الثلاثاء، 10 أكتوبر 2017

بين الكاتب والكتاب

الكتاب حين يخرج من المطبعة ينفصل عن كاتبه، تصير له حياته الشخصية، تجربته الشخصية، وعلاقات لا يعرف عنها الكاتب شيئا. أي كاتب يستطيع أن يدّعي انه يعرف سيرة حياة كتابه؟ أين ذهب؟ مع من تغدّى؟ على أي طاولة استراح؟ كيف قضى ليلته الأولى مع من اقتناه؟ الى اي بلد راح مهاجرا؟ والى اي ابجدية التجأ؟ هل كان يخطر ببال المتنبي انه سيولد في الصين شخص يحب العرب، فقرر أن يتخصّص في العربية، ويكتب عن العرب ويترجم مجموعة من القصائد إلى اللغة الصينيّة ومنها قصائد للمتنبّي مثلا؟ حتّى غوغل لا يدّعي أنّه يعرف سير الكتب التي تملأ صفحاته. حياة الكتاب كالدروز والبوذيين تؤمن بتقمص الأرواح. وهل الترجمة غير شكل من اشكال التقمّص؟ تخلع الكلمات الفاظها وترتدي أبجديات لا يعلمها كاتب الكتاب، ولا يحسن التعامل معها. ما هي ردّة فعل نجيب محفوظ رحمه الله وهو يرى مثلا كتابه المترجم الى اليابانية حين يقع بين يديه، هل هو كتابه؟ أليس من المضحك مثلا أن يقع كتابُ كاتبٍ بين يديه،  ولكن يجهل أن يقرأ منه كلمة لأنّه يعود اليه من لغة مجهولة؟ 

لا أعرف ما هي ردّة فعل الكاتب حين يقع بين يديه كتابه وقد ترجم الى لغة لا يعرف كوعها من بوعها! شعور غريب ومريب. يكتشف الكاتب انه يجهل كلّ ما يعرف. يتحوّل الى أميّ لا يعرف الألف من العصا أمام دلالات وأفكار هي من بنات أفكاره!

 فسبحان من جعل من اللغات آيات !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق