宝 وتلفظ( باو).
وعليه فأنت في وقت قصير نسبيا تعلمت ان تكتب ما يلي:
一
二
三
王
玉
主
囗
国
宝
لغة يتعلمها المرء وهو يلهو او يلعب أو يتسلى لهي أسهل من تركيب قطع بازل أو تعلّم لغة الشطرنج. في الأقل تجد نفسك وانت تتعلمها انك تقوم بعمل شيء آخر غير تعلم اللغة الا وهو تعلّم الرسم، والرسم كما سمعت يقلّص من الاصابة بمرض الالزهايمر. وهذا ما سوف اتناوله في وقت آخر إن شاء المولى.
قد يقول لي قائل:
البدايات كما رأينا سهلة، ولكن نخاف من النهايات. أقول لك، أخي الكريم، إذا تعمقت
في البدايات تنتظرك، في النهايات، حكماً، لذّة. وفي سبيل اللذّة اللغوية والفكرية
والحضاريّة تهون النهايات مع اللغة الصينية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق