هناك من يظنّ ان اللغات العامية ليس لها نحو.وكأنّها لغات تمشي على حلّ شعرها. وكثيرون يلتبس عليهم الأمر بين اللغة واللهجة. اللهجة لغة. واللغة لهجة. الفارق ليس في طبيعة الفصحى وليس في طبيعة العامية. الفرق في طبيعة التعاطي مع الفصحى ومع العامية. اللغة الفرنسية كانت لهجة سكان باريس، قرار سياسيّ غيّر من طبيعة التعاطي معها فتحوّلت الى لهجة. وكذلك الأمر مع الايطالية والبرتغالية والاسبانية . الفارق بين نحو الفصحى ونحو العامية هو ان نحو الفصحى كتب بينما نحو العامية لم يكتب ( وان كان يمكن لك أن تكتب نحو اي لهجة من اللهجات، بل هناك بعض الكتب التي قعّدت للعاميات). وهناك خوف ، خوف من كتابة النحو العاميّ. ولكنه النحو العاميّ منطوق، ما معنى قول ام لولدها وهو في بداية تعلمه للغته او لهجته: ما تقول هيك قول هيك؟ الا يبعني قولها انها تنطلق من قاعدة لغوية موجودة في رأسها تحاول نقلها الى وليدها؟ الانتصار للفصحى لا يعني " التفخيت " بالعاميّة. وليس من الحكمة اتهام العامية بالركاكة والقبح وعجزها عن ان تكون رافعة للفكرة الجميلة والصورة الجميلة. وغالبا ما اعتمد على الرحابنة حين اريد ان اظهر جمال العامية، فأقول: هل كلمات الرحابنة التي غنّتها فيروز هي كلمات تافهة وركيكة وقبيحة؟ المشكلة العربية ، اليوم، على الصعيد اللغوي، لا هي في الفصحى ولا في العامية وانما في كيفية التعاطي بين الفصحى والعامية، في العمل على انشاء جسور تربط بين الضفتين، وحفر انفاق تربط بين الحالتين اللغوتين، نفق يشبه نفق المانش الذي ربط بين فرنسا وجزيرة بريطانيا. وعدم انشاء جسور وانفاق لغوية هو كسل عربيّ فكريّ راهن.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق