ارسل تشي يانغ ابنه يانغي إلى معهد لمتابعة الدراسة بعد المرحلة الثانوية، ومن الجدير بالذكر أن تشي يانغ ليس بالرجل الغني، فقد كان يعيل زوجته وأربعة أولاد, وهذا كان مسموحاً قبل الثورة الاشتراكية ( أي إنجاب أكثر من ولدين!)، وكان الأب يقتصد في النفقات المنزلية لكي يؤمن حاجات ابنه في المعهد, ولحسن الحظ كان الولد على مستوى جيد من الوعي والشعور بالمسؤولية ذلك أنه كان يدرس جيداً ولاينفق المال إلا على الضروريات الدرسية من كتب ولوازم أخرى . وعلى مقعد الدراسة تعرّف يانغي إلى ابن أحد الموظفين الحكوميين الكبار، إلاّ أن الفرق واضح بينهما، فهذا الولد المسمى تشي سومو مبذّر لايعرف قيمة المال، وكان يتناول وجباته في أفخر مطاعم المدينة, وكان ذلك طبعاً على حساب الدوام, فغالباً يتغيب أو يتأخر عن المحاضرات, ونصحه زميله يانغي مراراً, وشجَّعه مع تغيير نمط حياته، إلا أن هذه النصائح لقيت آذاناً صماء، فقد كان يقول له: احتفظ بنصائحك لنفسك, فأنا ابن مسؤول ذي نفوذ كبير، ويستطيع أن يساعدني في كافة مناحي الحياة العامة. واقتربت الامتحانات النصفية فأخذ يانغي يحضّر جيداً, وبالفعل نال علامات جيدة بل ممتازة في بعض المقررات الدرسية, وأما الطالب تشي سومو فلم يبل بلاءً حسناً في الامتحانات, ذلك أنه تغيب عن بعضها, وكانت نتائجه سيئة للغاية, وبعد الامتحانات عاد تشي سومو إلى مدينته ليزور أهله ويقضي إجازته نصف السنوية. وحين أخبر التلميذ أباه عن أدائه في الامتحان، صُعِقَ الأب وقال له : هذا ماقدّمت يداك, فلن أدعك تتابع الدراسة, لأنك لاتستحق هذه الفرصة, فزميلك الفقير حقق علامات عظيمة لأن العمل أساس, لايابني لا أستطيع أن أساعدك البتة وحتى لو تمكنتُ من ذلك فلن أفعل، أريدك أن تعتمد على نفسك وأن تنظر إلى الفصل الدراسي الأول بوصفه درساً مؤلماً تتعلم منه أن لاتضيع الوقت وأن تفعل مابوسعك, بل أكثر لأن النجاح الحق لايأتي إلاّ إثر العمل الدؤوب, يابني خذ عبرة من عمل زميلك ابن ذلك الرجل الفقير, فهو لم يأت ليزور أهله بسبب انشغاله بدروسه, وحين يزور أهله تكون زيارته قصيرة لأن الدراسة تتطلب العمل والمثابرة فتعلّم منه يابني، تعلم منه!.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق