مثلما ساهم المسلمون في بعض مظاهر الحضارة، استقوا أيضاً بعض المظاهر من شعوب أخرى، منها مجال الفنون، الذي تأثر فيه العرب والمسلمون في الشرق الأدنى بحضارات أخرى. فما هو الأثر الصيني على فنون الإسلام.
العلاقة بدأت قبل الإسلام
يقول الدكتور زكي محمود حسن في كتابه "الصين وفنون الإسلام": "اتصل العرب والإيرانيون والمصريون بالشرق الأقصى قبل الإسلام، فقد كانت التجارة بين مصر والهند وموانىء البحر الأبيض في يد العرب في الجاهلية".
وقد قيل إن النبي محمد قال "أطلبوا العلم ولو في الصين". ولا نستطيع أن نقطع بصحة نسبة الحديث إلى نبي الإسلام، ولكنه يدل على أن العرب كانوا يعرفون الصين ويدركون بعدها.
وأكدت ماجدة يوسف، مدير عام المتحف الإسلامي في القاهرة، أن التأثير متبادل بين مصر والصين في الفن الإسلامي، وأشارت في تصريحات سابقة إلى أن هناك آثاراً إسلامية بالمتحف متأثرة بالصين، منها سجادة مزخرفة بالسحب الصينية.
ومن بين النصوص التاريخية التي تبرز امتداد نشاط الفن الصيني إلى الشرق الأدنى، كتب "اليعقوبي" في كتاب "البلدان" أنه كان في بغداد في القرن الثامن الميلادي (الثاني الهجري) سوق خاصة لبيع التحف الصينية.
وبحسب مؤلف "الصين وفنون الإسلام": "في المصادر الصينية نص تاريخي يشير إلى وجود فنانين صينيين بمدينة الكوفة في منتصف القرن الثامن الميلادي".
إعجاب وصل إلى الشعر
والحق أن الكتّاب العرب وشعراء الفرس وكتّابهم كانوا يعجبون منذ فجر الإسلام بمهارة الصينيين في الفنون والصنائع الدقيقة، وكانوا يضربون بهم المثل في إتقان التصوير (الرسم) حتى أن أحد شعراء الفرس في العصر الإسلامي يقول في وصف حبيبته إن "شفتها الجميلة تبدو كأنها رسمت بريشة مصور صيني"، بحسب ما جاء في كتاب تاريخ الأدب الفارسي لبول هورن (صفحة 78).
مظاهر الأدب الصيني
هناك كثير من مظاهر الأثر الصيني في الفنون الإسلامية إلا أننا سنورد في ما يلي أبرزها:
الورق
إذا تذكرنا أن الخط الجميل والتصوير في المخططات ميدانان من أهم ميادين الفن الإسلامي، أدركنا ما كان للورق من شأن خطير في تطور هذا الفن. والمعروف أن الصينيين كانوا ينتجون أفضل أنواع الورق. فالصين أول أمة عرفت الورق. كما كان للخط الجميل عندهم منزلة عظيمة فقرنوه بالأعمال الإلهية المقدسة.
وقد تعلم العرب صناعة الورق على يد صناع من الصين، أسرهم المسلمون حين فتحوا سمرقند في نهاية القرن الأول بعد الهجرة (بداية القرن الثامن الميلادي). وفي قول آخر على يد صانع صيني أسره زياد بن صالح. وقد كان العالم الإسلامي يستورد من الصين بعد ذلك ضروباً فاخرة من الورق، لم يصل المسلمون إلى صنع مثلها.
تقليد التحف الصينية
أقبل الفنانون في الشرق الإسلامي على تقليد التحف الصينية. ففي سامراء بالقرن الثالث الهجري، عرف الخزفيون المسلمون مزايا الخزف الصيني وعملوا على إنتاج خزف يشبهه، كما تشهد بذلك القطع الخزفية التي عُثر عليها في أطلال تلك المدينة.
أقوال جاهزة
شارك
غرديروى أن أول من فكر في تصوير النبي محمد هم الصينيون، فرسم رسول ملك الصين صورة النبي سراً
شارك
غردمثلما ساهم المسلمون في بعض مظاهر الحضارة، أخذوا بعض المظاهر من شعوب أخرى، لا سيما الصينية
كما وجد في حفائر الفسطاط إلى جانب الخزف الصيني الصحيح، خزف أنتجه الخزفيون المصريون تقليداً للخزف المصنوع في الشرق الأقصى.
ويرجع تقليد الخزف الصيني في مصر إلى العصر الفاطمي، فقد حاول الخزفي سعد عمر بن مؤمن موسى، المشهور بـ"سعد" فقط ومن نسج على منواله من أتباعه وتلاميذه أن يصنعوا نوعاً من الخزف ذي الزخارف المحفورة تحت الدهان، كانوا يقلدون به خزف "سونج" الصيني (المنسوب إلى أسرة سونج التي حكمت الصين بين عامي 960 و1278).
وقد ازدهرت صناعة الخزف في العصر الفاطمي بسبب تحريم بعض العلماء استعمال الأواني المصنوعة من الذهب والفضة. ولكن تقليد الخزف الصيني لم تتسع دائرته في مصر إلا في عصر المماليك.
السحنة المغولية
من المعروف أن المسلمين في الشرق الأدنى لا ينتمون إلى الجنس المنغولي الأصفر ومع ذلك كله، بعد أن زاد اتصالهم بالشرق الأقصى سياسياً وثقافياً وتجارياً، أقبلوا على جعل السحنة في رسم الأشخاص في تحفهم وفي مخطوطاتهم مغولية إلى حد كبير جداً، فأصبحت مميزات الجنس الأصفر (لا سيما العيون المستطيلة الضيقة) ظاهرة على التحف الإسلامية حتى أن تلك التحف تبدو كأنها صينية.
ويعتبر «الكسباني» وجود السحنة المنغولية في بعض التحف والمخطوطات الإسلامية، مرده عملية الانتقال غير المباشرة للأعمال الصينية، موضحاً أن الشعوب التي كانت تمثل حلقة وصل بين الحضارة الصينية والحضارة الإسلامية، هي التي تسببت في ظهور السحنة المنغولية على بعض التحف الإسلامية.
التجاوز عن تحريم الصور
كان الإيرانيون يشعرون أن تحريم الصور في فجر الإسلام يقصد به تجنب عبادة الأوثان، فلا بأس به بعد أن ثبتت دعائم الإسلام. وفي ضوء الصلة الوثيقة التي قامت بين إيران والصين، نما التصوير في شرق العالم الإسلامي. إلى جانب أن السلاجقة والمغول - بثقافتهم الفنية الصينية - كان لهم فضل كبير في تشجيع الإيرانيين على عدم الاكتراث لتحريم الصور إلا في حالات نادرة.
ويقول الدكتور زكي محمود حسن في كتابه "الصين وفنون الإسلام" إن التفكير في تصوير النبي محمد ربما كان مصدره الصين، فكلنا نذكر ما يزعمونه من أن رسول ملك الصين قد رسم صورة الرسول سراً، وأن ابن وهب القرشي، قد زار بلاط ملك الصين، ورأى فيه صور الرسل، وبينها صورة محمد.
وهذه الواقعة أشار إليها مفتي مصر السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر، علي جمعة، إذ قال في تصريحات صحفية، إن بعض المؤرخين غير المسلمين قالوا إن إمبراطور الصين أرسل له وفداً، ورسم صورة له ليتعرف عليه، مضيفاً أن كتب الفن في الصين تقول إن هناك صورة لرسول الله في التراث الصيني.
الدقة ومحاكاة الطبيعة
أخذ الفنانون المسلمون عن الأساليب الفنية الصينية العمل على محاكاة الطبيعة بدقة وإتقان في رسوم الحيوانات المختلفة والزهور والنبات.
والمعروف أن الشرق الأدنى قد كان منذ العصور القديمة غنياً في استخدام الزخارف الحيوانية، وكانت هذه الزخارف مما ورثته الفنون الإسلامية، ولكن المسلمين كانوا لا يُعنون في البداية برسم الحيوان صورة مطابقة لطبيعته، ومعبرة عن أجزائه المختلفة تعبيراً صحيحاً من الوجهة العلمية، ولذا كانت صور الحيوانات عندهم جافة وقد تبدو مشوهة أو غير طبيعية.
ولكنهم بعد أن تأثروا بدقة الصينيين في رسوم الحيوانات والطير وصلوا منذ القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) إلى تقليد الطبيعة تقليداً صادقاً.
الأشكال الهندسية المتعددة الأضلاع
أكبر الظن أن الشعوب والقبائل التي كانت تقطن آسيا الوسطى قد نقلت إلى شرقي العالم الإسلامي أقمشة عليها زخارف هندسية، بينها الأشكال المتعددة الأضلاع، وتظهر هذه المنسوجات في ملابس الأشخاص المرسومين على الخزف المصنوع في مدينة الري.
وقد أقبل المسلمون منذ ذلك العصر إقبالاً عظيماً على الزخارف الهندسية المكونة من أشكال متعددة الأضلاع وأصابوا في تنويعها وإتقانها توفيقاً عظيماً ولا سيما في الطرز الفنية السلجوقية، والمملوكية، والمغربية.
مظاهر أخرى
من المظاهر الأخرى التي تبرز الأثر الصيني في الفن الإسلامي رسم الصور الشخصية، والذي يرجع الفضل في البدء فيه إلى سلاطين المغول الذين جروا على سُنة عمل الصور الشخصية لأنفسهم على يد فنانين من أهل الصين. ومن المعروف أن المصور الإيراني كمال الدين بهزارد (ولد 854 ه) كان له شأن كبير في النهوض بالصور الشخصية في التصوير الإسلامي.
كما تفهم الفنانون فكرة "احتمال الفراغ" من خلال التحف الصينية، حيث كانوا يهربون في بداية الأمر من الفراغ بالعمل على تغطية التحف بالرسوم والزخارف، إلا أنهم أدركوا من خلال ما وصل إليهم من تحف صينية أن بعض الألطاف - لا سيما في الخزف - لا تفقد شيئاً من جمالها وروعتها إذا كانت ذات لون واحد فقط أو ذات زخرفة بسيطة لا تغطي من مساحتها إلا جزءاً تتفاوت مساحته.
ونقل الفنانون المسلمون بعض الموضوعات الزخرفية عن الفنون الإسلامية، منها: رسوم الحيوانات الخرافية كالتنين والعنقاء، ورسوم الأطباق الذهبية المملوءة بالتفاح والخوخ وهي عند أهل الصين رمز للسلام والسعادة وطول العمر، ورسوم هندسية مكونة من تكرار خطوط مستقيمة أو منحنية أو منكسرة.
وقد برزت هذه الزخارف الهندسية في المساجد إبان العصر المغولي اختلاف وفيما عدد الدكتور زكي محمود حسن في كتابه "الصين وفنون الإسلام" مظاهر الأثر الصيني على الفن الإسلامي، قال أستاذ الآثار الإسلامية، مختار الكسباني لرصيف22، إن التأثيرات الصينية تتوقف على نوعين، الأول الخزف، والثاني صناعة نسيج الحرير كإنتاج ينتج في الشرق الأوسط.
ويرى الكسباني أن هذا التأثير سببه هو أن الشرق الأوسط كان يستهلك كميات كبيرة من هذه المنتجات وبسبب صعوبة النقل نتيجة للحروب وغيرها، حاول الفنانون المسلمون تقليد هذه الفنون وانتاجها في الشرق الأدنى.
علماً أن الفنون الإسلامية لم تتأثر بفنون الشرق الأقصى فحسب، بل أثرت فيها أيضاً، حتى أن ملوك الصين كانوا يعجبون بالأساليب الفنية الإيرانية، ويضمون التحف الإيرانية إلى أثمن التحف الصينية التي كانوا يحتفظون بها.
العلاقة بدأت قبل الإسلام
يقول الدكتور زكي محمود حسن في كتابه "الصين وفنون الإسلام": "اتصل العرب والإيرانيون والمصريون بالشرق الأقصى قبل الإسلام، فقد كانت التجارة بين مصر والهند وموانىء البحر الأبيض في يد العرب في الجاهلية".
وقد قيل إن النبي محمد قال "أطلبوا العلم ولو في الصين". ولا نستطيع أن نقطع بصحة نسبة الحديث إلى نبي الإسلام، ولكنه يدل على أن العرب كانوا يعرفون الصين ويدركون بعدها.
وأكدت ماجدة يوسف، مدير عام المتحف الإسلامي في القاهرة، أن التأثير متبادل بين مصر والصين في الفن الإسلامي، وأشارت في تصريحات سابقة إلى أن هناك آثاراً إسلامية بالمتحف متأثرة بالصين، منها سجادة مزخرفة بالسحب الصينية.
ومن بين النصوص التاريخية التي تبرز امتداد نشاط الفن الصيني إلى الشرق الأدنى، كتب "اليعقوبي" في كتاب "البلدان" أنه كان في بغداد في القرن الثامن الميلادي (الثاني الهجري) سوق خاصة لبيع التحف الصينية.
وبحسب مؤلف "الصين وفنون الإسلام": "في المصادر الصينية نص تاريخي يشير إلى وجود فنانين صينيين بمدينة الكوفة في منتصف القرن الثامن الميلادي".
إعجاب وصل إلى الشعر
والحق أن الكتّاب العرب وشعراء الفرس وكتّابهم كانوا يعجبون منذ فجر الإسلام بمهارة الصينيين في الفنون والصنائع الدقيقة، وكانوا يضربون بهم المثل في إتقان التصوير (الرسم) حتى أن أحد شعراء الفرس في العصر الإسلامي يقول في وصف حبيبته إن "شفتها الجميلة تبدو كأنها رسمت بريشة مصور صيني"، بحسب ما جاء في كتاب تاريخ الأدب الفارسي لبول هورن (صفحة 78).
مظاهر الأدب الصيني
هناك كثير من مظاهر الأثر الصيني في الفنون الإسلامية إلا أننا سنورد في ما يلي أبرزها:
الورق
إذا تذكرنا أن الخط الجميل والتصوير في المخططات ميدانان من أهم ميادين الفن الإسلامي، أدركنا ما كان للورق من شأن خطير في تطور هذا الفن. والمعروف أن الصينيين كانوا ينتجون أفضل أنواع الورق. فالصين أول أمة عرفت الورق. كما كان للخط الجميل عندهم منزلة عظيمة فقرنوه بالأعمال الإلهية المقدسة.
وقد تعلم العرب صناعة الورق على يد صناع من الصين، أسرهم المسلمون حين فتحوا سمرقند في نهاية القرن الأول بعد الهجرة (بداية القرن الثامن الميلادي). وفي قول آخر على يد صانع صيني أسره زياد بن صالح. وقد كان العالم الإسلامي يستورد من الصين بعد ذلك ضروباً فاخرة من الورق، لم يصل المسلمون إلى صنع مثلها.
تقليد التحف الصينية
أقبل الفنانون في الشرق الإسلامي على تقليد التحف الصينية. ففي سامراء بالقرن الثالث الهجري، عرف الخزفيون المسلمون مزايا الخزف الصيني وعملوا على إنتاج خزف يشبهه، كما تشهد بذلك القطع الخزفية التي عُثر عليها في أطلال تلك المدينة.
أقوال جاهزة
شارك
غرديروى أن أول من فكر في تصوير النبي محمد هم الصينيون، فرسم رسول ملك الصين صورة النبي سراً
شارك
غردمثلما ساهم المسلمون في بعض مظاهر الحضارة، أخذوا بعض المظاهر من شعوب أخرى، لا سيما الصينية
كما وجد في حفائر الفسطاط إلى جانب الخزف الصيني الصحيح، خزف أنتجه الخزفيون المصريون تقليداً للخزف المصنوع في الشرق الأقصى.
ويرجع تقليد الخزف الصيني في مصر إلى العصر الفاطمي، فقد حاول الخزفي سعد عمر بن مؤمن موسى، المشهور بـ"سعد" فقط ومن نسج على منواله من أتباعه وتلاميذه أن يصنعوا نوعاً من الخزف ذي الزخارف المحفورة تحت الدهان، كانوا يقلدون به خزف "سونج" الصيني (المنسوب إلى أسرة سونج التي حكمت الصين بين عامي 960 و1278).
وقد ازدهرت صناعة الخزف في العصر الفاطمي بسبب تحريم بعض العلماء استعمال الأواني المصنوعة من الذهب والفضة. ولكن تقليد الخزف الصيني لم تتسع دائرته في مصر إلا في عصر المماليك.
السحنة المغولية
من المعروف أن المسلمين في الشرق الأدنى لا ينتمون إلى الجنس المنغولي الأصفر ومع ذلك كله، بعد أن زاد اتصالهم بالشرق الأقصى سياسياً وثقافياً وتجارياً، أقبلوا على جعل السحنة في رسم الأشخاص في تحفهم وفي مخطوطاتهم مغولية إلى حد كبير جداً، فأصبحت مميزات الجنس الأصفر (لا سيما العيون المستطيلة الضيقة) ظاهرة على التحف الإسلامية حتى أن تلك التحف تبدو كأنها صينية.
ويعتبر «الكسباني» وجود السحنة المنغولية في بعض التحف والمخطوطات الإسلامية، مرده عملية الانتقال غير المباشرة للأعمال الصينية، موضحاً أن الشعوب التي كانت تمثل حلقة وصل بين الحضارة الصينية والحضارة الإسلامية، هي التي تسببت في ظهور السحنة المنغولية على بعض التحف الإسلامية.
التجاوز عن تحريم الصور
كان الإيرانيون يشعرون أن تحريم الصور في فجر الإسلام يقصد به تجنب عبادة الأوثان، فلا بأس به بعد أن ثبتت دعائم الإسلام. وفي ضوء الصلة الوثيقة التي قامت بين إيران والصين، نما التصوير في شرق العالم الإسلامي. إلى جانب أن السلاجقة والمغول - بثقافتهم الفنية الصينية - كان لهم فضل كبير في تشجيع الإيرانيين على عدم الاكتراث لتحريم الصور إلا في حالات نادرة.
ويقول الدكتور زكي محمود حسن في كتابه "الصين وفنون الإسلام" إن التفكير في تصوير النبي محمد ربما كان مصدره الصين، فكلنا نذكر ما يزعمونه من أن رسول ملك الصين قد رسم صورة الرسول سراً، وأن ابن وهب القرشي، قد زار بلاط ملك الصين، ورأى فيه صور الرسل، وبينها صورة محمد.
وهذه الواقعة أشار إليها مفتي مصر السابق وعضو هيئة كبار علماء الأزهر، علي جمعة، إذ قال في تصريحات صحفية، إن بعض المؤرخين غير المسلمين قالوا إن إمبراطور الصين أرسل له وفداً، ورسم صورة له ليتعرف عليه، مضيفاً أن كتب الفن في الصين تقول إن هناك صورة لرسول الله في التراث الصيني.
الدقة ومحاكاة الطبيعة
أخذ الفنانون المسلمون عن الأساليب الفنية الصينية العمل على محاكاة الطبيعة بدقة وإتقان في رسوم الحيوانات المختلفة والزهور والنبات.
والمعروف أن الشرق الأدنى قد كان منذ العصور القديمة غنياً في استخدام الزخارف الحيوانية، وكانت هذه الزخارف مما ورثته الفنون الإسلامية، ولكن المسلمين كانوا لا يُعنون في البداية برسم الحيوان صورة مطابقة لطبيعته، ومعبرة عن أجزائه المختلفة تعبيراً صحيحاً من الوجهة العلمية، ولذا كانت صور الحيوانات عندهم جافة وقد تبدو مشوهة أو غير طبيعية.
ولكنهم بعد أن تأثروا بدقة الصينيين في رسوم الحيوانات والطير وصلوا منذ القرن الثامن الهجري (الرابع عشر الميلادي) إلى تقليد الطبيعة تقليداً صادقاً.
الأشكال الهندسية المتعددة الأضلاع
أكبر الظن أن الشعوب والقبائل التي كانت تقطن آسيا الوسطى قد نقلت إلى شرقي العالم الإسلامي أقمشة عليها زخارف هندسية، بينها الأشكال المتعددة الأضلاع، وتظهر هذه المنسوجات في ملابس الأشخاص المرسومين على الخزف المصنوع في مدينة الري.
وقد أقبل المسلمون منذ ذلك العصر إقبالاً عظيماً على الزخارف الهندسية المكونة من أشكال متعددة الأضلاع وأصابوا في تنويعها وإتقانها توفيقاً عظيماً ولا سيما في الطرز الفنية السلجوقية، والمملوكية، والمغربية.
مظاهر أخرى
من المظاهر الأخرى التي تبرز الأثر الصيني في الفن الإسلامي رسم الصور الشخصية، والذي يرجع الفضل في البدء فيه إلى سلاطين المغول الذين جروا على سُنة عمل الصور الشخصية لأنفسهم على يد فنانين من أهل الصين. ومن المعروف أن المصور الإيراني كمال الدين بهزارد (ولد 854 ه) كان له شأن كبير في النهوض بالصور الشخصية في التصوير الإسلامي.
كما تفهم الفنانون فكرة "احتمال الفراغ" من خلال التحف الصينية، حيث كانوا يهربون في بداية الأمر من الفراغ بالعمل على تغطية التحف بالرسوم والزخارف، إلا أنهم أدركوا من خلال ما وصل إليهم من تحف صينية أن بعض الألطاف - لا سيما في الخزف - لا تفقد شيئاً من جمالها وروعتها إذا كانت ذات لون واحد فقط أو ذات زخرفة بسيطة لا تغطي من مساحتها إلا جزءاً تتفاوت مساحته.
ونقل الفنانون المسلمون بعض الموضوعات الزخرفية عن الفنون الإسلامية، منها: رسوم الحيوانات الخرافية كالتنين والعنقاء، ورسوم الأطباق الذهبية المملوءة بالتفاح والخوخ وهي عند أهل الصين رمز للسلام والسعادة وطول العمر، ورسوم هندسية مكونة من تكرار خطوط مستقيمة أو منحنية أو منكسرة.
وقد برزت هذه الزخارف الهندسية في المساجد إبان العصر المغولي اختلاف وفيما عدد الدكتور زكي محمود حسن في كتابه "الصين وفنون الإسلام" مظاهر الأثر الصيني على الفن الإسلامي، قال أستاذ الآثار الإسلامية، مختار الكسباني لرصيف22، إن التأثيرات الصينية تتوقف على نوعين، الأول الخزف، والثاني صناعة نسيج الحرير كإنتاج ينتج في الشرق الأوسط.
ويرى الكسباني أن هذا التأثير سببه هو أن الشرق الأوسط كان يستهلك كميات كبيرة من هذه المنتجات وبسبب صعوبة النقل نتيجة للحروب وغيرها، حاول الفنانون المسلمون تقليد هذه الفنون وانتاجها في الشرق الأدنى.
علماً أن الفنون الإسلامية لم تتأثر بفنون الشرق الأقصى فحسب، بل أثرت فيها أيضاً، حتى أن ملوك الصين كانوا يعجبون بالأساليب الفنية الإيرانية، ويضمون التحف الإيرانية إلى أثمن التحف الصينية التي كانوا يحتفظون بها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق