السبت، 6 يونيو 2015

حكمة الماء


الماء لأنّه حكيم لا يحبس نفسه في شكله. فهو في طبيعته سيّال ولكنّه أحياناً يشعر ان الضرورة تفرض عليه أن يكون بخارا،ً وأحياناً يتقمص شخصية الثلج، وأحياناً يحتفظ بسيولته دون أن يحتفظ بحرارته. أحياناً يتصادق مع النار، وأحياناً يصاحب الصقيع. لا يتشبّث برأسه ولا ببيته. فهو طيّع وعنيد، جبّار ووديع. دمث وشرس، ينخر العظم والحجر إذا شاء، ولا يلقط، يفرّ كالزئبق من شقوق الأصابع.
حين أتأمّل مجرى نهر من الانهار انتبه الى ان مجراه متعرّج، يستحيل وجود نهر لا يجري متعرجا. هل تعرجه ظاهرة غير صحية؟ ما هي الحكمة.؟ ما الذي يجري في بال الماء وهو يلتف يمينا ويسارا؟ لماذا لا يؤمن بالصراط المستقيم؟ اليست حكمته هي التي فرضت عليه هذا المسار؟ اليس اصراره في الوصول الى غايته هو الذي صاغ طريقته في شقّ مجراه؟ الاصرار لا يعني العناد ولا يعني التشبث بالرأي. تخيّل ان نهرا من الانهار قرر ان يمشي بخط افقي لا يقبل التعرج؟ ماذا يحدث له وللاحياء. الاصرار يتطلب الليونة، والنهر من عشاق البراغماتية. 

من أين تعلّم الماء كلّ هذه الحكمة وكلّ هذا الدهاء؟!

لأنّه ليس شيئاً واحداً، صار جوهر الأشياء وأصلها بحسب كلام الله في القرآن الكريم: "وجعلنا من الماء كلّ شيء حيّ".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق