السبت، 18 يونيو 2016

مذكرات مجنون

ميرا أحمد، إحدي المترجمات الشابات التي اختارت اللغة الصينية لتكون جسرا بين الثقافات المصرية الصينية، صدر لها مؤخرا كتاب " مذكرات مجنون" للكاتب الصيني الكبير لوشون، وهناك مختارات قصصية من الأدب الصيني الحديث تحت الطبع، وهي تعد حاليا رسالة ماجستير في الأدب الصيني لتصبح أول مترجمة تقدم أعمال لوشون إلي العربية .
 تقول ميرا :"مذكرات مجنون" هوالكتاب الأول الذي صدر عن سلسة المائة كتاب(الهيئة العامة لقصور الثقافة) التي يرأسها الشاعر والمترجم رفعت سلام. وهي الترجمة المصرية العربية الأولي التي تصدر في مصر والوطن العربي لأعمال لوشون. كتب المقدمة عميد مترجمي اللغة الصينية في مصر والوطن العربي المترجم محسن فرجاني علي جوانب مختلفة في حياة لوشون والفترة التاريخية والثقافية التي شهدتها الصين وشكلت وجدان لوشون حتي صار عميد الأدب الصيني الحديث وخرج من عباءته كثير من الأدباء منهم من حاز علي نوبل مثل مويان.. يضم الكتاب تسع مختارات قصصية للوشون تلقي بظلال قاتمة من الكوميديا السوداء علي شخصية الصين التقليدية آنذاك. حاول لوشون البحث وراء الأسباب الجوهرية وراء الكارثة التي أصابت روح الصين في مقتل. كان يري أنه المقاتل باسم روح الصين . فنجد مثلا قصة"مذكرات مجنون" التي اتخذت عنوانا للكتاب، إنها ثورة المثقفين علي أوهام الماضي وثورة الأجيال الجديدة من أجل تحرير الذهن من أوهامه. وتوضح ما فعلته القيم الكونفوشيوسية في جسد الصين.. من خلال تجسيد مريض مصاب بمرض عقلي يتوهم كل من حوله من آكلي البشر حتي أخوه يتآمر مع الطبيب المعالج له لالتهامه. وهي أول قصة تكتب باللغة العامية في تاريخ الأدب الصيني الحديث، وأيضًا "القصة الحقيقية لأكيو" أحد نصوص التراث السردي الساخر في الأدب الصيني الحديث، تجسد الشخصية الصينية التقليدية التي تتحلي بالصبر والمواساة الذاتية رغم الهزات التي تعرضت لها علي يد الغرب، وذلك من خلال تجسيد الفلاح البسيط المثابر أكيو، تقف حائرًا لا تعلم تحتقره وتسخر منه، أم تتعاطف معه وتبكي من أجله وخاصة في مشهد النهاية الأخير المأسوي، حتي أن الزعيم ماوتسي دونغ قال ذات مرة" أدعوالشباب لقراءة القصة الحقيقية لأكيو" وتري أيضًا في قصة"الدواء" تجسيدا للخرافات القديمة فقد شاع قديمًا أن مريض السل إذا أكل شيئًا مغموسًا بدم إنسان آخر سيشفي تمامًا، وقد كان الجلاد في السجون يتربح من هذه الفعلة. ومثلاً في قصة "الغد" تجد معاناة المرأة الصينية الفقيرة وخاصة بعد وفاة رب الأسرة والوحدة التي تحيا بها خاصة بعد وفاة صغيرها بسبب المرض. وقصة "أوبرا الريف" التي تعقد مقارنة ساخرة بين حياة المدن الصاخبة وحياة الريف البسيطة، من خلال المقارنة بين أوبرا بكين الشهيرة وأوبرا تعرض في الريف، وقصة"كونغ إيي جي" التي تجسد نموذج المثقف الكلاسيكي وتسخر منه، وقصص أخري كلها بمثابة ناقوس خطر يدقه لوشون ويستنفر الهمم لإيقاظ الشعب من سباته العميق..
 لوشون (1881 – 1936) هوعميد الأدب الصيني الحديث ورائد الواقعية النقدية. كان أول الأدباء الذين أدركوا مأساة الوطن. حمل علي عاتقه مسئولية تحرير الأذهان من أوهام الزمن الغابر، إيقاظ أبناء وطنه من الغفلة. ترك دراسة الطب في اليابان وعاد إلي أرض الوطن ليدق ناقوس الخطر، يبث روحا جديدة في الشخصية الصينية، يثور علي كل التقاليد البالية والأفكار المهترئة، رأي لوشون أن الكتابة هي وسيلته لتحقيق غايته في إنقاذ وطنه من قيود التخلف. كان أحد أوائل من قاموا بتوظيف السخرية لنقد المجتمع الصيني، كشف مواطن الضعف في الشخصية الصينية التقليدية، البحث في الأسباب الحقيقية وراء أزمة الصين في ذلك الوقت. أعلن لوشون في كتابته الحرب علي الثورة الإقطاعية، القيم الكونفوشيوسية وآثارها السلبية في حالة اللاوعي التي عاشت بها الصين عمرا مديدا. خرج من عباءته كثير من الأدباء ومنهم من حصل علي نوبل للآداب مثل مويان في عام .2012، من أهم الأعمال الأدبية للوشون: الصرخة (مجموعة قصصية) التردد(مجموعة قصصية) الطالع المشئوم (مقالات)، المدفن (مقالات)، من أشهر أعماله القصصية "مذكرات مجنون"، "القصة الحقيقة لأكيو"، "الدواء"، و"الطلاق" وغيرها من الأعمال القصصية التي خلدت اسمه عبر الأجيال.
ومن النصوص التي ترجمتها ميرا مؤخرا " وداع الظل " :" حينما يجافي النوم عيون المرء، يأتي ظل المرء ليقول الوداع، يلقي بكلماته الأخيرة.
لن أكون سعيدًا في الجنة، لا أتوق إلي الذهاب هناك؛ لن أكون سعيدًا في النار، لا أرغب في البقاء هناك؛ لن أكون سعيدًا في عصركم الذهبي في المستقبل، لا أرجوالعيش هناك.
لكن أنت وحدك من يجعلني بائسًا حزينًا.
صديقي! أنا لا أريد أن أتبعك، لم أعد أرغب في الحياة.
لم أعد أرغب في الحياة!
واحسرتاه! لم أعد أرغب في الحياة، أنا لا أضاهي حتي شخص لا يعرف أين يمضي!
 أنا لست سوي ظل، جئت لأودعك في عتمة الليل الحزين. لكن مثل هذه العتمة القاتمة ستبتلعني في أحشائها السوداء، وأيضًا سيبدد جسدي الضوء الساطع.
 لكني لا أريد أن أقف في المنتصف.. أتأرجح ما بين العتمة والنور، فأنا حتي لا أساوي شخصا قد غرق في الظلمات الموحشة.
لكني في النهاية أمضي بخطي مترددة ما بين العتمة والنور، أنا حتي لا أدرك التمييز بين الغسق والفجر. سوف أرفع مؤقتا يدي الشاحبة وأتظاهر بأني أقرع كأسي بكأسك، حينما يحين موعد الرحيل الذي لا أعرف متي سيكون، سأمضي وحدي بعيدًا.
واحسرتاه! إذا كان قد حل المساء، سأغرق في ظلمات الليل، وإلا سيبدد نور النهار المشرق أجزائي، إذا كان الفجر قد ألقي بنوره الفضي.
صديقي! اقترب الموعد.
سأجوب مدينة الظلام حائرًا متردد الخطي.
أنت لا زلت ترغب في تذكار مني. ماذا ينبغي أن أقدم لك؟ لازالت الدنيا معتمة وشاغرة. لكن كل ما تصبوإليه نفسي هي تلك العتمة الجامحة، فربما أستطيع أن أبدد نور نهارك؛ كل ما تتوق إليه نفسي هي تلك المساحة الشاغرة، التي لا يشغلها قلبك.
أنا أرغب في ذلك يا صديقي...
سأرحل وحدي بعيدًا، ليس فقط من دونك، ولكن أيضًا من دون ظل آخر في الظلام. سأغرق في العتمة الحزينة، سينتمي إليّ ذلك العالم بأسره.. ذلك العالم البعيد. 


http://dar.akhbarelyom.com/issuse/detailze.asp?mag=akh&akhbarelyom&field=news&id=38258#.V1Lshxx15ko.facebook

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق