كلمات تحبّ السفر باب الهجرة اللغوية مفتوح. لا يمكن لأي نظام سياسيّ مهما بلغت قدرته القمعية، ان يمنع كلمات من الدخول والخروج . فالكلمات طيور مهاجرة، لا تؤمن بالحدود التي يرسمها الناطقون بها. وطريقة اختيار خارطة طريق للرحلة تشبه طريقة ابن بطوطة. نعم، الكلمات تشبه ابن بطوطة. فهي لا تعرف قدرها، ولا وجهتها، حين خرج ابن بطوطة من طنجة كان في نيّته ان يحجّ. لم يخطر بباله انه طير مهاجر، ( لقد استعمل في مقدمة رحلته كلمة الطير)، ولكن ما ان فارق الديار حتّى وجد نفسه في الصين. لقد قام احد الدراسين بتحديد الكيليموترات التي قطعها ابن بطوطة وهي كيليمترات مذهلة، نسيت الرقم، ولكن كان ردّ فعلي على الرقم مذهلا. الان راي، وهو عاشق للكلمات، يطاردها، يفكفكها، يكتب سيرتها، والكلمات تطاوعه وتستجيب لرغباته، لا تخذل الكلمات من يعشقها، الكلمات لا تؤمن بالحبّ من طرف واحد، ولا تؤمن بالحبّ الأفلاطوني او الحب العذريّ، أصدر هذه السنة الكاتب المعجميّ كتابا بعنوان " سفر الكلمات"، وهو مخصص للكلمات العربية التي دخلت الى اللغة الفرنسية، ويظنّها اغلب من يستعملها انه فرنسيّ المولد والمنشأ. ومنها كلمات من قبيل : jupe, duane, matelas,gilet, masque, coupole,châle , ambre ما نستغربه او قد نستغربه هو طبيعيّ. الغرابة لا تأتي من طبيعيته، وانما من جهلنا من طبيعيته. الجهل مرتع للأعاجيب!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق