ما هي الثمرة المغوية التي أكلها آدم في الجنّة؟ لا أحد يعرف!
لا التوراة ولا القرآن أتيا على سيرة الثمرة. ففي التوراة اسم الشجرة: "شجرة معرفة الخير من الشرّ". وفي القرآن الكريم اسم الشجرة " شجرة الخلد وملك لا يبلى".
ولكن من اين تسرّبت التفّاحة الى شجرة الخطيئة؟ من حمّل حبّة التفّاح وزر السقوط من عالم الكمال والخلود، إلى عالم النقص والزوال؟ لا يخلو اسم الشجرة سواء في التوراة او القرآن من لفتة باهرة ,ودالّة. التوراة يقول انها "شجرة المعرفة" بينما القرآن لم ينظر الى المعرفة وانما الى الخلود والسلطان. الخلود قوة، السلطان قوة.
ولكن المعرفة، أيضا، قوّة. وهل يمتطي العالم ظهر العرب، اليوم، لولا سلطان " المعرفة الغلاّب؟ يقال ان التفاحة وصلت الى شجرة الجنّة عبر الترجمة. الترجمة خائنة، والصوت خائن. ما هي الخيانة اللغويّة التي ربطت التفاحة بالمعصية الفردوسيّة؟
لفت نظري في مجلة Le monde des religions" "، العدد 61، ملفّ بعنوان "الأطعمة المحرّمة" ، وهو يدرس علاقة الشعوب مع أطعمتها من منطلق الحلال والحرام، ولا يوجد شعب، على ما أظنّ، لا يُعمل مبضع التحليل والتحريم فيما نأّكل ونشرب، وقد وجدت بعض الجواب حول شيوع فكرة التفاحة التي كان قضمها سبباً من اسباب سقوط آدم.
في القرن الرابع الميلادي تمّ نقل التوراة الى اللغة اللاتينية، ووردت كلمة "mali" وهي ترجمة لكلمة الشرّ، في ترجمة العبارة التالية :" معرفة الخير من الشرّ: lignum scienta bono et mali" ولكن كلمة mali من malum اللاتينية. شاء حظّ التفاح السيّىء ان تكون للكلمة دلالتان: الشرّ والتفّاح. فاحت رائحة التفاح من كلمة الشرّ. حصل التباس، وطال أذهان الناس، ونمت شجرة التفاح بدلاً من شجرة الشرّ. في كلّ اللغات جناس صوتي او مرئيّ. والجناس يغيّر أقدار المعاني، يرفع كلمات ويهبط بكلمات الى حضيض الدلالات.
هل كان للتفّاح، لو لم يكن التفاح والشرّ له لفظ واحد في اللاتينيّة، كلّ هذا الحضور؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق