الأحد، 12 يونيو 2016

آثار العرب ومآثرهم في الصين عبر التاريخ - علي لي تشين تشونغ


آثار العرب ومآثرهم في الصين عبر التاريخ - علي لي تشين تشونغ

                             الفصل الأول‏


الاتصالات العربية الصينية في التاريخ القديم‏: 


 1-رحلات اكتشافية قام بها كبار الشخصيات الصينية إلى البلاد العربية في التاريخ القديم، أهمها حسب السجلات الصينية الرسمية:‏

رحلات تشانغ تشيان (zhang Qian المتوفى سنة 114 قبل الميلاد) أرسله إمبراطور الصين هان وو دى ( HAN WU DI سنة 156 قبل الميلاد - سنة 87 قبل الميلاد) من عهد سلالة هان (HAN DYNASTY سنة 206 قبل الميلاد -سنة 220 الميلادية) إلى بلدان الجهات الغربية المتاخمة للصين للتحالف مع القبائل هناك ضد غزو قبائل المغول، وله رحلتان رئيسيتان وكانت الأولى منهما في سنة 139 قبل الميلاد ووصلت بلدان آسيا الوسطى وأفغانستان والرحلة الثانية في سنة 119 قبل الميلاد لها عدة فروع وصلت إلى غرب آسيا وما بين النهرين وبلاد الشام حتى وصلت بعض الفروع إلى بلاد الروم ويقصد هنا مدينة الاسكندرية التي كانت تحت الحكم الروماني(1).‏


 2-هذه الرحلات هي فاتحة الطريق التجاري بين الصين وغرب آسيا ومنها إلى قارة أوروبا خاصة بعد إدخال الجمل إلى الصين في هذا الزمن مما ساعد كثيراً على النشاطات التجارية العابرة بمنطقة الصحارى في آسيا الوسطى وكانت صادرات الصين الرئيسية هي الحرير والمنسوجات والحديد وأواني الصيني.. وصادرات العرب والفرس الرئيسية إلى الصين العطور والبخور والأحجار الكريمة والعقاقير الطبية والفواكه المجففة والمكسرات.. لذلك سمي بطريق الحرير البري أو طريق العطور البري. ومع الاكتشافات الأثرية الجديدة في منطقة ما بين النهرين وبلاد الشام عن حفريات الأواني الصينية القديمة التي ترجع إلى عهد سلالة شانغ (SHANG DYNASTY) الممتد من القرن الـ 16 قبل الميلاد إلى القرن الـ 11 قبل الميلاد، نستطيع أن نعلم أن التجارة كانت قائمة بين الصين وبلاد العرب في العصر القديم جداً.‏


 3-كان التبادل الثقافي والفني يرافق هذه النشاطات التجارية إذ دخلت فنون الطرب وأدوات الموسيقى والرسم إلى الصين من بلاد العرب والفرس عن طريق الحرير البري ودخلت الديانة البوذية إلى الصين وانتشرت بها من الهند عن طريق الحرير البري في آسيا الوسطى أيضاً.‏


 4-ثم مرت فترات من غزوات قبائل المغول والتتار على الطريق التجاري الذي كان يغلق تارة ويفتح تارة أخرى حتى استقر الأمن في أيام بان تساو (BAN CHAO سنة 32- 102 الميلادية) الذي كان حاكم منطقة حدود الصين الغربية وأرسل أحد قواده اسمه قان ينغ (GAN YING) إلى بلاد الفرس والعرب والروم فوصل بلاد الفرس والعرب دون بلاد الروم وذلك في سنة 97 الميلادية)(2).‏


 5-في الكتب العربية نجد الأخبار المماثلة للاتصالات الصينية العربية القديمة عن طريق الحرير التجاري، "كانت تدمر (بالميرا) في أوج عزها في فترة ما بين سنة 130-270 الميلادية والكتابات التي اكتشفت في تدمر ترجع إلى هذا التاريخ وأن التجارة الدولية في تدمر كانت تتوسع حتى وصلت إلى الصين(3).‏




الفصل الثاني‏


 دخول الإسلام إلى الصين يفتح عهداً جديداً للاتصالات العربية الصينية‏ :


 1-"روى عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) أنه قال "اطلبوا العلم ولو في الصين". ومع أنه ليس لدينا شاهد تاريخي يدل على أن هذا الكلام قد جاء على لسان الرسول (صلى الله عليه وسلم) فليس من المستحيل أن يكون قد عرف اسم هذه البلاد، لأن الصلات التجارية بين بلاد العرب والصين كانت قد توطدت قبل مولده بزمن طويل فكانت حاملات الشرق التي تتلقاها بلاد الشام وموانئ البحر الأبيض تمر بنسبة هائلة عن طريق بلاد العرب. وفي القرن السادس الميلادي كانت بين الصين وبلاد العرب تجارة هامة عن طريق سيلان (طريق الحرير البحري). وفي بداية القرن السابع كانت التجارة بين الصين وبلاد فارس وبلاد العرب هي السوق الرئيسية للتجار الصينيين." ("تاريخ الإسلام" تأليف الدكتور حسن إبراهيم حسن، مكتبة النهضة المصرية سنة 1953م جزء أول صفحة 328).‏


 2-جاء في "كتاب تانغ القديم". (JU TANG SHU) جزء 4 أنه في السنة الثانية والشهر الثامن واليوم الخامس والعشرين من عهد حكم الإمبراطور قاو زونغ (GAO ZONG) سنة 650-674 الميلادية على العرش) بدأت داشي (اسم بلاد العرب في الكتب الصينية القديمة) ترسل سفيراً لتقديم الهدايا لجلالته." وهو تاريخ يقابل سنة 651 الميلادية وسنة 31 الهجرية أي عهد الخليفة عثمان بن عفان. وهذا تسجيل صيني رسمي للاتصالات الصينية العربية الإسلامية المبكرة على مستوى السفراء ويعتبر تاريخ دخول الإسلام إلى الصين في نظر الصينيين المسلمين.‏


 3-تابعت بعثات عربية بعد ذلك إلى الصين حتى بلغت 39 بعثة ابتداءاً من سنة 651 إلى سنة 798م حسب السجلات الصينية الرسمية.(4) وهو إحصاء غير كامل بطبيعة الحال. ونجد أن نشاطات التجار العرب والرحالة المسلمين كانت ترافق هذه البعثات ولكننا لم نجد نفس النشاطات من البعثات العربية الرسمية إلى الصين في السجلات العربية الرسمية أو الكتب العربية القديمة فيغلب على الظن أن كثيراً ممن قاموا هذه البعثات كانوا سفراء شعبيين من التجار العرب يقدمون الهدايا إلى أباطرة الصين باسم الخلفاء العرب ويسجلون ذلك في الكتابات الصينية الرسمية. وهذا يعطينا دلالة واضحة على أن التبادل التجاري الصيني العربي كان نشيطاً ومزدهراً.‏


 4-يترتب على ما ذكر أعلاه أمران كبيران لم يكونا في حسبان هؤلاء التجار العرب المسلمين أولهما نشر الدين الإسلامي في الصين والثاني مزج الثقافة العربية والثقافة الصينية. وكان العرب المسلمون يبنون المساجد في الأحياء الإسلامية بمدن الصين الكبيرة بطبيعة عقيدتهم. وكانوا يتكلمون اللغة العربية في البيوت وفي أداء الفرائض الدينية وينطقون اللغة الصينية في الأسواق والأعمال وكان أولادهم يدرسون اللغة العربية في البيت أو الفصل الدراسي الملحق بالمسجد ويدرسون اللغة الصينية وثقافتها في المدرسة وأصبحوا هم الأوائل الذين مزجوا الثقافة العربية والثقافة الصينية دون الوعي منهم بذلك، وتوسعت هذه الظاهرة توسعاً كبيراً بعد غزو المغول على للعالم وجلوسهم على عرش الصين..‏


 5-كان للزحف المغولي على غرب آسيا والقضاء على الخلافة العباسية وسقوط بغداد سنة 1258م أثر عظيم على البلاد العربية والإسلامية وكذلك أثر كبير على بلاد الصين أيضاً. وعندما واصل المغول زحفهم على الصين بعد ذلك جلبوا أعداداً كبيرة من رجال القتال والفنيين والعلماء من آسيا الوسطى وجزيرة العرب لمساعدة المغول في القتال وتعمير البلاد بعد ذلك وبرز منهم عدد كبير اشتغلوا بالوظائف العلمية الهامة أو المناصب الرسمية المرموقة." وخلال ثمانين سنة من حكم المغول للصين شغل 48 مسلماً صينياً المناصب الهامة بين الوزير والحاكم الإقليمي."(5) وإلى جانب ذلك أنشأ الملوك المغول أجهزة علمية متخصصة خاصة بالعلماء المسلمين منها 1-إدارة المرصاد الفلكي. 2-إدارة الصيدلية (الأجزاخانة) للإشراف على تحضير العقاقير العربية للاستعمال الخاص بالقصر-3-إدارة صناعة المدفعية للاستفادة من الفنيين المسلمين في صناعة آلات الرماية وقذائفها 4-إدارة تعليمية خاصة لعلوم المسلمين.. وبدأ التفاعل الحقيقي المثمر بين الثقافة الصينية والثقافة العربية في عهد سلالة يوان (المغولي، من سنة 1279- سنة 1368م).‏




الفصل الثالث‏


 آثار العرب ومآثرهم في نقل العلوم الفلكية العربية إلى الصين‏ :


 1-بناء على ما ورد في كتاب الأنساب لعائلة ما في مدينة آن تشينغ الصينية أن الجد الأول للعائلة اسمه مائيزي (صوت) أصله من العرب حضر إلى الصين في سنة 961م ليشترك في وضع كتاب التقاويم بدعوة من الصين وأنجز الكتاب الجديد بعد سنتين ورفع إلى إمبراطور الصين الذي أجاز الكتاب ومنح مؤلفيه ألقاب الشرف ومنح السيد مائيزي لقب شرف الأمير مع تعيينه رقيباً بالمرصد الفلكي الملكي.(6)‏

وعلى أساس هذه المعلومات يعتبر السيد مائيزي أول عالم عربي فلكي وصل إلى الصين وأسهم في وضع التقاويم الصينية ونقل العلوم الفلكية العربية المتقدمة إلى الصين منها نظام الإسبوع الذي يحدد على أساسه صلاة الجمعة وكان الصينيون يتبعون النظام العشري لتحديد يوم العطلة. وأدخل كذلك طريق حساب مواعيد الـ 12 برجاً ومواقعها بالنسبة إلى منطقة البروج (زُدياك ZODIAC ) وهو الجديد على العلم الفلكي الصيني وكان للعرب كفاءة كبيرة على حساب ذلك لخبرتهم في التنجيم على أساس 12 برجاً. وكذلك طريق العرب في حساب مدارات النجوم الخمسة ومواعيد الكسوف الشمسي والخسوف القمري. وللنجوم الخمسة أهمية خاصة عند الصينيين إذ تمثل العناصر الخمسة والجهات الخمسة: يمثل المشتري عنصر الخشب وجهة الشرق، وتمثل الزهرة عنصر المعدن وجهة الغرب، ويمثل المريخ عنصر النار وجهة الجنوب، ويمثل عطارد عنصر الماء وجهة الشمال، ويمثل زحل عنصر التراب وجهة المركز، والعناصر الخمسة والجهات الخمس هي الأسس لعلم التنجيم الصيني.‏

ولد السيد مائيزي سنة 921م في جهة البلاد العربية وتوفي في سنة 1005م على أرض الصين.‏


 2-جاء في كتاب "تاريخ يوان" جزء "أصحاب الوظائف" أن الإمبراطور شي زونغ قبل أن يجلس على العرش استدعى العالم الفلكي المسلم جمال الدين وغيره لتقديم كفاءتهم وخبراتهم العلمية. والإمبراطور شي زونغ هو قبلاى خان (سنة 1214-1294م وسنة 1260-1294م على العرش) وأخو مونجك خان وخلفه وهو الذي اتخذ مدينة بكين عاصمة لحكمه ومملكته. ووصل جمال الدين إلى الصين قبل سنة 1260م وكان قد أسهم في تأسيس المرصد الفلكي في مدينة مراغة بآسيا الوسطى وكان العالم الفلكي الرياضي العربي الإسلامي الشهير نصير الدين محمد الطوسي (سنة 1200-1273م) في مراغة للإشراف على إنشاء المرصد وإدارته ويغلب على الظن أن جمال الدين هو أحد زملاء نصير الدين الطوسي في هذا العمل وكان الفاتح المغولي هولاكو (سنة 1219-1265م) قد أسس دولة المغول الايلخانية في إيران سنة 1251-1265م هو الذي أرسل جمال الدين وغيره من العلماء العرب والمسلمين إلى الصين بطلب من قبلاى خان الذي كلف جمال الدين بوضع التقاويم الفلكية الإسلامية لنشرها في الصين ومساعدة المسلمين الصينيين في متابعة حياتهم الدينية وأنجز جمال الدين المهمة سنة 1267م وقدمها إلى قبلاى خان الذي أجازها وأمر بنشرها رسمياً في البلاد باسم "وان نيان لي (تقاويم عشرة آلاف سنة) وهي أولى التقاويم الإسلامية تنشر في الصين بأمر الامبراطور. وأدخل جمال الدين نظام التقسيم الفلكي الإسلامي العربي الذي أساسه 12 برجاً و360 درجة في تقاويمه بدلاً من نظام 28 برجاً الذي كان الصينيون يتبعونه في تقاويمهم. وقدم جمال الدين 7 أجهزة فلكية من اختراعه وتصنيعه إلى المرصد الفلكي الصيني الملكي وتمثل هذه الأجهزة السبعة إنجازاً كبيراً في العلم الفلكي وإضافة ثمينة من المرصد الفلكي العربي إلى المرصد الفلكي الصيني وعلى أثر ذلك أمر قبلاى خان بإقامة مرصد فلكي إسلامي في الصين وعيّن جمال الدين مديراً له. وتم إنشاء المرصد الفلكي الإسلامي سنة 1271م في عاصمة المغول الأولى (في إقليم شيلين جول بمنغوليا الداخلية الصينية حالياً) وتولى جمال الدين إدارته وواصل أبحاثه في العلم الفلكي على أرض الصين التي تختلف عن البلاد العربية من حيث المواقع الجغرافية والفلكية وكان يعاونه في ذلك مجموعة من العلماء الفلكيين العرب أمثال كمال الدين وشمس الدين.‏


 3-الأجهزة الفلكية السبعة التي قدمها جمال الدين إلى المرصد الفلكي الصيني الملكي:‏

1-ذات حلق (ترجمة صوتية) مكون من عدة حلقات عليها درجات لتحديد مواقع البروج ودرجاتها. والحلقات مصنوعة من النحاس.‏

2-ذات ثبات (ترجمة صوتية) مكون من ثلاث مساطر نحاسية على أحدها درجات لتحديد درجات الزوايا والمسافات بين الأجرام السماوية. المسطر الأول ثابت طوله متران ونصف متر والثاني والثالث متحركان طول كل منهما 185سم. وهوأشبه بالمسطر البطليموسي القديم.‏

3-رخام معوج (ترجمة صوتية) مكون من رخام سطحه العلوي مائل مركب عليه مسطر نصف دائري عليه 180 درجة لتحديد موعد اعتدال الربيع والخريف.‏

4-رخام مستوى (ترجمة صوتية) مكون من بيت ارتفاعه أربعة أمتار مع حفر طولي على أرض البيت وفتحة صغيرة على سطح البيت ويعلق على حائط البيت لوح نحاسي نصف دائري ويركب في مركزه إبرة متحركة لتحديد الانقلاب الصيفي والشتوي.‏

5-كرة سماء (ترجمة صوتية) مكونة من كرة عليها مواقع البروج وحولها عدة حلقات نحاسية مكتوب عليها رقم الدرجات لقياس مواقع الأجرام السماوية.‏

6-كرة أرض (ترجمة صوتية) مكونة من كرة خشبية فوقها رسوم خرائط البحار والمحيطات (باللون الأخضر) والأرض (باللون الأبيض) وكذلك رسم الجبال والأنهار والبحيرات كالأوردة في جسم الإنسان. وهذا لأول مرة تظهر الأرض في شكل كروي أمام عيون الصينيين وبالرسم الهندسي المجسم ونقل جمال الدين إلى الصين طرق العرب والغرب في رسم الأشكال الهندسية.‏

7-أسطرلاب (ترجمة صوتية) مكون من دائرة نحاسية وعقربين لقياس ارتفاع الشمس والنجوم وتحديد الليل والنهار.‏

4-حسب ما ورد في كتاب النسب لعائلة ما بمدينة نانجينغ "أن الجد الأول للعائلة اسمه دار الدين (صوت) أصله العرب مسلم وعالم فلكي ورياضي ووصل إلى الصين سنة 1369م ومعه أولاده الثلاثة. "و" أن الموطن الأول للعائلة اقليم جدة تبعد عن مكة بستين كيلو متراً من آل قريش وأهل الدين الحنيف والأولاد الثلاثة هم الشيخ (صوت) وحما (صوت) وحسن (صوت). وأن امبراطور الصين من سلالة مينغ تاي زونغ (سنة 1368-1399م على العرش) هو الذي منح اسم "ما" اسما للعائلة وهو اسم عائلة الملكة ما لا مي (MA LA MEI) ويعد ذلك شرفاً كبيراً للممنوح. "وكان ما دار الدين وأولاده الثلاثة ما شيخ وما محا وما حسن قد اشتركوا في ترجمة وتأليف التقاويم الإسلامية الجديدة الخاصة بالصين سموها "هوى هوى لي فا" (نظام التقاويم للمسلمين)"(7) ويشتمل كتاب "نظام التقاويم للمسلمين" على أربعة أقسام: القسم الأول التقويم الشمسي والثاني التقويم القمري والثالث حساب سير النجوم الخمسة والشمس والقمر في مداراتها والرابع التنبؤات بمواعيد الكسوف الشمسي والخسوف القمري. والقسمان الأخيران هما الأهم في الناحية العلمية. ويمثل الكتاب أعلى مستوى علمي وصل إليه العلماء الصينيون والعرب في المجال الفلكي في هذه التاريخ القديم. وترجم ما دار الدين وأولاده من العربية إلى الصينية أسماء البروج والنجوم الثوابت مع أنظمتها ودرجاتها. توفي ما دار الدين سنة 1374م وواصل أولاده عمله في المجال الفلكي وكانوا يتنقلون بين المناصب الفلكية الصينية المختلفة ثم تفرق أخلافهم في أرجاء الصين.‏




الفصل الرابع‏


 في مجال العلم الطبي‏ :


 1-نجد في "كراسات الأسرار والعجائب" (YOU YANG ZAZU) للعالم الشاعر الصيني دوان تشينغ تشي (DUAN CHENG SHI 802-863م) من عصر سلالة تانغ أسماء النباتات والحيوانات من بلاد العرب والفرس تستعمل للأغراض الطبية مثل المازو واللك".. ووالد دوان تشينغ تشي هو الوزير الأول في البلاط كان له مناسبات كثيرة للقاء بالسفراء فاستغل دوان تشينغ تشي الفرصة يستفسرهم عن هذه النباتات والحيوانات وأوصافها والأمراض التي تعالجها ثم يسجلها في كراساته.‏


 2-هناك كتاب بعنوان "النباتات الطبية الواردة" (HAI YAO BEN EAO) للعالم الشاعر لي شون (LI XUN سنة 855-930م) من الأصل الفارسي عاشت عائلته في الصين عدة أجيال وأجداده التجار العطارون لهم خبرات وافرة بالعقاقير العربية والفارسية وكانت معرفتهم باللغة الصينية وثقافتها معرفة جيدة وسجّل لي شون في كتابه أكثر من مائة نوع من العقاقير الطبية غالبيتها عطور وصموغ عربية مثل عطر الورود والصمغ العربي وصمغ اللكّ وصمغ الكثيراء.. مع تحديد مواطن إنتاجها وزراعتها. كتاب "النباتات الطبية الواردة" دليل قاطع لوصول العلوم الطبية العربية إلى الصين في العصور الوسطى وقد استفاد منها الصيدلي الصيني الشهير لي تشي تشين (LI SHI ZHEN) سنة 1518-1593م) كثيرا عندما ألف كتابه الشهير القيّم" فهارس النباتات الطبية" (BEN CAO GMG MU)(8).‏


 3-مع ازدهار التجارة الصينية العربية وردت إلى الصين أنواع كثيرة من الأدوية العربية مثل اهليلج كابلي واللبان (الكندر) والمسك والصبر والمر والكامون والزئبق والعقيق واللفاح (تفاحة الجن) والبيش (خانق الذئب) ودم الأخوين (دم الغزال أو دم التنين) وعود عطر وجوز الطيب (جوز بوا) وبسباسة القرنفل والفلفل الأسود والزنجبيل والكافور والخروع والباذنجان واليانسون..‏


 4-كان دواء الصين الأساسي هو الشراب المزيج من العقاقير المختلفة بعد نقعها في الماء وغليها على النار وهذا الطريق ليس صالحاً للأدوية العربية التي أكثرها عطور وصموغ وكان الأطباء العرب يصنعون من الأدوية أقراصاً أو مساحيق أو معاجين أو حبات بدلاً من الشراب وأدخلوا بذلك أشكالاً جديدة على دواء الطب الصيني التقليدي ثم صارت هذه الأشكال تقليدية في الطب الصيني حتى اليوم. وكان الصينيون يجمعون الندى من الورود للحصول على العطر الوردي وكان العطارون العرب يستخدمون طريق التقطير للحصول على العطر الوردي الذي يكون أحسن بكثير من ندى الورود من حيث النوعية فانتشر طريق التقطير بالصين بعد ذلك. وكان ذلك في عهد سلالة سونغ.(9).‏


 5-كان الطب الصيني القديم هو الطب العام لا يتميز بتقسيمات واضحة وحدثت التقسيمات لأنواع الأمراض في الطب الصيني التقليدي في عهد سلالة سونغ أيضاً ويغلب على الظن أنه تأثر في ذلك بالطب العربي الذي نقل التقسيم الطبي اليوناني القديم عند أبقراط (سنة 460ق.م -سنة 377ق.م) واتباعه إلى بلاد العرب ثم منها إلى بلاد الصين.‏

فنجد في سنة 1078-1085م تقسيم الأمراض إلى تسعة أقسام في مستشفى البلاط هي:‏

1-الباطنية 2-الأعصاب 3-الأطفال 4-العيون 5-الأورام 6-الولادة 7-الأسنان والحلق 8-الجراحة 9-الوخز بالابرة(10).‏


 6-ذكر الأديب العيني الشهير تاو زونغ يي (TAO ZUNGI )عاش بين أواخر عصر سلالة يوان وأوائل عصر سلالة مينغ) في كتابه "أحداث في العزلة" NAM GUN CHUE GING "إنه شاهد طبيباً عربياً مسلماً أخرج سرطاناً حياً صلباً من مخ طفل كان يعاني ألماً شديداً ثم استراح وزال الألم بعد إخراج السرطان."(11)وفيما يبدو أن الطبيب العربي قام بعملية جراحية للطفل لإخراج الورم الخبيث من المخ. وكان اسم السرطان يترجم صوتياً للاسم العربي في الكتاب. ويعد ذلك أول عملية جراحية للسرطان فيما تسجله الكتب الصينية القديمة.‏


 7-في مكتبة بكين (دار الكتب الصينية) وقسم الكتب القديمة المنقحة يُحتفظ بمجموعة من كتاب "وصفات طبية هوى هوى" (HUI HUI YAO FANG) اى "وصفات طبية المسلمين" ومؤلفه وتاريخ تأليفه مجهولان وكان له في الأصل 36 جزءاً بقيت منها أربعة أجزاء فقط، هي الجزء الثاني من الفهارس والجزء الـ 12 والجزء 30 والجزء الـ 34 من الكتاب والأجزاء الأربعة مكتوبة بالصينية في حوالي أربعمائة صفحة بما يقرب من مائتي ألف (200.000) كلمة صينية وتشتمل على 450 وصفة طبية تقريباً. ويختلف العلماء الصينيون المعاصرون في تاريخ تأليفه والأرجح أن يكون تأليفه في أواخر عصر سلالة يوان (الحكم المغولي) وأن يكون مصدره أو أصله كتاب "القانون في الطب" لابن سينا. وفي كتاب "وصفات طبية المسلمين" نجد أسماء الأمراض والأدوية مترجمة صوتياً إلى الصينية حيث لا نستطيع فهمها إلا إذا أرجعناها إلى الأصل العربي أو الفارسي. وفي الكتاب ما يزيد على 230 نوعاً عقارياً عربياً أو فارسياً، منها ما يزيد على 170 نوعاً ذكرها ابن سينا في كتابه "القانون في الطب" ونجد التشابه والاتفاق الشديدين بين كتاب "الوصفات الطبية للمسلمين" الصيني وبين كتاب ابن سينا في استعمال الأدوية واستعمال البدائل منها في حالة عدم وجود هذه الأدوية الأصلية بالصين مثل حب الصنوبر في الوصفة الصينية بديل ديندار (ديودار) في الوصفة العربية وقشر عود الصليب بديل سليخة والعلد الصيني (فدرين) بديل قنطريون.. وهذه نتيجة خبرات وتجارب الأطباء العرب في استعمال العقاقير الصينية فوجودها خير بدائل للعقاقير العربية في حالة عدم وجودها. ومعنى ذلك أن العرب نقلوا الطب اليوناني القديم إليهم في العهد العباسي الأول ثم نقلوه إلى الصين تحت الظروف الخاصة بعد أن طوروه وأكملوه في العهد العباسي الثاني واستفاد الطب الصيني التقليدي منه كثيراً وكان العلماء في العالم يؤكدون أن كتاب "القانون في الطب" لابن سينا وصل إلى أوروبا في العصور الوسطى في الغرب ولم يصل إلى الشرق، ونؤكد على الأقل أن كتابه هذا له آثار واضحة في الكتب الطبية الصينية القديمة أي أنه وصل إلى الشرق في العصور الوسطى أيضاً.‏




الفصل الخامس‏


 في مجال العلوم والتكنولوجيا‏ :

1-الرياضيات: لا ينفصل علم الفلك عن علم الرياضيات وكان جمال الدين يعتمد على علم الرياضيات في تأليف التقاويم وحساب مسارات النجوم وكذلك في صنع الأجهزة الفلكية للمرصد الفلكي الصيني واستفاد في هذه الأعمال من علم المثلثات وعلم الهندسة المسطحة للعالم الرياضي اليوناني القديم اقليدس (سنة 320 قبل الميلاد -سنة 275 قبل الميلاد) وعلم السطوح الكروية ونقل هذه المعلومات الرياضية من العرب إلى الصين ونجد من قوائم الكتب المحتفظة في المكتبة الملكية لسلالة يوان كتبا عربية رياضية مثل كتاب "السفينة الهندسية" في 17 جزءاً وكتاب "طريق حساب السطوح" في 15 جزءاً وهو كتاب" مبادئ الهندسة المسطحة في 13 جزءاً لاقليدس اليوناني ومعنى ذلك أن جمال الدين نقل كتاب اقليدس إلى الصين قبل المبشر المسيحي الإيطالي ماتيو ريسي (MATTEO RICCI سنة 1552- سنة 1610م) بثلاثمائة سنة على الأقل. ومن الكتب العربية أيضاً كتاب "الطرق الحسابية" وكتاب المجسطي" للعالم اليوناني القديم بطليمس (نحو سنة 90 - سنة 168م)..(12)‏


 2-الجغرافيا: لما قامت دولة سلالة يوان على أرض الصين انتهت فترات الانقسامات والحروب الداخلية في تاريخ الصين في العصور الوسطى وتوسعت المملكة اليوانية توسعاً لا مثيل له في التاريخ السابق وقدم جمال الدين والمثقفون الآخرون اقتراحاً بتأليف الكتاب الجغرافي الموحد للبلاد ورحب الامبراطور قبلاى خان بالفكرة وأمر جمال الدين وزميله ومساعده يو ينغ لونغ (YU YINQ LONG) بالمهمة وانجزاه بعد: سنوات وكان الكتاب تحت عنوان "كتاب الوحدة الكبرى لسلالة يوان الكبرى" أو "كتاب الوحدة الكبرى" بالاختصار ويقع في 755 جزءاً ثم توسع إلى 1300 جزءاً ويعد الكتاب منقطع النظير في التاريخ من حيث سعة محتوياته ووفرة معلوماته ودقة إحصائياته خاصة من الفكرة الأساسية المرشدة للكتاب وهي الوحدة الكبرى للبلاد. ولأول مرة يظهر في عناوين الكتب الصينية القديمة عنوان "الوحدة الكبرى للبلاد" اشترك في وضعه وتأليفه القوميات المختلفة بالصين إذ كان الامبراطور قبلاى خان هو من قومية المغول والوزير المشرف على لجنة التأليف من قومية هان ورئيس لجنة التأليف من قومية هوى المسلمة وإلى جانب ذلك كان عدد كبير من العلماء والمثقفين والموظفين من مختلف القوميات قد اشتركوا في هذه الأعمال.‏


 3-الهندسة المعمارية: بعد دخول الإسلام إلى الصين بدا المسلمون يبنون المساجد في أحيائهم وأقدم مساجد بنيت في الصين هي: مسجد هواي تشينغ (مسجد الشوق إلى النبي) في مدينة قوانغتشو ومسجد شينغ جينغ (مسجد الصفاء والنظافة) في مدينة تشيوا نتشو ومسجد شيان خه (مسجد الكركى الملاك) في مدينة يانغتشو ومسجد جين جيا و(مسجد الدين الحنيف الحق) في مدينة هانتشو.. وصار في الصين اليوم حوالي أربعين ألف (40000) مسجد منها مساجد كبيرة وحديثة أو مجددة تمثل الشكل المزيج بين الفن المعماري الصيني التقليدي والفن المعماري العربي الإسلامي.‏


 4-يذكر كتاب "سيرة الشخصيات من قومية هوى المسلمة الصينية عبر التاريخ "جزء عهد سلالة يوان أن يخضر الدين (صوت) هو المهندس المعماري المشهور في عهد سلالة يوان هو الذي صمم المدينة الملكية المحرمة والقصور بها وأشرف على تنفيذ المشروع في عاصمة سلالة يوان (مدينة بكين حالياً). يخضر الدين مسلم من الأصل العربي وصل إلى الصين مع مجموعة كبيرة من العلماء والفنيين العرب في عهد قبلاى خان وتولى إدارة الشؤون المعمارية الفنية في قصر قبلاى خان سنة 1260م وقدم في سنة 1263م اقتراحاً لبناء حديقة جزيرة تشيانغ هوا (QIANG HUA) وبدأ المشروع سنة 1264م وأنجز سنة 1266م وحديقة جزيرة تشيانغ هوا هي حديقة بيى هاى (BEI HEI) في بكين حالياً.(13) وفي ديسمبر سنة 1266م تولى يخضر الدين مهمة وزارة الشؤون الهندسية مع الوزيرين الآخرين للإشراف وتنفيذ مشروع إنشاء مدينة القصور الملكية في العاصمة بكين وكان الوزيران الآخران تشانغ رو (ZHANG ROU) ودوان تيان يو (DUAN TIAN YOU) من كبار الضباط العسكريين ويظهر أن مهمتهما كانت الرقابة والحراسة للمشروع بينما كان يخضر الدين يتولى كافة الأعمال الفنية للمشروع من التصميم إلى التنفيذ وأنجز المشروع من حيث الأساس سنة 1274م وجلس الإمبراطور قبلاى خان على العرش بالقصر الجديد ليقبل التحيات والتهاني من الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين بالدولة.(14) ومنح الإمبراطور بطبيعة الحال المكافآت الكبيرة والشرف العظيم ليخضر الدين الذي واصل جهوده في خدمة القصر والبلاد حتى الوفاة وتولى ابنه محمد شاه (صوت) مهمة وزارة الشؤون الهندسية بعد ذلك وساهم مساهمة عظيمة في الأعمال الهندسية المعمارية للبلاد وتولى بعدة ابنه مبارك شاه (صوت) وحفيده ميزي شاه (صوت) وزارة الشؤون الهندسية ومعنى ذلك أن الأجيال الأربعة من العائلة الإسلامية الواحدة تولوا بالتتابع مهمة وزارة الهندسة المعمارية وقدموا المساهمات الكبيرة للبلاد.(15)‏


 5-الهندسة الآلية: اشتهر الفنيون المسلمون بصنع آلات الرماية وقذائفها في العصور الوسطى واستفاد منهم المغول كثيراً في غزواتهم وبرز منهم اسم علاء الدين واسماعيل في كتب تاريخ الصين. يقول كتاب "سيرة الشخصيات من قومية هوى المسلمة الصينية عبر التاريخ "أن علاء الدين هو معاصر ليخضر الدين ولكنه يختلف عنه في العمل والمهنة إذ كان تخصصه في صناعة المدفع (آلات الرماية) وهو من الأصل العربي وموطنه الأول مدينة الموصل بالعراق ووصل إلى بكين سنة 1272م بأمر من إمبراطور الصين لمساعدة الجيوش المغولية في غزواتها على جنوب الصين وكان معه تلميذه إسماعيل وعائلتاهما، وقد قام علاء الدين وإسماعيل بصنع مدفع نجح في إطلاق القذائف الثقيلة في التجربة أمام الإمبراطور والامراء والوزراء في ساحة كبيرة أمام القصر فأرسلهما الإمبراطور إلى الجبهة الأمامية في جنوب الصين لمساعدة الجيوش المغولية بمدافعهما في إسقاط المدن المحصنة هناك. وتحققت النجاحات الباهرة في ذلك وارتقى علاء الدين في الرتب العسكرية بسرعة حتى وصل إلى رتبة القائد العام لقوات المدفعية للمسلمين سنة 1285م ثم حُوّل إلى المعاش بعد خمس سنوات وخلفه في الوظيفة ابنه فوموجي (صوت) الذي توفي سنة 1312م خلفه ابنه محمد شاه (صوت) في الوظيفة(16) وإسماعيل من الأصل العربي أيضاً وموطنه الأول مدينة النجف بالعراق وحضر إلى الصين ليساعد أستاذه في صنع المدفع وهو الرامي الماهر في إطلاق قذائف المدفع أيضاً وارتقى في الرتب العسكرية بسرعة وتوفي سنة 1274م وخلفة ابنه بوبا (صوت) في الوظيفة وارتقى حتى عين وزيرا للعدل وابنه حسن كان يتنقل بين الوظائف الرسمية المختلفة والابن الثاني لاسماعيل اسمه إبراهيم اشتغل في المدفعية أيضاً وارتقى إلى رتبة قائد لفرقة المدفعية وتوفي سنة 1329م وخلفه ابنه يعقوب في الوظيفة(17).‏




الفصل السادس‏


 في مجال الحكم والإدارة‏ :


 1-السيد الأجل شمس الدين عمر (سنة 1211- سنة 1279م) أصله عربي من آل البيت عاشت عائلته في مدينة بخاري في آسيا الوسطى وأجداده امراء المدينة وحسب ما تسجله كتب التاريخ أن شمس الدين عمر كان من حراس مقربين للإمبراطور جنكيزخان (سنة 1167- سنة 1227م) عندما كان شاباً ثم تولى القيادة العسكرية لمنطقة بشمال الصين والقضاء بمدينة بكين ثم أشرف على عمل الامدادات العسكرية للجيش في الجبهة وعيّن سنة 1261م نائباً للوزير الأول ليشرف على الأمور الهامة العسكرية والمدنية للبلاد ثم حاكماً عاماً بدرجة نائب الوزير الأول لمنطقة شنشي وسيتشوان سنة 1264م واستدعاه الإمبراطور قبلاى خان سنة 1274م وعيّنه حاكماً عاماً لمنطقة يوننان وقال له قبلاى خان أن منطقة يوننان هامة جداً وزرتها في الماضي ولكنها اليوم في حالة عدم الاستقرار والأمن بسبب عدم كفاءة الحكام السابقين وأرى فيك الإخلاص والاتزان وأنت كفء بالمهمة وعمل السيد الأجل شمس الدين عمر 6 سنوات وأنجز خلالها أعمالاً كثيرة وعظيمة نالت التأييد والثناء الواسعين من جماهير الشعب وتوفي شمس الدين عمر سنة 1279م عن 69 سنة من عمره في مدينة كونمينغ ودفن بها.(18)‏

كان السيد الأجل شمس الدين عمر قائداً عسكرياً شجاعاً ورجلاً سياسياً فذاً صالحاً وكان يولى الاهتمام الكبير بتحسين معيشة الشعب ومساعدة الفقراء ورفع الانتاج الزراعي وتخفيف الضرائب وتحسين ظروف المواصلات ونشر العلم والثقافة وتحسين وسائل الري.. وفي أيام حكمه وصل إلى منطقة يوننان أعداد كبيرة من المسلمين وكان يولى الاهتمام بالمسلمين والإسلام وكذلك كان يهتم بالبوذية والكونفوشيوسية والديانات الأخرى.. لشمس الدين عمر خمسة أبناء الأول منهم اسمه نصر الدين خلف والده في الوظيفة بعد وفاته والثاني حسن كان قائداً عسكرياً لمنطقة قوانغدونغ الثالث حسين نائب حاكم منطقة يوننان والرابع عمرى رقيب اقليم والخامس ما صوفو (صوت) حاكم إقليم. ولهم أعمال وإنجازات عظيمة مثل والدهم سجلت في كتب تاريخ الصين.‏

للسيد الأجل شمس الدين عمر أخلاف كثيرون في الصين اليوم.(19)‏


 2-اشتهر في تاريخ الإسلام بالصين شخص اسمه بوتشو كينغ (صوت، توفي نحو سنة 1285م هو عاش مخضرماً بين أواخر عهد سلالة سونغ وأوائل عهد سلالة يوان ونشأ في العائلة التجارية من الأصل العربي. وحسب ما سجلته كتب التاريخ أن عائلته انتقلت من جزيرة العرب إلى فيتنام قبل القرن العاشر الميلادي ثم انتقلت في القرن الحادي عشر الميلادي من فيتنام إلى مدينة قوانغتشو بالصين وكانت العائلة الثرية الأولى بالمدينة وانتقلت في القرن الثالث عشر الميلادي من مدينة قوانغتشو إلى مدينة تشيوا نتشو (مدينة الزيتون) بساحل الصين الشرقي وفيما يبدو أنه وعائلته من رجال الأعمال في التجارة الخارجية عن الطريق البحري إذ كانوا يمتلكون عدداً كبيراً من السفن التجارية ولهم حراسة مسلحة قوية لحمايتها من هجومات القراصنة وكان بوتشوكينغ يتولي قيادة الحامية البحرية لمنطقة فوجيان سنة 1274م وكان يشرف على الأمور الإدارية والعسكرية والتجارية في المنطقة في آن واحد. وفي سنة 1276م استسلم بوتشوكينغ وأتباعه لقوات يوان المغولية وعيّنه قبلاى خان قائداً عاماً لمنطقة فوجيان والسواحل الشرقية كافة. وفي أيام حكمه نشطت وازدهرت التجارة الخارجية الصينية وازداد عدد السفن التجارية القادمة من البلدان الأجنبية إلى الصين خاصة من بلاد المسلمين حتى أصبحت مدينة تشيوا نغتشو تعد من أكبر الموانيء التجارية العالمية في العصور الوسطى. (20)‏




الفصل السابع‏


 الدراسات العربية الثقافية بالصين والتصورات المستقبلية‏ :


 1-ما ذكر في هذه الورقة هو القليل من الآثار والمآثر الكثيرة للعرب بالصين عبر التاريخ وكذلك هو القليل من الكثير الذي قام به العلماء والباحثون الصينيون من الدراسات والبحوث حول المساهمات العربية الثقافية والعلمية والفكرية بالصين واندماج الثقافتين العربية والصينية على مجرى التاريخ الطويل وأذكر على سبيل المثال كتاب "الدراسات في تاريخ قومية هوى المسلمة الصينية" الذي تحدث بالتفاصيل عن خمسين عائلة عربية وصلت إلى الصين في عهد سلالة يوان مع بيان مساهماتها وانجازاتها في الصين. وكتاب "سيرة الشخصيات من قومية هوى المسلمة عبر التاريخ" في أربعة أجزاء كبيرة بداية بعهد سلالة يوان إلى الثلاثينات من القرن الـ 20 وهي نتيجة جهود أربعين سنة من العمل والبحث وجمعت الأجزاء الأربعة سيرة 326 من الشخصيات البارزة لقومية هوى عبر التاريخ، وعدد كبير منهم من الأصل العربي واشتملت مساهماتهم وأعمالهم المجالات، السياسي والعسكري والاقتصادي والثقافي والعلمي والتكنولوجي والديني.. وكتاب" الدراسات في تاريخ العلم الفلكي الإسلامي بالصين" هو المؤلّف العلمي التخصصي البحت ويقع في 376 صفحة ومؤلفه عالم فلكي صيني معاصر قام بالدراسات المقارنة والتحاليل العلمية الحسابية الدقيقة للعلم الفلكي العربي وتوصل إلى نتيجة الإثبات الكامل والإعجاب العظيم به.. ومجلة "دراسة قومية هوى" تصدرها أكاديمية نينغشيا للعلوم الاجتماعية ونشرت منذ انشائها الأبحاث والدراسات القيمة حول الثقافة العربية والإسلامية بالصين..‏


 2-التطورات المستقبلية: مزيد من الدراسات والبحوث حول الآثار والمآثر العربية الثقافية بالصين ويفضل أن تكون هناك مشاركة دولية لتعميقها وتوسيعها ويكون التجميع والتعرف على ما هو متوفر من المعلومات والدراسات والوثائق المتعلقة بالموضوع كأولى الخطوات في سبيل ذلك.‏

إقامة متحف خاص بالآثار والمآثر العربية بالصين لغرض حفظها وعرضها وبيان الصداقة العربية الصينية عبر التاريخ بصورة دائمة.‏

مساهمات من منظمة دولية أو الدول العربية الصديقة في نشر وإصدار الدراسات والمؤلفات الخاصة بالموضوع باللغتين العربية والصينية لتوزيعها في الصين والبلاد العربية.‏

دعم التعاون العلمي والتبادل الفكري بين أطراف المنطقة الدولية والدول العربية والصين وبيان أهمية الحوار في علاقات الأمم والحضارات.‏


 _______________________________________________


 (1) موجز تاريخ الصين تأليف الأستاذ فان وين لان (FAN WEN LAN) دار نشر الشعب سنة 1965م. جزء 2 صفحة 85-86.‏

(2) المصدر السابق صفحة 191‏

(3) تاريخ العرب تأليف الدكتور فيليب حتي (PHILIPK HITTI) طبعة صينية ترجمة الأستاذ محمد ماكين دار نشر الشؤون التجارية سنة 1979م جزء أول ص 86‏

(4) الإسلام والحضارة الصينية" تأليف الأستاذ محمد يوشع يانغ هواى جونغ والأستاذ علي يوى تشن قوى دار نشر شعب نينغشيا سنة 1995م. صفحة 52‏

(5) وثائق تاريخ الإسلام في الصين تأليف الأستاذ جمال الدين باي تشويي (BAI SHOUYI) دار نشر شعب نينغشيا. سنة 1982م. صفحة 180-182.‏

(6)الاسلام والحضارة الصينية ص 146.‏

(7) الإسلام والحضارة الصينية" صفحة 186-188‏

(8) الإسلام والحضارة الصينية صفحة 255-256.‏

(9) المصدر السابق صفحة 258‏

(10) المصدر السابق صفحة 259‏

(11) المصدر السابق صفحة 262‏

(12) "دراسات في تاريخ قومية هوى المسلمة الصينية" تأليف الأستاذ محمد يوشع يانغ هواى جونغ دار نشر شعب نينغشيا سنة 1991م صفحة 213‏

(13) "سيرة الشخصيات من قومية هوى المسلمة الصينية عبر التاريخ "تأليف الأستاذ جمال الدين باى تشو يي دار نشر شعب نينغشيا سنة 1985م جزء عهد سلالة يوان صفحة 92-93.‏

(14)‏

(15) المصدر السابق صفحة 94-95‏

(16) المصدر السابق صفحة 100-101‏

(17) المصدر السابق صفحة 102‏

(18) المصدر السابق صفحة 12-14.‏

(19) المصدر السابق صفحة 15-27.‏

(20) "الدراسات في تاريخ قومية هوى المسلمة الصينية" تأليف الأستاذ محمد يوشع يانغ هوى جونغ. دار نشر شعب نينغشيا سنة 1991م. صفحة 117-118.‏




المصدر : مجلة الفكر السياسي العدد السابع السنة الثانية صيف 1999

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق