لا تزال اللغة سرّا ، وستبقى سرّا الى ان يرفع الحجاب عن فترة الطفولة الصامتة، والى ان يرفع الحجاب كاملا عن ردّ فعل الجنين اللغويّ. ورغم تمنّع اللغة عن الافصاح عن مكنونها، تظلّ هناك امور مكشوفة، منها كيف تستفيد من امر لا يخطر لك ربما ببال. هنا سأتناول نقطة عن انسان يتقن لغتين، على الاقلّ، لغته الام، ولغة ثانية. كلّ الناس تواجههم مشاكل في حياتهم، لا يعيش بلا مشاكل الا الموتى والحمقى، وان كنت اعرف اناسا يعتنون بموتهم كما يعتنون بحياتهم، ولكل مشكلة حلول كثيرة، المشكلة التي ليس لها الا حلّ واحد ليست مشكلة، انها تنتحل صفة المشكلة. ومن طرائف الحلول انك قد تصل الى حائط مسدود، لا تعرف كيف تعبره، تقف. تراوح مكانك. كيف تجد حلا حين تعجز عن ايجاد حلّ؟ استعن باللغة على حلّ مشكلات عصيّة. كيف؟ الأمر ليس صعبا، دراسات كثيرة تقول انّك قد لا تجد حلا لمشكلة لأنّك اسير لغتك، مثلا العربيّ قد يفكر بالعربي في ايجاد حلّ لمشكلته، الحلّ ان يحرّر نفسه من لغته، ان يهرب منها، ولكن الى اين يهرب؟ الهروب الى الصمت يعمّق المشكلة، اذا كان يعرف لغة ثانية، يستنجد منها، يطلب منها ان تساعده في حلّ مشكلته، لأنّ كلّ لغة هي وجهة نظر فكرية وروحيّة.وحين يخرج الى لغة ثانية يكون قد ذهب الى خبرات جديدة، يكون بدأ بابلتعامل مع مشكلته مع مستشار جديد لا يملك ما يملكه الاول من خبرات. الخجل مشكلة. قرأت مرّة عن رجل خجول جدا الىى حدّ انه لا يستطيع ان يصرّح بعاطفته لمن اختارها قلبه، شاءت الظروف ان يغير بلده ويغيّر بالتالي لسانه، لسانه الجديد غير معقود بخلاف لسانه الأوّل الخجول، انحلت عقدة لسانه وعبرها عقدة مشاعره فأحبّ بلغته الثانية، ةتزوج بلسانه الجديد، وعاش حياة طبيعيّة. ولكنّه سرعان ما كان ينطوي على نفسه مجددا بمجرّد استعمال لسانه القديم. لا تعتمد فقط على لغتك الامّ، اعتمد ايضا على امّك بالتبني، الام الثانية ام موضوعية الى حدّ ما، عقلانية الى حد ما. جرّب ان تفكرين بلغتين. كل لسان انسان هكذا قال صفيّ الدين الحلي قديما في احد ابيات شعره: فبادر إلى حفظ اللغات مسارعا فكل لسانٍ في الحقيقةِ إنسانُ من يحبّ لغته الام، حقّا، يبحث له عم امّ أخرى بالتبني. فالام لا تحبّ ان ترى ولدها رهين المآزق والمهالك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق