الأربعاء، 4 أكتوبر 2017

#الترجمة


سأتكلم عن نوع من الترجمة لا يدرج عادة في باب الترجمة. وربّما لا يعتبره البعض داخلاً في حيّز الترجمة.
ماذا أقول عن كاتب لم يعتمد لغته الأم في الكتابة؟
ما هي وظيفة الترجمة؟
هل الكاتب الذي يكتب بلغة غير لغته يكتب بلغة غير لغته فعلا؟
ماذا أقول عن كلّ الكتب التي كتبها الناس بالإنكليزيّة وهم لا ينتمون إلى هذه اللغة انتماء حضاريا، أي أن عاداتهم وأفكارهم ليست عادات وأفكاراً إنكليزية؟
هل الياباني الذي تبنّى لغة ثانية وكتب بها، هو يابانيّ أم ابن اللغة التي يكتب بها؟
ماذا يقول علم اللغة في هذا الشأن؟
ماذا يقول علم اللغة في شتّى مستوياته وفروعه، أي اللغوية المحض، كعلم الأصوات، والمورفولوجيا، وعلم التراكيب ، وعلم الدلالة، والبراغماتية، في حصوص ما يكتب؟ وماذا يقول علم اللغة النفسي، وعلم اللغة الاجتماعي، وعلم اللغة الانتروبولوجي في هذا الخصوص؟
وماذا تقول الأساليب أيضا؟
كيف يكتب الذي يكتب بغير لغته الأمّ؟
كيف يكتب مثلا طالب عربي لنيل شهادة الدكتوراه من أحدى جامعات الغرب حين يكون موضوعه المتنبي مثلا، أو المديح، أو وصف الطبيعة الأندلسية، أو رثاء المدن؟
هل يمكن له أن يهرب من موضوعه، وتشابكات موضوعه مع واقع مغاير للواقع اللغوي الذي يستخدمه في دراسته؟
ألا يغير وهو يكتب في مطارح متعددة بنية اللغة التي يكتب بها؟
أليست هناك تعابير وتراكيب تتسلّل عبر بوابة الترجمة كما تتسلّل عبر أصابع الكاتب نفسه.
وهذه الفكرة ليست حكرا على الحاضر.
فلنا - كعرب- تجربة سابقة وغنية وشيقة في هذا الموضوع.
ماذا فعل الأعاجم في اللغة العربية يوم استخدمها ابن المقفع والهمذاني وابن سينا ؟ 
ومن الشيق عقد مقارنة بين كتب كاتب واحد،ودراسة اسلوبه العربي وأسلوبه الفارسيّ، ورسم خط بياني لأسلوب الماتب الواحد في لسانين. وفي تراثنا العربي كتاب كثيرون كتبوا بالعربية والفارسية، أو كتبوا بالعربية والهندية. وهم كتّاب كبار أصحاب أساليب خاصة بهم.
لعلّ الفارق بين الترجمة العادية وهذا النوع من الترجمة هو الوسيط.
الوسيط في الترجمة العادية هو شخص آخر أغلب الأحيان، بينما الترجمة التي أتكلم عنها هي ترجمة فورية، ويقوم بها شخص واحد ليس على الورق، وإنما تكون حلبتها ذهنه نفسه.
وهنا أيضاً يدخل دور المتلقي. 
فقارىء أمين معلوف مثلا، من يقرأ، وكيف يقرأ؟
حين يقرأ عربي، لبناني، مثلا، كتابا لأمين معلوف في نسخته الفرنسية، هل يقرأه كما يقرأه قارىء فرنسيّ، ليس عنده أي معلومة عن لبنان أو العالم العربيّ؟
وهل يقرأه ككتاب فرنسي كما يقرأ بودلير أو أپولينير أو ألبير كامو، أم يقرأه كما يقرأ توفيق يوسف عوّاد بالعربية على سبيل المثال أو مترجما إلى الفرنسية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق