الاثنين، 27 أبريل 2015

ورقة خرطوش جان بول سارتر



كان الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر يكتب في المقهى، كان المقهى امتدادا لمكتبه، ومن الطبيعي ان لا يستعمل الكاتب كل الكلمات التي يكتبها ولا كل الجمل التي يركّبها، ومن الطبيعي ان يجد ان فكرته خرجت في هذه الجملة ممسوخة او في  تلك الجملة  سقطا. ولم يشذّ سارتر عن قاعدة الكتابة. احمق من يتبنى كل الكلمات التي تخرج  من شق قلمه، ولم يكن سارتر أحمق في علاقته مع كلماته ،كانت تتراكم على طاولته الاوراق التي لا يريد استخدامها، كانت تنتقل بكل رضى إلى سلّة المهملات في ركن من أركان المقهى. ولكن نادلاً في المقهى قرّر ان لا يكون مصير هذه الاوراق سلة النفايات، كان يأخذها معه في ختام الدوام الى البيت، يحتفظ بفتات أفكار سارتر غير النضيج. كبر سارتر، صار احد اهم الشخصيات الفكرية في فرنسا. مات سارتر، وكثر دارسوه. تحولت، مع الوقت، اوراق النادل الى ثروة علمية لا تخلو من قيمة مادية. وجد الباحثون ان الورق المهمل يحمل بذور فكر سارتر. تشكّل جزءا مما يقال له "ما وراء السطور".

راح النادل يبيع اوراق سارتر، تحولت الاوراق الى فرصة حبرية من ذهب! فاق الخرطوش السارتريّ كل البخشيش الذي ناله من سارتر طوال حياته.

مسودة سارتر لم تكن في حياة النادل اوراقا سوداء.

عرفت اوراق سارتر المسودة كيف ترد الجميل لمن انقذها من سلال النفايات فصارت كالأوراق النقدية .ليس كلّ ما هو في سلة المهملات يستحق الفناء دائما، ثمّة نمط من الـ"ريسيكلاج" اختبره النادل بطريقة تفرح قلوب عشاق سارتر.

من لا مسودة له لا يمكن لك ان تعرف اسلوبه في الكتابة.

تؤدي المسودّة ، بشكل من الأشكال،   دور "كاتم أسرار" الفيلسوف المثير للجدل جان بول سارتر. ما لا قيمة له في نظري ثروة في نظر غيري .القيمة ليست دائما في ذات الشيء وانّما في عين الناظر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق