الاثنين، 28 ديسمبر 2015

ما مبرر استعمال كلمة معاني في التعبير " ترجمة معاني القرآن"؟

هل من فرق دلاليّ بين هاتين العبارتين: " ‫#‏ترجمة_القرآن‬" و " ترجمة ‫#‏معاني_القرآن‬"؟ اللغة هي معنى ومبنى، ولا يمكن ترجمة المبنى، ولا يخطر ببال أحد أن يترجم المبنى، كل الترجمات هي ترجمات معاني، فلم أسمع مثلا تعبيرا من قبيل ترجمة معاني مسرحيات شكسبير او ترجمة معاني كتب فيكتور هيجو، رغم ان الترجمة هي ترجمة معاني. ولكن من يمكنه ادعاء ترجمة المبنى؟ بل من يمكنه ادعاء ترجمة كلّ المعنى. كل ترجمة هي فتافيت معنى. وليس بمقدور أي مخلوق ان يترجم غير الفتافيت. هذه طبيعة اللغة. فالكلمة الواحدة متشعبة الدلالات ولا يمكن لأي مترجم مهما كان تمكنه من اللغتين عاليا ان ينقل الكلمة بتشعباتها الدلالية المديدة ان يجد كلمة ملائمة لها بكل تشعباتها. لكل كلمة تجربة وذاكرة تختلف عن تجربة وذاكرة كلمة أخرى تحسب من المترادفات في اللغة الواحدة فما بالك حين ننتقل من لغة الى أخرى. والترجمة من طبعها الخيانة. ولكنها خيانة ليست ذات نوايا سيئة بالضرورة. خيانة تنقذ المعنى من الوفاء القاتل، الوفاء الفتّاك بالمعنى! أوّل خيانة للنص المترجم هو تجريده من ردائه الصوتيّ الأصيل وإلباسه رداء لا علاقة لجسمه به. لا مفرّ من الترجمة، ولا مفر من الخيانة. فلنتقبّل الخياة الترجمية برحابة صدر ورحابة أفق. المبنى ضريبة لا بدّ من دفعها في كل عملية ترجمة ، ولكن المعنى ينتقم بتلويث سمعة المعنى واتهامه بالخيانة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق