الأربعاء، 20 سبتمبر 2017

#المطالعة


الاستعمال الكثيف للأشياء يمحوها، والكلمات ضحية استعمالاتها. فلنوظر إلى نوع من الأسماء وكيف صارت " عتيقة"، " بالية"، يتجنّب الأهل اختيارها لأولادهم، وتحديدا بعض أسماء العلم البنّاتية: " جميلة"، " محبوبة"، " عائشة"، " فاطمة". وسأتوقف عند اسم " جميلة" الذي ينفر من اختياره الجيل الجديد رغم ان دلالته " جميلة"!
كيف يصير الجميل غير جميل لفرط الاستخدام؟
انها العادة، والموضة، والزمن، فكلّ زمان يخضع في الاختيار لمعايير متعددة.
ما أقوله عن أسماء العلم ( واستخدمته لأن الفرد يمكن أن يحسّ به أكثر من غيره) يمكن أن يقال عن كلمات كثيرة من خارج ميدان الأسماء، ويمكن أن تكون من ميدان المفاهيم.
هوا سأتوقف عند كلمة " مطالعة". نستعملها بمعنى القراءة، وهكذا نحدّ دلالتها، ولا ننتبه إلى معانيها. وفي حال توقفنا أمامها ونظرنا اليها نظرة اخرى لاختلف فهمنا لها. من أين جاءت هذه الكلمة؟ نعرف هناك مفردات كثيرة من نفس الجذر: " مطّلع"، " اطّلاع"، " استطلاع"، " طُلَعَة"، مطلع قصيدة".
وهي مفردات تحمل معنى حركة، حركة من تحت إلى فوق، فأنت " تطلع" الى البيت .
المطالعة هي طلوع، انتقال من تحت الى فوق. وكلما طلعت انفسحت أمامك الرؤية، فما تراه من سطح برج لا يمكنك أن تراه وأنت في الطابق الأوّل. السطح يمنعك من أن تكون سطحيا، لأنّه يريك ما لا يريك إياه الطابق السفلي. خذ كاميرا وصور ما تراه عينك في الطابق الأول من اي مبنى، ثم صور المشهد نفسه بنفس العدسة من الطابق الأخير، سترى ان المشهد صار بانوراميا، ارحب، اوسع، اشمل.
المطالعة هي فعل الطلوع الى الأعلى، هي فرصة لعينيك للتمتع بمشاهد اغنى وأكثر.
عدم المطالعة تعني ان الانسان تستهويه القيعان لا المرتفعات!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق