حوار : عمرو عبد المنعم / أعده للنشر: محمود أيوب
العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين بدأت بالعلاقات الثقافية
عدد محدود من الصينيين يعرفون حقيقة ما يحدث في مصر
الكتابات الصينية تؤكد أن الرئيس المصري يلق إعجابا كبير من الشعب الصيني
السياسة المصرية تتشابه مع السياسة الصينية الخارجية في الحكمة والتروي
أكد حسين إسماعيل، المدير الإقليمي لمجلة “الصين اليوم” في الشرق الأوسط، أن زيارة الرئيس الصيني لمصر لم تكن مفاجأة ولكنها كانت مقررة من العام الماضي.
وكشف “إسماعيل” في حواره مع شبكة الإعلام العربية “محيط”، عن أن هناك أكثر من 300 مسئول صيني في مصر يمثلون المستوى السياسي والثقافي والاقتصادي والإعلامي والفني، ويعلن عن بدء العام الثقافي الصيني المصري من مدينة الأقصر.
وإلى نص الحوار:
ما أهمية زيارة الرئيس الصيني لمصر في هذا التوقيت؟
هذه الزيارة أول زيارة للرئيس الصيني لمصر منذ 12 عامًا وبالتالي لها أهمية كبيرة جدًا ولها عدة جوانب الجانب.
منها أنها تأتي تزامنًا مع احتفال البلدين لذكرى مرور 60 عامًا على إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، والعلاقات بين البلدين أعمق وأطول بكثير من العلاقات الدبلوماسية، فعلاقات مصر بالصين عمرها مئات السنين، وهناك شواهد تاريخية كثيرة، فكانت الإسكندرية هي أول مدينة أفريقيا ذكرت في المراجع الصينية كان هذا قبل ألف وخمسمائة سنة، مصر كانت دائمًا حاضره في الذاكرة الصينية.
إذًا العلاقات الدبلوماسية في الحقيقة هي تسجل الذكرى الـ60 لاعتراف مصر بجمهورية الصين الشعبية في عام 1956، والزيارة تتزامن مع ذلك.
وحاليًا استطيع أن أزعم أن القاهرة بها ما لا يقل 300 مسئول صيني منهم السياسي والثقافي والاقتصادي واﻹعلامي والفني.
ولكنك لم تجب عن أهمية هذه الزيارة لمصر؟
هام للغاية، وما سمعته من دبلوماسيين صينيين أثق فيهم من أن هناك إعجابًا شخصيًا متبادلة ما بين القيادات المصرية والصينية منذ اللقاء الأول للرئيس عبد الفتاح السيسي مع الرئيس الصيني، والكتابات الصينية تؤكد أن الرئيس المصري يلق إعجابا كبير من الشعب الصيني الذي أتى من خلفية عسكرية حسب قولهم ولم يكن عضوًا في حزب أو له ممارسة سياسية من قبل، واستطاع أن يعبر بهذا البلد في فترة شديدة الخصوصية والصعوبة وهم يقدرون هذا الأمر.
هذه الزيارة ينبغي أن تلقى اهتمامًا من المصريين، واعتقد أن المستوى الحكومي في مصر يدرك أهمية هذه الزيارة، وأنا تابعت الاجتماعات التي عقدت في مجلس الوزراء خلال الفترة الماضية استعدادًا للزيارة.
وماذا عن الجانب الاقتصادي من زيارة الرئيس الصيني لمصر؟
شهدت الزيارة توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية في مجالات مختلفة النقل والمواصلات والطاقة ومترو الأنفاق واتفاقيات مالية لدعم احتياطي النقد .
وماذا عن الجانب السياسي من الزيارة؟
سياسيًا.. هذه الزيارة جاءت بعد زيارتين قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي للصين، كانت اﻷولى في ديسمبر 2014 والثانية في سبتمبر 2015 لحضور احتفالات الصين بالذكرى السنوية للانتصار في حرب المقاومة الغزو الياباني و الحرب العالمية الثانية.
وخلال الزيارة وجه الرئيس الصيني الدعوة للرئيس السيسي لحضور اجتماعات مجموعة العشرين التي ستعقد في سبتمبر من هذا العام في الصين لتكون مصر عضو أو ضيف شرف في مجموعة العشرين الاقتصادية الكبرى، وهذا يعني تقدير الصين الكبير لمكانة مصر ويعني وضع مصر على نفس الطاولة التي يجلس عليها زعماء الدول العشرين الأقوى اقتصاديًا في العالم.
لكن الرئيس الصيني زار أيضًا السعودية وسيختتم ذلك بإيران.. ما دلالة ذلك لاسيما وأن هذه الدول لها تأثير إقليمي؟
كثير من المحللين السياسيين يخلقوا هذه الفرضية، ولكن الحقيقة أكبر من ذلك، زيارة الرئيس الصيني إلى مصر كانت مقررة في البداية في شهر فبراير عام 2015 ثم أجلت نتيجة أن مصر كانت تستعد لإشهار المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ لشهر يونيو 2015.، وحدثت الأزمة اليمنية وبدأت عاصفة الحزم، وكان من المقرر أن تتم هذه الزيارة أيضًا إلى مصر وطهران والسعودية، ومع حدوث التوترات بين السعودية وإيران فلم يكن من الممكن زيارة الرئيس الصيني لهما فأجلت مرة أخرى.
ورأت القيادة الصينية أنه مع حلول عام 2016 والاحتفال بالذكرى الـ60 للعلاقات الدبلوماسية العربية الصينية أنه وقتًا مناسبًا لزيارة مصر خصوصًا أنه كان هناك العديد من الملفات والاتفاقيات العالقة.
صحيح أن الزيارة تأتي في ظل توترات في المنطقة العربية، لكن حتى لا نحمل الأمور أكثر مما تحتمل الزيارة مرتب لها منذ وقت طويل لتعزيز العلاقات بين الدول الثلاث وهي دول هامة في المنطقة.
كيف يرى الشعب الصيني للسياسة المصرية بزعامة الرئيس السيسي؟
هناك إعجاب من الصين بالسياسة المصرية التي سارت في تقديري “تتشابه مع السياسة الصينية الخارجية” في الحكمة والتروي في اتخاذ المواقف وعدم التسرع والسعي دائمًا إلى السلام وعدم الدخول في مهاترات وانجراف إلى المواقف المتشددة.. هذه سياسة ناعمة كانت موضع إعجاب من الصينيين.
وأصدقائي الصينيون من المستعربين، من خلال حديثي معهم أعربوا عن إعجابهم بالفكرة التي طرحها الرئيس السيسي حول تجديد الخطاب الديني، وابدوا اهتماما شديدًا وأكدوا أن مصر يمكنها بشكل كبير أن تسير في هذا الاتجاه أو أن تقود هذا التوجه لإصلاح الخطاب الديني.
كيف تري العلاقات الثقافية المصرية الصينية؟
العلاقات الثقافية ممتدة منذ طريق الحرير القديم وهذه الطريق لم تكن مجرد طريق تجاري، لكنه انتقل عبرها الثقافات والأفكار والعادات والتقاليد، وعبر هذه الطريق انتقلت أفكارًا عربية للصين وانتقلت أفكارًا صينية للبلاد العربية، وتبادل أيضًا الجانبين منتجات صينية فيما بينهم.
ما أهم حدث يمكن أن يعلن عنه الرئيس الصيني خلال زيارته إلى مصر؟
الرئيس الصيني أعلن من مدينة الأقصر بدء العام الثقافي الصيني المصري، والذى يبدأ بعروض فنية صينية مصرية أمام المعابد في الأقصر، ويبث ذلك مباشرة في الصين بلد المليار و400 مليون نسمة، وهذا يعنى دعاية مجانية للسياحة المصرية لأكبر بلد مصدر للسياح في العام.
ما الذي يذكره الصيني عندما تذكر أمامه كلمة مصر؟
بالتأكيد مصر دائمًا كما هو الحال وفي كل دول العالم عندما تذكر مصر تذكر الحضارة الفرعونية وخاصةً الأهرامات، والمدهش أن هناك أطفال في الصين يتحدثون عن الهرم الأكبر وعن المعجزة الهندسية، فالأهرامات ونهر النيل يلقون اهتمام بالغ لدى الصينيون.
والعلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين بدأت بالعلاقات الثقافية وكان أول اتفاقًا وقع بين البلدين كان ثقافيًا.
وفي عهد عبد الناصر بدأ تبادل الوفود الثقافية بشكل مكثف وكذلك الوفود التعليمية لدرجة أنه كان يأتي إلى مصر أطفال صينيون يدرسون في المدارس الإعدادية في مصر ويذهب إلى الصين أطفال يدرسون هناك، وفي تلك الفترة كانت الصين مفتوحة للدراما المصرية ومنها “أريد حلا ، والصعود إلى الهاوية وأعمال نجيب محفوظ مترجمة إلى الصينية ويوسف إدريس والقعيد والسباعي وطه حسين، والآن هناك الطرق الصوفية منتشرة في الأماكن التي يتركز فيها المسلمين بالصين.
هل يعنى ذلك أن الجانب الثقافي كان له تأثيرًا في العلاقات المصرية الصينية؟
التأثير الثقافي واضح وكبير، لكن حتى نكون منصفين مازالت هناك فجوة وأنا اسميها “الفجوة المعرفية ” بين البلدين أو في علاقتهم، وما زال هناك صورة مغلوطة بينهم وربما يرجع هذا إلى تأثير القوى للإعلام الغربي في السنوات الأخيرة.
وما هي الصورة المغلوطة بين البلدين أو الفجوة التي تحدثت عنها؟
نحن لا نعرف بعضنا بعضًا بشكل جيد بمعنى أنك يمكن أن تجد من يتحدث في عن حقوق الإنسان في الصين وعن المسلمين والأقليات، وللحقيقة نحن نحتاج أن نعرف أكثر عن وجهة النظر الصينية في هذه المسائل.
وأعتقد أن الصينيين في حاجة إلى معرفة التطورات الجديدة ف مصر، وربما هناك قطاعات كبير لدى الصينيين يعتقدون أن مصر ما زالت في إضرابات نتيجة للقنوات التي تنقل أحداث غير صحيحة، وبالتأكيد عندما يرونها يتخيلون أنها في جموع أنحاء مصر، لكن من يعرف مصر بشكل جيد يمكنهم أن يحددوا بدقة ما يحدث في مصر، لكن للأسف هذا عدد محدود للغاية، ربما لا يدركون أننا لدينا تطورًا علميًا واقتصاديًا.
عدد كبير من الصينيين يتواجدون في مصر كعمالة وخصوصًا في مسألة السلع الصينية.. كيف ترى هذا؟
المواطن الصيني بطبيعته مواطن يبحث عن رزقه أينما كان.
يقال ان معظم الذين يأتون من الصين إلى مصر من المحكوم عليهم في الصين؟
هذه من المعلومات المغلوطة التي تحدث عنها من قبل ومثلها مثل “العروسة الصينية”، وفي الحقيقة نحن نسيء إلى الشعوب عن جهل، وعندما نتحدث عن هؤلاء الذين يعملون من الصينيين في مصر أنهم من المحكوم عليهم هذه المعلومة ذكرت في كتاب كتبه صحفي أمريكي حاقد على الصين وكان مراسلاً لنيويورك تايمز في الصين، ونحن أخذنا المعلومة وتحدثنا عنها وتحدثنا عن العروسة الصينية، أذًا علينا أن ندقق المعومات التي تصل إلينا ولا ينبغي لنا أن ننشرها دون الرجوع إلى أصلها.
بعض الصحف كتبت أن السلطات الصينية منعت المسلمين من الصيام في شهر رمضان الماضي.. ما حقيقة هذا الأمر؟
ربما بعض السلطات المحلية في بعض الأماكن أصدرت منشورًا داخليًا في شركة ما، تحث فيها العاملين على عدم الصيام مثلما كان يحدث في المغرب وتونس، وهذا وارد أن يكون هناك مسئول محلي جاهل يتخذ قرارًا أو يصدر تعليمات، وهذا يفهم أحيانًا بطريقة خاطئة أنه سياسة دولة، شخصيًا قضيت 20 رمضانًا في الصين، وهم يحترمون الصيام والعبادات.
وماذا عن اضطهاد مسلمي “إقليم شينجيانج” من السلطات الصينية؟
”شينجيانج” زرتها أكثر من مرة ولي أصدقاء هناك ومثل هذه الأحداث علينا أن ندقق فيها ونبحث عن حقيقتها، وبالتالي هناك حاجة إلى معرفة أكثر عن ذلك.
ما حقيقة هروب المسلمين من “إقليم شينجيانج” وأن أعدادًا كبيرة منهم انضموا إلى تنظيم “داعش”؟
بالتأكيد.. هذه مسألة في غاية الأهمية، لأن “شينجيانج” قضية عرقية وليست قضية دينية، عندما نبحث علميًا عن “شينجيانج” لأبد من مقارنتها عرقيًا وليس دينيًا وبعبارة أخرى لو تصادف أن أبناء “تشينجيانج” يؤمنون بعقيدة البوذية أو اليهودية أيًا كانت العقيدة لكانت هي نفس القضية.
و”شينجيانج” شديدة التعقيد لأن بها أقلية عرقية لا تتحدث اللغة الصينية لكنها خليط من اللغة التركية والفارسية والعربية وملامح مختلفة وليسوا منتشرين، لكن أغلبيتهم يرتكزون في مناطق معينة وليسوا منتشرين مثل أغلبية المسلمين المنتشرين في الصين.
http://www.moheet.com/2016/01/23/2376036/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%8A-%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85-%D9%87%D9%86.html#.V10uQrt97IU
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق