الثلاثاء، 10 أكتوبر 2017

اللغة العربيّة في الفضاء السيبيرنيّ / اللغة العربية والانترنت


كنت أودّ وضع العنوان التالي لهذا البحث، ّ سمك الكونغو والأرنب الصيني واللغة العربية"
ليس للناس أيّ تصور عمّا سيقوم به الإنترنت، فنحن لا نزال في أوّل الطريق.
 جيف بيزوس
(مؤسس موقع أمازون دوت كوم)

اللغة العربيّة في الفضاء السيبيرنيّ
أودّ أن أبدأ مداخلتي بالكلام على حكاية صيد السمك في الكونغو. وقد يقول لي قائل: وما علاقة السمك باللغة العربيّة في الفضاء السيبيرنيّ([1])؟ وبعد حكاية السمك، سأروي حكاية أخرى هي عن الأرنب الصينيّ الذكيّ. وقد يقول، أيضاً، قائل: وما معنى الكلام عن الأرنب الصينيّ في محضر الكلام على اللغة العربيّة؟
وأيّ علاقة تربط بين السمك والأرنب واللغة العربيّة؟
لا ننسى أنّنا نعيش في زمن تتحكّم فيه " الفئران"([2]) و"العناكب" في حياتنا اليوميّة. أليس محور حديثنا، اليوم، هو اللغة العربيّة في الفضاء السيبيرنيّ؟
عنوان مداخلتي يغيّب "الفأرة" كما يغيّب "العنكبوت". فالأنترنت هو الشبكة([3]) التي اختير أن تكون " العنكبوتيّة " صفةً لاصقةً بها. والعنكبوت، في الشبكة، تعبير مجازيّ بكلّ تأكيد، ولكن من منّا يمكن له، اليوم، أنْ يعيش بعيداً عن الخيرات المعرفيّة التي تنسجها له خيوط العنكبوت المجازيّة في هذا الفضاء السيبيرنيّ الرحيب؟ ومن منّا لا تحتضن يده، وهو في مكتبه سواء كان باحثاً أم لاعباً، الفأرة التي أدخلها ستيف جوبز([4] ) كخادم لطيف المعشر ومطيع إلى حياة الحاسوب؟
وقد يكون لستيف جوبز مبدع " التفّاحة المقضومة" أكثرُ من إطلالة في محاضرتي هذه. ستيف جوبز الذي أراد تغيير العالم([5])، وكان له ما أراد، يوم أنزل الماكنتوش الى السوق، ويوم أنزل الأيبود الى السوق فغيّر من علاقة الناس مع الموسيقى، ويوم أنزل الأيفون الى السوق فغيّر علاقة الناس مع الفضاء السيبيرنيّ، ويوم أنزل الآيباد الى السوق.
في العام ١٩٨٣ التقى ستيف جوبز بمدير شركة بيبسي كولاJohn  Sculley ، وقال له: هل تنوي الاستمرار في بيع الماء بالسكّر طيلة حياتك أم تريد تغيير العالم معي؟ وعندما استعمل عبارة " تغيير العالم" لم يكن مخطئاً أو مبالغاً في كلامه، فهو قد غيّر العالم فعلاً كما غيّر العالم من قبله ساحر الإلكترونيات توماس إديسون. ومن جملة الأشياء التي غيّرها أيضاً، وإن بشكل غير مباشر، علاقة المواطن العربيّ مع لغته العربيّة، وهنا أحبّ الإشارة إلى أنّ الوالد البيولوجيّ لهذا المبدع الكبير هو عربيّ من مدينة حمص.
في التمهيد لكلمتي أستشهد بعبارة قرأتها عن حكيم هندي سألوه عن الفلسفة، فقال: "هي حسن استخدام واو العطف". وهي عبارة تقول، بطريقة مغايرة، ما عبّر عنه ستيف جوبز في حديثه عن الإبداع بقوله: "هو القدرة على وصل الأشياء مع بعضها"([6])، وأحد التعريفات البلاغية العديدة في العربيّة تعريف لطيف ومقتضب ينظر إلى البلاغة نظرة إبداعيّة شبيهة بنظرة ستيف جوبز، والتعريف يقول: "البلاغة معرفة الفصل من الوصل".
ولعلّ هذا ما يبرّر ربطي بين سمك الكونغو والأرنب الصينيّ واللغة العربيّة في الفضاء السيبيرنيّ.
سمكة الكونغو والهاتف الذكيّ
أرجو النظر إلى الحكاية على أساس أنّها حكاية لغويّة. جزء من العالم السيبيرنيّ هو عالم افتراضيّ، وعليه، فلنتخيّل أو فلنفترض أنّ سمكة الكونغو هي اللغة العربيّة، وأنّ القرّاء والمتكلّمين هم الذين يستهلكون السمك.
أبدأ ببضع أسئلة، وهنا، أحبّ الاستشهاد بكلمة قالها الخليل بن أحمد الفراهيديّ؟ وهي: "الإنسان سؤول عقول"([7]). وأذكر أيضاً بيل غيتس الذي قال عبارة في منتهى الحنكة حيث اعتبر أنّ أهمّ فضل لوالديه عليه كان السماح له بممارسة السؤال دون تأنيب أو زجر ودون التهرّب من إرواء غليله بالأجوبة المحفّزة. وهذا ما اعتبره من أهمّ الدروس التي استقاها من أهله. وعليه، لا عيب في رمي الأسئلة كما ترمى شباك الصيد لاصطياد أكبر قدر من الأجوبة أو من الأسماك، بما أنّ الحديث، في هذه الفقْرة، عن السمك. وبما أنّ الكلام أيضاً عن العالم "السيبيرنيّ" وهي  مفردة لا تخلو من علاقة ودّية مع الماء. فمن معاني " السيبيرنيّة" في اللغة اليونانيّة " القبطان"، والقبطان بحّار محنّك. وكلمة " إبحار"([8]) من المفردات المألوفة في عالم الأنترنت والتي تكاد أن تتحوّل إلى بديل رقميّ لكلمة القراءة في الفضاء الرقميّ!
ما هو الدور الذي يلعبه الهاتف الجوّال الذكيّ في عمليّة صيد السمك في الكونغو؟ هل بمقدور هاتف جوّال أن يغيّر علاقتي كصيّاد بالسمكة، وعلاقتي بالزبائن؟ وهل بمقدور الهاتف أن يخفّف عنّي عبء تكاليف تبريد السمك المعروض للبيع؟ لقد شكّل الهاتف الجوّال "تسونامي"([9]) أطاح بأشياء كثيرة، وغيّر أشياء كثيرة بحسب تعبير مايكل سايلور.
لقد غيّر الهاتف الجوّال طبيعة صيد السمك في الكونغو، لم يعد السمك في سوق السمك وانّما في مياه النهر. هذا ما قرأته في كتاب جميل جدّاً لكلّ من إريك شميدت  Eric Schmidt وهو الرئيس التنفيذيّ لشركة غوغل، وجاريد كوين  Jared Cohen "مدير أفكار" غوغل. والكتاب بعنوان " العصر الرقميّ الجديد"([10]) . الكتاب يدرس التغيّرات التي أنتجها العصر الرقميّ على كلّ الصعد: السياسيّة والاقتصاديّة والنفسيّة والاجتماعيّة والتواصليّة، والتحوّلات التي تشهدها حواسّنا وعلاقاتنا بل وأدمغتنا أيضاً([11])، ونحن نعرف أنّ مفاهيم كثيرة بدأت تتغيّر. هل مفهوم "الانتظار" مثلاً هو نفسه كما كان قبل مجيء الهاتف الذكيّ؟ كان الانتظار قاتلاً، يبطىء سير الوقت، ويقلق نظرات العيون، هذا ما تقوله، في أيّ حال، كلمة "انتظار" المنبثقة، في اللغة العربيّة، من جذر النظر. كان وقت الانتظار وقتاً لدى الغالبية يتلف الأعصاب ويهدر الأوقات، أمّا اليوم فمع الهاتف الجوّال صار الانتظار فرصة للمتعة الإضافيّة بفضل الشاشة الصغيرة التي ترافق راحة اليد، والشبيهة بفانوس علاء الدين السحريّ.
استوقفتني، في هذا الكتاب، حكايات كثيرة، منها حكاية الصيّادات في الكونغو، وكيف أنّ الهاتف قلب حياتهنّ رأساً على عقب. فلقد كنّ أي الصيّادات معتادات على إحضار صيدهنّ اليوميّ إلى السوق، ومشاهدته، أحياناً، وهو يفسد مع مرور النهار، صرن اليوم يحتفظن به في النهر، يقول المثل:" ما حدا بيشتري سمك ببحرو". دحض الواقع في الكونغو بفضل الهاتف الجوّال الاستنكار البادي في المثل، وجعله واقعاً ملموساً. أمثلة كثيرة في أيّ حال بدأ العصر الرقميّ بإحالتها إلى التقاعد. بعد أن يعلق السمك في الأشراك التي ينصبْنها، ينتظرن اتّصالات الزبائن، وعندما تصلهن طلبيّة يتمّ إخراج السمك من الماء وأخذه للشاري حيّاً وطازجاً. لم يعد هناك حاجة للمسمكة، ولا للبرّادات المكلفة، ولم يعد هناك همّ انقطاع الكهرباء، ولم يعد خطر فساد السمك أو انهيار قيمته قائماً، ولم يعد احتمال تسمّم الزبائن بالسمك الفاسد موجوداً، ولم يعد هناك حاجة لصيد الزائد، بل يمكن لحجم السوق أن يزداد أكثر عبر التنسيق مع صيّادي السمك في المناطق المحيطة باستخدام هواتف الصيّادات الخاصّة.
حتّى السمك البائت يظلّ، بفضل الهاتف الجوّال، طازجاً.
إذا طرحت السؤال التالي: ألا يبقى النصّ طازجاً بفضل الفضاء السيبيرنيّ؟ كان النصّ الورقيّ، يبقى أسير طبعته الأولى، ولا يمكن تغييره أو تعديله أو تحديثه إلاّ في حال طبعة ثانية له، وهذه حظوة لا تنالها كلّ المطبوعات، وحين أقول النصّ الورقيّ([12]) فأنا أقصد الكتاب والمجلة والصحيفة وكلّ نصّ مكتوب على ورقة حتّى ولو كان ورقة نعيّ.
أمّا اليوم، وبفضل الفضاء السيبيرنيّ، فإنّ النصّ أصبح نصّاً طرياً، غضّاً، قابلاً في أيّ لحظة للتعديل والتحديث. صار بمقدور النصّ أن يبقى طازجاً، فتيّاً، يسبح في الفضاء السيبيرنيّ تماماً كسمكة الكونغو. كيف أبقي اللغة العربية طازجة كسمكة الكونغو؟ هذا السؤال
استوحيته من كتاب جيف جرفيس([13])" منهجية غوغل: ماذا يفعل غوغل لو كان مكانك؟"([14]). وغوغل له ألقاب كثيرة منها " محراب العصر الرقمي"([15]).
لا يمكن نكران فضل الهاتف الذكيّ على القراءة. لقد غيّر أشياء كثيرة في عالم الناس، وغيّر بالتحديد علاقة من لا يقرأ بالقراءة، ومن لا يكتب بالكتابة. أدّى الهاتف الذكيّ دوراً ما كان بمقدور الكمبيوتر المنزليّ أن ينهض به، ولا كان بمقدور الكمبيوتر المحمول " اللابتوب" أن يقوم به. كم عدد الذين أقبلوا على القراءة بفضله؟ كم عدد الذين ما كان يخطر لهم ببال بعد أن تركوا مقاعد الدراسة واستغنوا عن خدمات الدفاتر والأقلام أنهم سيعودون برغبة وليدة وحارّة إلى الكتابة على شاشة صغيرة ؟.
 لقد جرّ الهاتف الذكيّ عدداً ضخماً ممّن هجر الكتابة وأنف من القراءة ليس من آذانهم وإنّما من أطراف أصابعهم إلى أزرار وملامس لوحة المفاتيح  السحرية. لقد أنجز الهاتف الذكيّ ما عجز عن إنجازه الكمبيوتر المنزليّ من حيث قدرته على الجذب، جذب الأصابع إلى عالم الكتابة، وجذب العيون إلى عالم القراءة، وأنجز ما عجزت الكتب الورقيّة عن القيام به.

الأرنب الصينيّ ولغة النت
انتقل الآن إلى الأرنب الصينيّ، ومن بعد، إلى ما يعرف بـ" لغة النتّ"([16]). فهدفي من حكاية هذا المثل الصينيّ هو قراءة " لغة النتّ" على ضوء دهاء الأرنب الصينيّ، وأتمنّى أن نتعلّم من الأرنب الصينيّ كيف نتعامل مع الحرف العربيّ.
الأرنب الصينيّ، فيما يبدو، يتوخّى الحذر الشديد. يحسب خطّ الرجعة، ويعدّ للعشرة، يعرف أنّ الاحتياط واجب كما يعرف أنّ الدهر لا يصاحب إلاّ من يفكّر في العواقب. من هنا، فإنّه لا يكتفي بباب واحد للدخول إلى بيته، انّه يحفر ثلاثة مداخل متباعدة. لا يستهويه أن يلعب أحد بأعصابه، أو يحرمه من الدخول إلى بيته. ثلاثة مداخل تعني أيضاً ثلاثة مخارج. احتمال الفرار من الفخّ المنصوب له يتضاعف. الباب وسيلة حياة أو موت. الأرنب يحبّ الحياة والنجاة بجلده، ويحبّ اللعب ودغدغة أعصاب من يستسهل نتف فروه أو مضغ لحمه. الباب بالنسبة له مثل القرش الأبيض للأيّام السود.
وأنا أقمّش المعلومات عن هذه النقطة عثرت على صورة لأرنب غبيّ حفر ثلاثة أنفاق تحت الأرض ولكنْ لها جميعاً مدخل واحد، يعني عمليّاً تصرّفه يشبه تصرّف ذلك الذي حفظ عن ظهر قلب الأحاديث الموضوعة([17]) ليحفظ الأحاديث الصحيحة من ألاعيب العابثين. الهدف النبيل والقويم لا يعرف بالضرورة أن يختار الطريق السليم!
طبعاً، في العربية أمثلة كثيرة مشابهة لحكاية الأرنب الصينيّ، منها المثل التالي:"لا تضع كلّ البيضات في سلّة واحدة". أو مثل عامّي حديث هو ابن ولادة المصرف:" لا تضع كلّ مصرياتك( أو أموالك) في بنك واحد".
دهاء الأرنب درس جميل في الحذر، خصوصاً أنّ الاحتياط واجب في زمن كثير التقلّبات. ما علاقة الأرنب بالحرف اللاتينيّ الذي نستعمله في كتابة أسمائنا على مواقع التواصل الاجتماعي؟ لست في وارد تحقير الحرف اللاتينيّ، ليس باحتقار الحرف اللاتينيّ ندافع عن حرفنا العربيّ، فالألفبائيّات متشابهة. وهذه نظرة كان قد التفت اليها فقيه الأندلس الظاهريّ ابن حزم الأندلسيّ بقوله: " وحروف الهجاء واحدة لا تفاضل بينها ولا قبح، ولا حسن في بعضها دون بعض، وهي تلك بأعيانها في كلّ لغة، فبطلت هذه الدعاوى الزائغة الهجينة .([18]) "            هذا ما سأتناوله في الفقرة التالية.

الحرف اللاتينيّ في عصره الذهبيّ
لا يمكن لأحد، اليوم، أن يستغني عن الحرف اللاتينيّ إلاّ إذا أراد أن يعيش معزولاً وأعزل، بعيداً عن متطّلبات العصر الراهن. أيّاً كانت لغتك الأمّ، فإنّه لا يمكنك أن تدير ظهرك للحرف اللاتينيّ. ومهما كان انتماؤك إلى لغتك الأمّ متيناً وحميماً فإنّه محكوم عليك أن تتعامل مع الحرف اللاتينيّ رغماً عن أنفك وحرفك الأمّ. يعيش الحرف اللاتينيّ عزّاً لم يسبق له أن عاشه من قبل، ولا حتّى في زمن الإمبراطوريّة الرومانيّة. غيّر الأنترنت حياة الألفباء اللاتينيّة. تجده حاضراً ناضراً في عقر دار كلّ اللغات التي لا تعتمد الحرف اللاتينيّ. تجده في الدول المتحضّرة منها والنامية. يطلّ برأسه في اليابان، وفي الصين، وفي الهند، وطبعاً في العالم العربيّ. يكفي أن تنظر إلى عنوان بريدك الإلكترونيّ لتعرف أنّ الحرف اللاتينيّ هو وسيلتك الوحيدة للتواصل عبر البريد، ونافذتك التي تطلّ منها على العالم. مفتاح صندوق بريدك الرقميّ حرف لاتينيّ، هذه واقعة لا يمكن دحضها أو الالتفاف عليها. الحرف اللاتينيّ والتقويم الميلاديّ مكوّنان لا يمكن الاستغناء عنهما حتى في أكثر الدول انغلاقاً أو عنصريّة  أو اعتزازاً قوميّاً. انظر إلى أيّ مجلة عربية أو جريدة عربية أو كتاب عربي تجد في مكان ما الحرف اللاتينيّ، قاعداً ومادّاً رجليه حتّى ولو صدر الكتاب في الرياض أو مكّة المكرّمة أو المدينة المنوّرة. الحرف اللاتينيّ، اليوم، قدر علميّ واقتصاديّ. الاعتراف بالواقع لا يعني أنّ هذا الواقع راسخ رسوخ الجبال. جبال الواقع الراسخة ليست، عند التدبّر وتقليب البصر، أكثر من كثبان من الرمال. بل هذا ما تقوله لنا الثورة الرقميّة نفسها. أشياء كثيرة من تكنولوجيّات وتطبيقات العالم الرقميّ الذي نعيش لحظته الموّارة تقول لنا: العمر قصير، وقصير جدّا. ماذا حدث لهاتف نوكيا؟ وأين الفتنة التي رافقت بلاكبيري؟ ومن يضمن العمر الطويل للفايسبوك؟  أو يعرف متى تنتهي صلاحية تويتر؟ أو من يمكنه أن يعرف متى يسقط الـ" واتس أب" عن عرشه المكين؟
تاريخ الحروف كتاريخ اللغات دولاب لا يكفّ عن الدوران(.([19]  ولكن من المؤكّد أنّ تاريخ الحروف أطول عمراً من تاريخ الأدوات التكنولوجيّة التي نستعملها. فالحرف العربيّ عاش في صحبة المخطوط العظميّ ( الكتابة على العظام) والجلديّ ( الرقّ) والورقيّ، وعاش في ظلّ الورق المطبوع، وها هو يعيش، اليوم، في ظلال الكتابة الضوئية أو الرقميّة.
وكلامي عن الحرف العربيّ نابع من واقع لغويّ بل قل من مشهد مقرون بتاريخ اللغات وتاريخ الحضارات معاً. الحضارات لها مداخل متعدّدة، منها الباب اللغويّ، وهذا الأخير له مدخلان أو وجهان: منطوق ومكتوب. لا يمكن لأيّة لغة أن تدّعي أنّها حضارية أو ذات رسالة حضاريّة أو تريد أن يكون لها دور حضاريّ دون أن تهتمّ بوجهيها معاً، وعليه لا يمكن لها أن تهمل وجهها المكتوب.
وجهها المكتوب له ملامح، هذه الملامح تحدّدها الحروف.
في فترات المحن تتزعزع الثقة باللغة وبحروفها. سلامة موسى الكاتب المصريّ المرموق يقول في مقال له بعنوان «حاجتنا الحتميّة إلى الحروف اللاتينيّة» بأنّ علوم العصر سوف تبقى غريبة عنّا ما دمنا متشبّثين بحرفنا العربيّ، وعبارته بحرفيّتها تقول: «لن تُسْتَعْربَ العلوم إلاّ إذا اسْتَلْتَنَ الهجاء العربيّ(أي صار لاتينياً) ». وعدد لا بأس به من المفكّرين الكبار تبنّى وجهة نظر سلامة موسى، ولكنّي أعتبرها وجهة نظر لا تحسن تقليب النظر ، لأنّ التاريخ ضدّهم، والجغرافيا ضدّهم، والتراث ضدّهم، والأمم التي نهضت من كبواتها الحضارية ضدّهم(.([20]
اليابان فكّرت في فترات انعدام الثقة بذاتها أن تلغي طريقة كتابتها، والانتقال من الكتابة المقطعيّة إلى الكتابة الصوتيّة الألفبائيّة، وتبنّي الحرف اللاتينيّ، وهكذا كان الأمر في الصين التي اعتبر بعض مفكّريها وأدبائها في فترة انعدام الثقة والإحباط الكبير إبّان الاحتلال الغربي لأجزاء من امبراطوريتها أنّ أحد أسباب هذا الانهيار العارم أمام جحافل الغرب العلميّة والعسكريّة هو طريقتها في الكتابة التصويريّة( ([21]. كان هناك مشروع لإلغاء الرموز الصينية التي اعتبرها البعض عقبة كأداء في سبيل نهضة الصين. وكان ممّن حاول تسويق الحرف اللاتينيّ أحد أهمّ كتّاب الصين وهو لو شون(鲁迅 / Lǔ Xùn)، تماما كما حاول أحد كبار كتّاب لبنان وهو الراحل سعيد عقل تسويق الحرف اللاتينيّ المُلَبْنَن في الكتابة العربيّة. الكبار غير معصومين من الزلاّت وارتكاب الأخطاء! وليس من الحكمة تحميل الحرف وزر الإخفاقات الفكريّة والسياسيّة والعلميّة . وليس من الحكمة تحميل الحرف وزر الإخفاقات الفكريّة والسياسيّة والعلميّة. اتهام الحرف العربيّ بأنّه قاصر يشبه اتهام " الروموت كونترول" بالخلاعة أو انحراف السلوك وتبرئة الأصابع التي تتحكّم بأزراره!
فشِل مشروع " لَتْيَنَة" الكتابة الصينيّة، واستطاع الرمز الصينيّ في شكليه القديم والحديث([22]) أن يكون حاملاً وحاضناً للنهضة العلميّة والاقتصاديّة والتكنولوجيّة الصينية، بل واستطاعت الصين أن تنهض بلغتها وتعمل على نشرها في العالم عبر فتح معاهد كونفوشيوس([23]) التي يزداد عددها يوماً بعد يوم في أنحاء العالم.
وهنا أحبّ الإشارة إلى ضرورة الاهتمام العربيّ الرسميّ والثقافيّ والتربويّ بالاستراتيجيّة([24]) اللغويّة الصينيّة، والاطّلاع بعمق على الآليات المتّبعة في وضع مناهج تعليم اللغة الصينيّة. فلقد عاشت اللغة الصينيّة في بداية نهضتها أزمة شبيهة بالأزمة التي تعيشها اللغة العربيّة راهناً، واستطاعت بحذاقة فائقة حلّ مشاكل رموزها الكتابية على تعقيداتها مع الكمبيوتر. ويمكن تلخيص الطريقة الصينية في معالجة أزماتها الكلمة المأثورة التي قالها باني نهضتها الحديثة الرئيس الأسبق تانغ شياو بينغ : لا يهمّني ما إذا كان لون الهرّة أبيض أم أسود، ما يهمّني هو أن تصطاد الفأرة.
الثقة هي ما يفتقده المواطن العربيّ في هذا الوقت.  فقدان ثقة متشعّب ومتمادٍ، ومتنامٍ، ومن باب استعادة الثقة السياسيّة والاقتصاديّة والفكريّة والاجتماعيّة، والروحيّة يستعيد المواطن العربيّ ثقته بلغته وحروف لغته.

الاسم العربيّ الجريح
أخذت عنوان هذه الفقْرة من كتاب الكاتب المغربيّ الراحل عبد الكبير الخطيبي، وهو كتاب كان قد وضعه أساساً في اللغة الفرنسيّة بعنوان  La blessure du nom propre، ثمّ نقله الشاعر المغربيّ محمّد بنيس تحت عنوان " الاسم العربيّ الجريح"، ونلحظ أنّ كلمة " العربيّ" زائدة في العنوان المترجم. ووجدت أنّ التسمية العربية للكتاب تنزل حفراً وتنزيلاً في الموضع المناسب،  وفي الموضوع الي أتناوله الآن على السواء.
 فاللغة العربيّة جريحة، والاسم العربيّ، أيضاً، جريح. إنّ هناك علاقة شبه عضويّة بين اللغة والناطقين بها، وهي النظريّة اللغويّة المعروفة بنظريّة " وورف وسابير"([25]) والمواطن العربيّ، اليوم، جريح، ولا أظنّ أنّ أحداً يمكن له نكران ذلك، فالأخبار، كما ترون، تفيض بالدم، ولغتنا جريحة على شاكلتنا، اللغة مرآة صادقة، وهي لن تضحك في وجه من يعبس في وجهها!. وواحد من هذه الجراح الغائرة هو ما يمكن تسميته بـ " لغة النت([26])" ، وهي التسمية التي شاعت في وسط من يكتب العربيّة بالحرف اللاتينيّ.
جزء من الصراعات اللغويّة هي صراعات حروفيّة، ويمكن النظر هنا إلى ما حدث في تركيّا في عهد أتاتورك، أو في الصين([27])، أو في فيتنام، أو في بلاد الصّرب حيث تعيش اللغة الواحدة في لباس ألفبائيّ ثنائيّ ( اللباس اللاتينيّ والسيريليّ). أي إنّه ليس من المستبعد أن تغيّر اللغة جلدها، كما تغيّر الكلمات جلدها باعتبار أنّ الأنظمة الألفبائيّة هي ضرب من ضروب الجلد أو البشرة التي تغطّي الجسدّ الصوتيّ للغة.
 جاء وقت كانت لغات أوروبية تكتب بالحروف العربيّة في بعض مناطق أوروبا بعد أن تمّ طرد العرب من الفردوس الأندلسيّ، وهي الكتابة التي عرفت باسم الخميادا/ الخَمْيادِيّة([28]) aljamía في اللغة القشتاليّة، وكما كُتبت العربيّة نفسُها في فترة من الزمن، وإنْ في حيّز ضئيل، بالحرف السريانيّ، وهي الكتابة المعروفة بـ"الكرشونيّة".
أودّ الآن ربط ما تقدّم من الكلام بموضوع هو ابن شرعيّ للحاسوب، وابن شرعيّ للهاتف الخلويّ. ولكن بداية أحبّ التمييز بين ثلاث فئات ممّن يكتبون بـ"لغة النت"، فالشكلّ الواحد لا يعني أنّ المعنى واحد، الشكل مخادع ويسبّب المشاكل والالتباسات، لذا لا بدّ من توضيح هذه النقطة:
-        الفئة الأولى وهي من وجد نفسه مضطرّاً لأسباب خارجة عن قناعاته بكتابة لغة النت([29])، لأنّ لوحة مفاتيح حاسوبه أو هاتفه لا تتوفّر فيها إمكانية الكتابة بالحرف العربيّ. فوصول الكمبيوتر إلى العالم العربيّ في البدايات كان خالياً وعارياً من الحروف العربيّة. وانطلاقاً من مقولة قرآنيّة " فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ)[30] )، ومن قول عربيّ مأثور يصبّ في المصبّ نفسه: "الضرورات تبيح المحظورات".
-        النوع الثاني لا يدرك تماماً خطورة الكتابة بالحرف اللاتينيّ على لغته العربيّة بل ويكتب بها وهو مرتاح الضمير من دون أن يؤرقه همّ لغويّ معيّن.
-        النوع الثالث وهو ما يمكن ان نعتبر سلوكه ضرباً من التمرّد على الواقع العربيّ الآسن، ولا يجوز التنديد به بل لا بدّ من أخذ سلوكه بالحسبان، وقراءته قراءة موضوعيّة. التمرّد ليس سمة سلبيّة في سلوك الناس. إنّ ما يقوم به النوع الثالث دعوة غير مباشرة، وإن كانت عنيفة، ليقظة سدنة اللغة والقيّمين عليها من سبات لغويّ.
ما هي دلالات كتابة أسماء الأعلام بالحرف اللاتينيّ؟ وما هي دلالات استخدام الحرف اللاتينيّ في كتابة الكلمات العربية؟ وهل في ذلك دلالة على اعتراف أبجديّ ضمنيّ بالتخلّف العربيّ؟ هل يفعل ذلك الصينيّ أو اليابانيّ أو العبريّ([31]) الذي أخرج لغته من عالم الموت السريريّ، وبثّ في جسدها الواهن الدم والروح والأعصاب؟ ولكن أليس المطلوب من القيّمين على مقادير اللغة العربيّة وحرّاسها تلقّف ما يسمّى في علم التواصل بـ"التغذية الراجعة" والعمّل مع علماء الحاسوب  والذكاء الاصطناعيّ على تسهيل استعمال الحرف العربيّ، وابتكار لوحة مفاتيح رقميّة سلسة، مغرية، وسهلة الاستعمال. لقد أزيلت عوائق كثيرة في الكتابة الرقميّة من حيث التعامل مع الأشكال المتعدّدة للحرف الواحد، والنظر إليه في الطباعة على أساس أنّه شكل واحد، والطباعة هي التي تتكفّل باختيار الشكل المناسب، إن كان في أوّل الكلمة أو في وسطها أو في منتهاها.
 الألفبائيّات آيديولوجيات تماماً كما أنّ التكنولوجيا، أيضاً، آيديولوجيا مستترة([32]). وأظنّ أنّه من الخطأ نزع الدلالات الآيديولوجيّة عن الألفبائيّات. إنّنا نعيش في مجد الحرف اللاتينيّ وزمن امتهان الحرف العربيّ حتّى من قبل بعض أتباع السلف الصالح، ولا أظنّ أنّ السلف الصالح كان يعشق الكتابة بالحرف اللاتينيّ. الحضارات تفاصيل، والأبجديّة تفصيل من هذه التفاصيل، ولكنّها تفصيل دالّ. أو قطعة فسيفسائيّة لا تكتمل اللوحة اللغويّة إلاّ بها. إهمال التفاصيل الصغيرة أو عدم أخذها بعين الاعتبار قد يسبّب مآسي كثيرة([33]).
حرفنا العربيّ حرف جميل، نبيل، مطواع، روحه رياضيّة، وتاريخه عريق. لا يتمرّد على يديك وأنت تكتبه. ولكن نحن اليوم ندير له ظهرنا. ماذا نفعل به؟ نتركه لصالح حرف آخر. الحرف العربيّ حرف نورانيّ، مضيء، مشعّ، دافئ .الصفات التي ألحقتها به ليست صفات مصطنعة، مزيّفة .فالحرف العربيّ حرفان :حرف شمسيّ وحرف قمريّ .الحرف العربيّ لا يغيب عنه الضوء. ولا أعرف إن كانت هناك لغة أخرى منحت حروفها هذا الكمّ من الضوء؟
 وأنا هنا لا أتكلّم على من يكتب بالحرف اللاتينيّ، أو من يكتب بـ "لغة النت" كما تسمّى([34]). أحبّ تسليط الضوء على الـ "ديزاين" (design)  واللافتات([35]) وبطاقات التعريف، أي على من يبذل قصارى جهده في فنّ الخطّ وفنّ الديزاين  أو التصميم على الحرف الغربيّ. وهذا خسارة، للحرف العربيّ، كبرى. اكتب وفي ذهني إبداعات الخطّاط العراقي حسن المسعود الذي يفجّر طاقات الحرف العربيّ، يعطيه حرية جمالية بديعة. ما هي اللافتات؟ إنها أشبه بالغرافيتي في الهواء الطلق، معرض للخطّ يمكن أن يتملاّه المرء وهو يتجوّل في الشوارع أو أروقة المولات!
إنّ فنّ الخطّ يحتاج لفنّ الديزاين، فحين يريد شخص ما أن ينشىء " لوجو" أو شعاراً لمحلّه أو لمؤسّسته يقوم بتركيب "لوجو" من حروف لاتينيّة أي أنّ المصمّم يبذل جهداً فنّيّاً وخياليّاً كبيراً ، وهو جهد مشكور،  فتصميم ثوب الكلمة ليس أمراً سهلاً أو بسيطاً، يتطلّب خيالاً فائقاً، خيالاً فنّياً وبراغماتيّاً يربط الحرف بالمهنة، أو يربط الحرف بشخصيّة من يقوم بالمهنة، وهو إلى حدّ بعيد يشبه تصميم الأزياء، الخطّاط مصمّم أزياء للكلمات! ولكن ماذا تستفيد اللغة العربيّة حين ينصبّ الجهد على حرف ليس من طينتها؟ طبعاً، عمل المصمّم لا يذهب هدراً، إنّه رافد جميل ولكن يصبّ في نهر الألفباء اللاتينيّة، يضخّ دماً جديداً في شرايين ألفباء غير عربية. إنّنا نحرم الحرف العربيّ من تفجير طاقاته وقدراته وتوليد خطوط جديدة وتزويده بخبرات جديدة، وتجريب حظوظه الجديدة مع التقنيّات والبرامج المتوفّرة الهندسيّة منها أو غير الهندسيّة. ولكن لا يستفيد منه الحرف العربيّ بقدر ما يستفيد منه جسم الحرف اللاتينيّ.
حين يقوم أصحاب المؤسّسات باختيار الحرف العربيّ كأساس لشعاراتهم فإنّ هذا يخلق حيوية خلاقة تصبّ في مصلحة الحرف العربيّ وفي مصلحة جماليّات الحرف العربيّ وفي مدّ الحرف العربيّ بدم جديد.
نحن أمّة تظلم حرفها، وتظلم لغتها، وتظلم تاريخها، وتظلم حاضرها، وتظلم مستقبلها من خلال تشويه أذهان أطفالها عبر فكّ ذلك الارتباط  الحميم والجميل ما بين الحرف والصوت، وأمّة تظلم جغرافيّتها من خلال تكسير تضاريسها اللغويّة المكتوبة.
رأيت، ذات يوم، في فرنسا شخصاً فرنسيّاً يتعلّم اللغة العربية ليس حبّاً باللغة العربية وإنّما حبّاً بالخطّ العربيّ وقدراته الفنّية. وكان الرجل خطّاطاً فراح يستلهم الحرف العربيّ في كتابة الحرف الفرنسيّ. ورأيت، ذات يوم، صينياً يخطّ الحرف العربيّ من وحي الخطّ الصينيّ هو الخطاط الصينيّ، فأضاف إلى الحرف العربيّ نكهة صينيّة جميلة.
حين كان العرب عرباً، كنت ترى كيف يسافر الخطّ العربيّ في اللغات والشعوب والمدن. فأنت تسمع عن الخطّ الفارسيّ وعن الخطّ العثمانيّ وعن الخطّ المغربيّ والخطّ الكوفيّ وهناك خطّ عربيّ صينيّ، وهنا أحبّ لفت النظر إلى وجود الحرف العربيّ اليوان الصينيّ أي على العملة الصينيّة الورقيّة. ومن الضروريّ والمنعش فتح باب الاجتهاد الحرفيّ على مصراعيه واستثمار القدرات التكنولوجية في توليد أشكال للحرف العربيّ ذي الخصوبة المتناهية، ومن يتتبّع أشكال الألفبائيّات الأخرى يلحظ مدى حيويّتها وخصوبتها واستثمارها في جذب الصغار تحديداً إلى عالم التعلّم والقراءة والكتابة.   
الخطّ العاقل لا يكفّ عن التجدّد والتطوّر. والخطّ العربيّ يمتلك قوّة روحيّة تكلّم عنها الشيخ الأكبر ابن عربيّ في نصّ بديع مستخدما فيه عبارة "نكاح الحروف". ولكنه خطّ يحتاج إلى إنسان تحرّر من " عقدة الدونيّة "، ومن مقولة " كلّ فرنجيّ برنجيّ" . إنسان يحبّ لغته، ويحبّ شعبه، ويحبّ أن تكون له مكانة  مضيئة تحت الشمس!
الاسم العربي في مواقع التواصل الاجتماعي
هنا أتناول نقطة واحدة، هي كتابة الاسم العربيّ بالحرف اللاتينيّ على مواقع التواصل، وتحديداً على الفايسبوك([36])، هذه الامبراطورية الشاسعة الأرجاء التي أسّسها مارك زوكربيرغ ([37]) ، مواطنوها ينتمون إلى كلّ أجناس الخلق، فـ "واحد من أصل كل ستّة أشخاص على وجه البسيطة له صفحة على الفايسبوك"([38]) وكثيرون تحدّثوا عن " ثورة الفايسبوك" والتغيرات التي قام بها على صعد مختلفة: لغوية، وسياسيّة، وفكريّة، واجتماعية كما لا تخلو ردود فعل الناس إزاء هذا الموقع من دلالات كثيرة. وما يلفتني، في هذا المقام، هو تردّد بعض المثقفين الذين فاجأتهم ثورة الانترنت وهم في عمق انغماسهم بالورق، وما ولّد في نفوسهم من خوف في التعامل مع هذه الظاهرة، أو ترفّع ثقافيّ واعتباره شعبيّاً ومجالاً للعامّة ولا يرقى إلى مستوى الخاصّة. ولقد تناول بعض جوانب هذه النقطة بتفصيل طريف الدكتور أحمد صالح في كتابه :" صدمة الانترنت وأزمة المثقفين"([39]) .
أعود هنا الى حكاية الأرنب الصينيّ والحرف اللاتينيّ في التسمية العربية.
لماذا أكتفي بكتابة اسمي بالحرف اللاتينيّ ما دام موقع الفايسبوك يسمح لي بكتابته بلغتين؟ ما هو مبرّر هذا الاكتفاء؟ وما معنى أن اكتب اسمي بالحرف اللاتينيّ على حساب الحرف العربي؟ سأنظر الى الاسم العربيّ نظرتي إلى الدول التي تعطي جنسية للأجانب. هناك نوعان من الدول: دول تطلب منك إذا أردت الحصول على جنسية ثانية أن تتخلى عن جنسيتك الأولى، ودول أخرى لا تهمّها هذه المسألة، أي أنّه بإمكانك أن تحتفظ بجنسيتك الأصلية وتضيف اليها الجنسية الثانية. إمبراطورية الفايسبوك لا تفرض عنك التخلّي عن جنسيتك الأولى أو اسمك الأوّل، ولا تضع أمام اسمك المكتوب بالعربيّة عقبات لا يمكن تخطّيها. وأقول، هنا، رأيي في ما يخصّ الكتابة الاسميّة . لست مع الاكتفاء بكتابة الاسم بالحرف العربيّ ولكنّي لست مع التخلّي عن الحرف العربيّ. لماذا لا نختار الثنائيّة الاسمية. ولماذا لا نضرب عصفورين بحجر واحد؟ الاسم العربي في صيغته العربية ثابت، مكين، بخلاف العشوائية الموجودة في الاسم المكتوب بالحرف اللاتينيّ. الاسم طريق الى حسابك، الطريق العربية معبّدة، حروفها واضحة المعالم لا يصعب على من يعبرها الوصول الى هدفه بخلاف الطريق بالحرف اللاتينيّ، وهو حرف مطّاط لأنّه حرف ليس له مصدر واحد، وانّما له في عالمنا العربي، في الأقلّ، مصدران: فرنسيّ وانكليزيّ. وكتابة الاسم العربيّ بالحرف اللاتيني انطلاقاً من اللغة الفرنسية ليس هو نفسه حين يكتب انطلاقاً من اللغة الانكليزيّة حيث تواجهنا مشقّات صوتيّة كثيرة ومطبّات حرفيّة متعددة بسبب أنّ الصوت الفرنسيّ الواحد له عدّة أشكال مكتوبة وكذلك بالنسبة للحرف الإنكليزي. ومن الممكن إلقاء نظرة بسيطة وعاجلة على عائلة أيّ شخص له موقع على الفايسبوك لنلحظ أنّ الاسم العربيّ الواحد له أشكال متعددة . كثيرون يعتبرون أنّ موقع الفايسبوك وسيلة للمّ الشمل في عالمنا العربيّ، وهو فعلاً وسيلة مذهلة في لمّ الشمل العائليّ، وحول هذه النقطة حكايات طريفة كثيرة. ولكن حين نتأمّل الاسم اللاتينيّ نلحظ أنه لا ينهض بهذه المهمّة الإنسانيّة الجميلة على مستوى لمّ الشمل، بل هو يساهم، حرفياً، في تفتيت عرى العائلة الواحدة وقطع الأرحام الاسميّة. وسأكتفي على سبيل المثال هنا، باسم عائلتي وهو "عبد الهادي"، ولا يمكن لهذا الاسم عملياً أن يكون له اكثر من شكل حين يلبس الأبجدية العربيّة، ولكن هل الأمر كذلك حين انتقل من الحرف العربيّ إلى الحرف اللاتيني، حين يبدّل الاسم ملابسه العربية بملابس لاتينيّة يصير له الأشكال التالية: abdelhadi, abdulhadi, abdelhady, abdulhady وأحياناً يكتب ككلمة واحدة وأحياناً ككلمتين.
إنّ كتابة الاسم بالحرف اللاتينيّ يعني عملياًّ منع دخول آلاف الكلمات العربية إلى عالم الانترنت، وحرمانها من التفاعل مع غيرها من الكلمات، وتقليص المحتوى الرقميّ الاسميّ. والاسم ليس من الأمور التي يسهل الاستهانة به، وقد لا نعرف قيمته. ويعجبني تعريف للإنسان في إحدى القبائل الافريقيّة يخالف طريقتنا في تعريف الانسان بكونه جسماً وروحاً. ولكن هل الجسم والروح كافيان لمنح الانسان وجوداً حقيقياً من لحم ودم؟ هذا ما استدركته تلك القبيلة بإضافة كلمة "اسم" على التعريف الانسانيّ فصار الإنسان جسماً واسماً وروحاً.
أنهي بهذه الرغبة التي أرجو أن تتحقّق، وهي من وحي الأرنب الصينيّ، ما الذي يمنعنا من أن نفتح بابين أي مدخلين إلى حسابنا الحميم في " الفايسبوك" : واحداً بالحرف اللاتينيّ لفتح باب الحوار مع الآخرين واستقبال من يريد زيارتنا من أصدقاء افتراضيّين أو حقيقيين، وباب بالحرف العربيّ لاستقبال أبناء جلدتنا. فليكن حرفنا العربيّ بمثابة غرفة الجلوس أو غرفة القعود، والحرف اللاتينيّ بمثابة الصالون الذي نستقبل به الزوّار الرسميّين؟
الثنائية الحرفيّة مطلوبة في الاسم، تماماً كما أنّ الثنائيّة اللغويّة بل والثلاثيّة اللغويّة مطلوبة من كلّ مواطن عربيّ مخلصٍ لعربيته، وطموح، وراغب في الانفتاح على الآخر. فالأحاديّة القطبيّة اللغوية، راهناً، بحكم الواقع العربيّ العلميّ والتكنولوجيّ حجر عثرة في سبيل نهضة سيبيرنيّة مرتجاة.
فليس من الحكمة أن يكون الالتفات إلى الآخر إدارةَ ظهر للذات؟







مسرد المصادر والمراجع:

-       ابن حزم: الإحكام في أصول الأحكام، ضبط وتحقيق وتعليق: محمود حامد عثمان، دار الحديث، القاهرة، 2005
-       أحمد صالح، صدمة الانترنت وأزمة المثقفين، كتاب الهلال، القاهرة، يوليه 2005
-       إريك شميدت، جاريد كوين: العصر الرقمي الجديد، تر: أحمد حيدر، الدار العربيّة للعلوم ناشرون، 2013 
-       آنخل جنثالث بالنثيا، تاريخ الفكر الأندلسيّ، تر: حسين مؤنس، مكتبة النهضة المصريّة،1955
-       بسمة قائد البناء:  تويتر والبناء الاجتماعيّ والثقافيّ لدى الشباب، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت،2014.
-       بلال عبد الهادي: لعنة بابل، دار الإنشاء، طرابلس، 2013
-       حسن مظفّر الرزو: الفضاء المعلوماتيّ، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2007.
-       ستيفن جونسون: من اين تأتي بالأفكار الجيّدة"، تر: حاتم النجدي، ، مؤسسة الكويت للتقدّم العلميّ، 2014
-       سوسن الأبطح: الفايسبوك ينذر بثورات مقبلة، جريدة الشرق الاوسط، لندن، 9 نوفمبر 2014، العدد 13130
-       عمر زرقاوي، الكتابة الزرقاء، كتاب الرافد، العدد 56، الشارقة، 2013.
-       غاي دويتشر: عبر منظار اللغة، تر: حنان عبد المحسن مظفّر، عالم المعرفة، الكويت، العدد429، 2015.
-       غسان مراد: الانسانيّات الرقميّة، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، 2014
-       ديفيد كريستال: اللغة وشبكة المعلومات العالميّة، تر: أحمد شفيق الخطيب، المركز القوميّ للترجمة، القاهرة، 2010
-       روبرت دارنتون، الكتاب بين الأمس واليوم والغد، ترجمة غسان شبارو، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2010
-       مايكل سايلور: تسونامي التقنيّات الجوالة، تر: احمد حيدر، الدار العربيّة للعلوم ناشرون، 2013
-       نادر سراج: الشباب ولغة العصر، الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2012.
-       نبيل علي : الثقافة العربيّة وعصر المعلومات، عالم المعرفة،الكويت، العدد 265،2001.
-       ناصر محمد الزمل: رقميّون غيّروا حياتنا، العبيكان، 2014
-       نبيل علي: العقل العربي ومجتمع المعرفة، عالم المعرفة، الكويت، العدد 370، 2009.
-       نبيل علي: العرب وعصر المعلومات، عالم المعرفة، الكويت، العدد 184، 1994

-     Anne Cheng: La pensée en chine aujourd'hui, Gallimard, Paris, 2007
-     Christian Morel: Les décisions absurdes, 1, Gallimard, Paris, 2002
-     Ekaterina Walter, La Méthode Facebook, First Editions, Paris, 2013.
-     Jeff Jarvis: La Méthode Google, Que ferait Google à votre place?, Pocket, Paris, 2009
-     Milad Doueihi : La grande conversion numérique, Seuil, Paris, 2011.






[1]-  السيبيرني مصطلح  له عدّة أشكال في اللغة العربيّة، منها: السبراني ، السيبيري، السيبرنيطيقا، السبرانية، السايبيريّ، السبرالي... إلخ، وهي تعريب لكلمة ( Cybernetics) بالإنجليزية المأخوذة من الإغريقية وتعني الموجّه أو الحاكم أو القبطان. والسيبيرنيّة علم حديث ظهر في بداية الأربعينيات من القرن الـ 20 ويعتبر الرياضي نوربرت فينر من أهم مؤسسيه وقد عرّف فينر السِبرانية على أنها " علم القيادة أو التحكم (control) في الأحياء والآلات ودراسة آليات التواصل في كل منهما . حسن مظفر الرزو، الفضاء المعلوماتي، ص 84.
[2]-  كان الماكنتوش اول حاسوب ترافقه الفأرة في العام 1984، ناصر محمد الزمل، رقميون، ص 63.
[3] -  هناك اقتراح " الشابكة" كبديل لعبارة الشبكة العنكبوتية.
[4]-  لقد اخترع الفأرة الحاسوبية دوغلاس إنجيلبيرت Douglas Engelbart ، ولكن من استثمر وجودها وعمّمه هو مؤسس شركة آبل ستيف جوبز. غسان مراد، الانسانيات الرقمية، ص 231.
[5]-  يمكن الاطلاع على كتاب " رقميون غيّروا حياتنا" لناصر محمد قنديل، حيث يتناول الكتاب مجموعة من الاشخاص الذين غيروا ببرامجهم وتطبيقاتهم طريقتنا في العيش.
[6] - وردت هذه العبارة في المحاضرة التي ألقاها  ستيف جوبز عام ٢٠٠٥ في حفل تخريج طلاب جامعة  ستانفورد.
[7]- صيغة " فعول" التي صبّ فيها الخليل بن أحمد الفراهيدي هاتين الكلمتين تفيد المبالغة وهي ذات دلالة عفيّة على دور السؤال في تشكيل المعرفة.
[8] -Milad Doueihi, La grande conversion numerique, Essais, p.41.
[9] - كلمة تسونامي مستوحاة من عنوان كتاب مايكل سايلور ، تسونامي التقنيات الجوالة، تر:احمد حيدر، منشورات الدار العربية للعلوم ناشرون،2013.
[10] - إريك شميدت، جاريد كوين، العصر الرقمي الجديد، الدار العربية للعلوم ناشرون، ص18
[11] - مايكل سايلور، تسونامي التقنيات الجوالة ، ص 235.
[12]- أحبّ الإشارة هنا إلى المفهوم القاصر الذي يحدّد القراءة بكتاب ورقيّ. ينظر: روبرت دارنتون، الكتاب بين الأمس واليوم والغد، ترجمة غسان شبارو، الدار العربية للعلوم ناشرون، 2010.
[13]- يتخيّل الكاتب، ولكن بشكل علمي، كيف كان سيكون التعامل مع الاشياء والمهن لو ان القّيمين عليها هما مؤسسا محرّك البحث غوغل لاري بايج و سيرغي برين.
14- La méthode Google, que ferait Google a votre place? Jeff Jarvis, Pocket, 2009
-[15] ستيفن جونسون، من أين تأتي بالأفكار الجيّدة؟ تر: حاتم النجدي،  مؤسسة الكويت للتقدّم العلميّ. ص 99.
[16] - يمكن الاطلاع على كتاب نادر سراج  الذي تناول هذه الظاهرة، الشباب ولغة العصر.
[17]  الخطأ في ذلك الحافظ هو ان الاحاديث الموضوعة لا تحدّ اي ان محاولته لا يمكن لها ان تحفظ الاحاديث الصحيحة.
[18] - ابن حزم، الإحكام في أصول الأحكام، ص 49
[19] - استشهد الكاتب غاي دويتشر في كتابه "عبر منظار اللغة" بعبارة وردت في كتاب جون هنلي الذي ألّفه عام 1720، وهو "القواعد العالميّة لجميع الألسنة الجديرة بالاعتبار"، وعدّد اللغات التالية: اللاتينية، الاغريقية، الايطالية، الاسبانية، الفرنسية، العبرية، الكلدية، السريانية". ما لفت نظري غياب اللغة  الإنكليزيّة في ذلك الوقت عن اللغات "المعتبرة". أردت من هذا الاستشهاد تأكيد رأيي بأنّ عالم اللغات دولاب! ص 153
[20]- ينظر مقال لوحة مفاتيح، لعنة بابل، ص138.
[21] - ينظر: الكتاب القيّم الذي حررته آن تشانغ La pensée en chine aujourd'hui, ، حيث يشرح الكاتب الصينيّ تشو شياو تشوان في بحثه: "هوية اللغة ، هوية الصين" الأزمات التي عبرتها الكتابة الصينية.ص.ص 270-299.
[22]- اللغة الصينية تكتب اليوم في شكلين، الشكل القديم وهو منتشر في تايوان وهونغ كونغ، أما الشكل الحديث او البسيط فهو الذي اعتمد في الصين في العام 1959، والفارق بين الرمز القديم والرمز الجديد هو في عدد خطوط الرمز الواحد.
[23]- يروي الان بيرفت في كتابه " الامبراطوية الساكنة" كيف ان الاعدام كان من نصيب من يعلم اللغة الصينية للأغراب!
[24] - أحب الإشارة هنا إلى أن الصين هي أوّل حضارة زوّدتنا بكتاب عن الاستراتيجيا عبر كتاب صون تزه " فنّ الحرب".
[25] - يمكن اختصار النظرية بالقول إنّ " تصوّر العالم" هو ابن اللغة التي نستعملها، أي أنّ تصوّرات العالم هي بعدد لغات العالم.
- [26] لهذا التعبير " لغة النت" مترادفات أخرى منها: لغة الأرابيش وهي مفردة مأخوذة من الانكليزية بينما رديفها العربيّ هو " عربيزي"، وهناك مفردة أخرى هي " عربتيني" منحوتة من كلمتي" عربي ولاتينيّ.
[27]-  كان هناك اقتراحات صينية للاسغناء عن الرمز الصينيّ واستبداله بالحرف اللاتيني، وهذا ما أنتج كتابة " البين يين" اي الكتابة الصوتية للغة الصينية. ينظر مقال خطّ سياسي في كتابي لعنة بابل، ص 145.
[28]-  في المكتبة الوطنية في اسبانيا مجموعة من المخطوطات القشتالية كتبت بالحرف العربيّ وهي من نوادر النصوص، وذات أهميّة عن حقبة سوداء من تاريخ اسبانيا أيام محاكم التفتيش. ينظر: كتاب تاريخ الفكر الأندلسي، آنخل جنثالث بالنثيا، تر: حسين مؤنس، مكتبة النهضة المصرية، ص:507
[29] - هنا ، أحبّ الإشارة الى العامل الاقتصاديّ أحيانا وراء الكتابة بـ"لغة النت"، فالجهاز الذي تتوفر فيه الحروف العربيّة قد يكون بينه وبين الجهاز الذي تتوفّر فيه الحروف العربية فارق في السعر رادع! فالقوّة الشرائيّة صاحبة كلمة في هذا الشأن.
[30] - سورة البقرة، الآية 173
[31]- الحنكة تتطلب ان تتعلم من عدوك، أن تستفيد من خططه الاستراتيجية ، وهنا ، أشير الى أشياء كثيرة يمكن ان نتعلمها من اسرائيل على الصعيد اللغوي. ماذا يتغيّر في عالمنا اذا التزمنا بما تلتزم به اسرائيل على الصعيد اللغوي في مجالات كثيرة؟ "ان اسرائيل تحرّم استعمال المصطلح الغربيّ ما إن يتم إقرار مقابله العبريّ "كلمة " تحريم" ليست مفردة بسيطة .انظر الى العبارة السابقة وقارنها بأفواه المذيعين والمذيعات في المحطات اللبنانية.
اسرائيل كانت على تمام الوعي بأنّ وجودها اللغويّ هو الأرضية الصالحة لتأمين وجود جغرافيّ لها .درست في فرنسا لمدى سنتين اللغة العبرية في معهد اللغات الشرقية، وكنت أندهش للجهد الرهيب الذي يبذله اليهود في سبيل مدّ لغتهم بكل اسباب الحياة . هل اليهوديّ في اسرائيل يكتب بـ" لغة النت" ؟ ينظر:  نبيل علي، الثقافة العربية وعصر المعلومات ص 236

[32]-  يقول نبيل علي:" أمّا توجّه اقتناء التكنولوجيا دون الآيديولوجيا، فيبدو برّاقاً في مظهره، الا انه ينطوي على نظرة قاصرة للتكنولوجيا، (...) خاصة ان التكنولوجيا تكاد ان تصبح فرعاً من فروع فلسفة الأخلاق". ص 432
[33]-  مأساة تشالينجر المركبة الفضائية هي بنت تفصيل صغير، يمكن النظر الى هذا التفصيل المدمر في كتاب Christian Morel,Les decisions absurdes,1,p.99
[34] - " لغة النت" تعبير خاطىء من الناحية الألسنيّة، فليست الألفباء التي تحدّد اللغة وإنّما أصواتها وتراكيبها.
[35] نبيل علي، الثقافة العربية وعصر المعلومات، ص 236 حيث يشير الى عجز الحكومة المصرية عن فرض الالتزام بما أصدرته من تشريعات بخصوص عدم استخدام اللغات الاجنبية في لافتات المحلات العامة.
[36] - يمكن النظر أيضاً في الموقع المهمّ الآخر " تويتر"، وهناك دراسة قيّمة قامت بها بسمة قائد البناء في كتابها " تويتر والبناء الاجتماعي والثقافي لدى الشباب".
[37] - ينظر: Edition la méthode facebook , Ekaterina Walter First ، وهو كتاب عن دور الفايسبوك في تغيير كثير من حياة الناس.
[38] - الفايسبوك ينذر بثورات مقبلة، سوسن الأبطح ، جريدة الشرق الاوسط، 9 نوفمبر 2014، العدد 13130

[39] - أحمد صالح، صدمة الإنترنت وأزمة المثقفين، كتاب الهلال، يوليه 2005

هناك تعليقان (2):

  1. مقال كثيف شفيف حول موضوع يشكّل تحدِّ حضاري لا يحتمِل إدارة الظهر له.

    ردحذف
  2. شكرا أخ Halim Nasr على التعليق، وشكرا للمشاركة على صفحتك في الفايسبوك.

    ردحذف